هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟

هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟ 1

هذه هي الحلقة الأولى من مقال خطير ومهم فعلاً، بعث به إلينا كاتبه الأستاذ علي الكاش، يطرح أفكاراً جريئة وأسئلة خطيرة وعميقة، وربما يراها البعض قاسية أو منافية للواقع، ولكنه، في كل الأحوال، مقال جدير بالنشر جدير بالقراءة، وأفكاره جديرة بالتأمل والنظر بعمق وحصافة، بعيداً عن التعصب المذهبي والهوى الشخصي، وبعيداً عن التأثيرات السياسية، أياً كان اتجاهها.
هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟ 1
علي الكاش

” وجود المجتهدين الفرس والجالية الفارسية الكبيرة في العراق هو أشبه ما يكون بحصان طروادة في هذه البلاد”. اسحق نقاش/ شيعة العراق.
قد يبدو عنوان المقال إستفزازيا لكن سببه يحمل نفس الصفة، الإستفزاز، ومع هذا فإنه يبقى مجرد علامة أولى في طريق سنسير معا في شعابه المظلمة لإستكشاف خفاياه ونهايته. فقد إنتشر طاعون صور الخميني والخامنئي في البصرة وإنتقلت العدوى إلى بقية محافظات الجنوب ثم توجهت شمالا إلى الفرات الأوسط لتصيب بعدها قلب العاصمة بغداد.

ومع صور ثلة المجرمين بحق العراق والعرب، رُفعت أعلام حزب الله ولا نعرف ما علاقة حزب الله اللبناني بالعراقيين حتى لو إفترضنا ان حزب الله العراقي كان البغل المولود من أب فارسي وأم لبنانية. فهذا الحزب لا يوجد له تمثيل قوي وفاعل في العراق ورفع اعلامه بهذه الكثافة في العاصمة بغداد يطرح كثير من علامات الإستفهام.
من البديهي أن تقف حكومة المالكي موقف المتفرج ازاء إستفحال هذه الفايروسات الخطيرة، فهي من نقلتها معها إلى العراق. وربما وجدت في الصور واللافتات فرصة مناسبة لكي تظهر لوزير الدفاع الايراني خلال زيارته اليتيمة للعراق بأن يشعر كأنه في بلده إيران! سيما أن هناك زيارات لاحقة لقائد القوة البحرية الإيراني خلال الأيام القادم، وزيارة مرتقبة للرئيس نجاد أكدها السفير الايراني في بغداد (حسن دنائي) دون تحديد موعدها. ويُذكر بأن هناك توجيهات محدودة التداول للشرطة من قبل وكيل وزارة الداخلية لمراقبة اللافتات الكبيرة في الساحات العامة حرصا عليها وخشية من العبث بها!

 
لاشك أن هذه الصور المقيتة تشكل إنتهاكا صارخا للشعب العراقي عموما ولشهدائه ممن قتلوا في حرب الخليج الأولى (1980/1988). ولا يمكن قبول أية حجة لتوزيعها بهذه الكثافة ورفعها في الشوارع الرئيسة. وأي عراقي لا يتأثر بهذا المشهد المخزي يمكن أن نحكم عليه بأنه عار على العراق. ونحن قبل ان ندخل صلب الموضوع نتساءل بحيرة:
ما الذي قدمه الخميني للعراقيين لكي يرفعوا صوره؟
أليس هو مجرم حرب وبرقبته دماء الأبراء من الشعبين المسلمين العراقي والإيراني؟
أليس هو من رفض وقف الحرب من الأسبوع الأول بعد موافقة العراق ضاربا بعرض الحائط كل الوساطات الدولية والعربية والإسلامية؟
ألم يشبِّه هذا الوغد وقف حمام دم المسلمين بكأس سم جرعه رغم أنفه ولم يمهله سوى أشهر ليحل ضيفا عزيزا على جهنم؟
ألم يقصف الخميني مدن هؤلاء الرعاع العراقيين الذين رفعوا صوره، بالصواريخ وهدم البيوت على رؤوس أصحابها؟
ثم ما الذي قدَّمه الولي الفقيه الخامنئي للعراقيين سوى التعاون مع الشيطان الأكبر لغزو العراق وتدميره، علاوة على تربية وتفقيس الميليشيات الإجرامية للعبث بأمن المواطنين؟
ألم يقطع الولي الفقيه الماء على العراقيين ويرمي بأملاح تربته على أرضنا المقدسة؟
ألم يغرق سوقنا بالسلع الرديئة والأدوية الفاسدة؟
ألم يسرق نفطنا ويستولي على آبارنا الحدودية بذريعة الآبار المشتركة؟
ألم يجعل العراق مستهلكا للمخدرات، ومعبرا لتهريبها إلى دول الخليج العربي؟
فعلام ترفع صورته؟
أليس الأصوب أن تداس صورهم بالأحذية القديمة؟
لا نعتب على الحكومة، فايران هي الحبل السري الذي يؤمِّن لها الحياة والإستمرارية. ولا نعتب على البرلمان فربع نوابه من الفرس، والربع الآخر متفرس، والربع الثالث مخنوق لا يقدر على النطق والربع الأخير لاعلاقة له بالعراق أصلا! فقد أخذ حصته في شماله وانسلخ عن المواطنة والمذهب. وربما اسوار المنطقة الخضراء العالية تُحجب رؤية الصور واللافتات عن أنظار رئيسها الهمام وشراذمه! سيما ان النواب المنتخبين من الشعب بطريقة شفافة للغاية لا يغادرون حصنهم الأخضر.
ولكن نقول أين شيعة العراق العلويون؟ لم نر، ولم نسمع بتظاهرة ولا استنكار ولا تصريح ولا مناقشة، حتى على مستوى عشيرة، تندد بتلك الظاهرة المخزية!
من المؤكد ان العشائر التي كشفت مؤخرتها للمالكي ونواب السيستاني كمناف الناجي وسمحت لهم بالإفلات من عقاب القضاء تقع خارج تغطية شبكة الغيرة والشرف. فهي غير مقصودة وغسلنا أيدينا ممن لم يغسل عاره بيده. لكن أين بقية العشائر؟ أين المفكرون والكتاب والمثقفون الشيعة؟ اين المراجع الدينية كالصخري والمؤيد والخالصي؟ أين نقابة الصحافيين ومؤسسات المجتمع المدني؟ أين أصحاب الغيرة والشرف؟ هل ولد العراق عربيا ليموت فارسيا؟ أين الأحزاب التي تدعي الوطنية؟
في يوم القدس العالمي كانت أذرع بعض العراقيين الأراذل ترفع صور الخميني والخامنئي! وفي إحدى اللافتات كتبت جملة للخامنئي جاء فيها” قدر الله ان فلسطين سوف تتحرر”.
عجبا! ما الذي فعله الخامنئي للفلسطينيين؟ الم تقتل ميليشياته الفلسطينيين في العراق وشرَّدت المئات مهم لخارجه ولم تنفع توسلات وإستنجادات أبو مازن للطالباني؟
هل حرر الفقيه القدس دون أن نعلم؟
هل دكت صواريخه الكيان الصهيوني؟
هل منح عائلة كل شهيد فلسطيني (25000) دولار؟
ألم يعمل على بثت الفتنة بين الفصائل الفلسطينية بدعم طرف موالي لدولة الفقيه دون بقية الأطراف؟
ألم يَدَّعِ هو وسلفه بأن تحرير القدس يتم عبر تحرير كربلاء! والآن هاهي كربلاء تحررت من الحكم الوطني ومن العروبة أيضا وطريقها بات مفتوحا للفقيه لتحرير القدس، فما الذي يعرقل مسيرته؟ أم هو ضحك على الذقون؟ سيما إن وثائق ويكليكس كشفت عن قسم قاسم سليماني بعدم إستهداف الأمريكيين في العراق، وكلنا يعلم ان من بينهم صهاينة! والذي لا يستهدف الأمريكيين لا يستهدف الصهاينة فهما وجهان لعملة واحدة.
ويكفينا ما جاء في مذكرات (أرييل شارون) بقوله” لم أرَ يوماً في الشيعة أعداء إسرائيل على المدى البعيد”.
يا للهول! على المدى البعيد وليس القريب. من ضمن له هذا الأمد البعيد يا ترى؟
أولئك الأوباش الذي رفعوا صور العفونة والقذارة يحيروننا حقا!
أليس من بينهم من قدَّم شهيدا أو أسيرا أو معوقا خلال الحرب العراقية – الإيرانية؟
أليس من بينهم من له أم أو أخت أو قريبة أرملة شهيد؟
أليس في عوائلهم أيتام استشهد آباؤهم في الحرب؟
ألم تذرف عيونهم الوقحة دموعا على أب أو أخ أو قريب أو صديق من الشهداء؟
ألم تهتز مشاعرهم، البشرية، وهم يرفعون توابيت الشهداء بنفس الأيادي التي ترفع اليوم صور من قتلهم؟
ألم يشهدوا مراسم دفن الشهداء في المقابر؟
ألم يحضروا مجلس عزاء شهيد وقرأوا سورة الفاتحة على روحه الطاهرة؟
أليست عندهم ذرة من الغيرة، ونبضة شرف، وقطرة عرق كرامة، ليحترموا مشاعر أهل الشهداء؟
أبشر هم أم قطيع من الذئاب؟
نستذكر جميعا كيف قامت قيامة الشيعة والمراجع عندما صرح الرئيس حسني مبارك بأن ولاء أغلب الشيعة في العراق والمنطقة ليس لدولهم. كأنه بتصريحه هذا فرك مصباح حوزة النجف فأخرج جني سيستان من قمقمه المظلم ليرد على إدعائه، معتبرا إن كلامه يعني الطعن في وطنية عشرات الملايين من أبناء هذه المنطقة والنيل من مواقفهم المشرفة على حد تعبيره.
ولم يستشهد سماحته (!) بالطبع بالحرب العراقية الإيرانية! كأنه لم يكن للشيعة دورا مشرفا في مقارعة قومه الفرس! وإنما استشهد بثورة العشرين وتصديهم للإحتلال البريطاني. متناسياً بأن ثورة العشرين لم تكن ثورة شيعية بل ثورة وطنية إجتاحت العراق من شماله إلى جنوبه وكات لمختلف شرائح الشعب دور فيها، ولا ننكر اليد الطولى للشيعة. وكان موقف المراجع من بطانة السيستاني مخزيا حينها ما بين الإذعان للبريطانيين أو التوسط بينهم وبين العشائر الثائرة (سنناقش هذا الموضوع بمبحث مستقل) إلا النزر القليل من العلماء العراقيين وليس الفرس ممن تعاطفوا مع الثوار.
ثم كيف يرد شيعة العراق الآن على تصريح مبارك وصور الخميني والخامنئي تنتشر في معظم شوارع بغداد وجنوب العراق والفرات الأوسط؟
هل كان مبارك محقا أم على خطأ؟ وما هي مؤشرات الخطأ والصواب على الواقع الحالي في العراق؟
نعم قد لمسنا أثر التشيع الصفوي في العراق. ولكننا لن نلمس ردة فعل التشيع العلوي بعد!
فأين العلة أهي شلل العقول أم شلل الأبدان؟
سنرجع قليلا إلى الوراء لنلقي الضوء على التغلل الفارسي لشيعة العراق والذي إنتهى إلى هذه النتيجة الخطرة وتداعياتها المستقبلية على البلاد.
سننطلق من تأريخ تأسيس المملكة العراقية ونستقرأ موقف المراجع الشيعية تجاه الحكومات الوطنية من جهة وتجاه حكومة طهران من جهة ثانية ونستمر للزمن الحالي. لأنه بدون البحث في الأساسات يصعب معرفة طبيعة البناء وسيما العقائدي منه. وقبل هذا وذاك لابد من معرفة الفرق بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي، ولا نعتقد إن هناك من كتب عن هذا الموضوع افضل من الكاتبين الشهيدين د. علي شريعتي وهو فارسي، وإحسان إلهي ظهير وهو باكستاني (رحمهما الله) وكلاهما كان ضحية الغدر الفارسي بسبب مواقفهما الجريئة ضد التشيع الصفوي ومناقشة إنحرافاته الخطيرة عن خط الإسلام. ونفس الجهة الغادرة كان لها دور سلبي في العراق المحتل من خلال تصفية الآلاف من العلماء والاكاديميين والمفكرين والسياسيين المعارضين لغطرستها وشعوبيتها واطماعها التوسعية، علاوة على صفاقتها ورعونيتها. وكان آخر شهيد في القافلة محمد مصبح الوائلي ورغم ان للشهيد مواقف يصعب غض النظر عنها، لكننا سنتجاوزها من منطلق إذكروا محاسن موتاكم. والحقيقة التي لا يمكن إغفالها إن الأخوين محمد مصبح والحي إسماعيل مصبح كان لهما مواقف وطنية أزاء رفض التدخل الإيراني في العراق ولاسيما جنوبه، الذي تؤكد كل المؤشرات على الأرض انه أصبح الحديقة الخلفية لملالي طهران.
(ملاحظة من الناشر: نختلف طبعاً مع السيد الكاش في تقييمه لمواقف الاخوين مصبح، لأننا نرى انهما جزء من مخطط الاحتلال الفارسي، كون موقفهما من النظام الوطني الشرعي في العراق واضح، وخدمتهما للمشروع الاحتلالي واضحة أيضاً).
التشيع الصفوي قائم على دعامتين هما المذهبية (الصفوية) والعنصرية (الفارسية)، في حين ان التشيع العلوي يقوم على أساسي العروبة والفقه العلوي.
وفي الوقت الذي إرتبط التشيع العلوي بالأئمة وتعزيز الإسلام، إرتبطت الصفوية بالنصرانية وعملت بجد على تقويض الخلافة الاسلامية، وكان لها دور فاعل في إنهائها لصالح العالم المسيحي.
ونفس الحالة تكررت مع إحتلال إفغانستان والعراق حيث تعاون النظام الصفوي مع الأنظمة المسيحية والكيان الصهيوني لغزو بلدين مسلمين وتدميرهما.
يذكر شريعتي بأن” اكسير الإستحمار الصفوي تمكن من تحويل الدم إلى ترياق، وثقافة الإستشاد إلى ترنيمة “.
ورغم ان التشيعين يحملان تقريبا نفس الصفات العقائدية، لكن النسخة الصفوية هي نسخة مشوَّهة للتشيع العلوي. فالتشيع العلوي تشيع إسلامي عقائدي صرف منفتح وبعيد عن الكهنوتية، في حين التشيع الصفوي تشيع روحاني كهنوتي ذو أصول صوفية إنعزالية.
التشيع العلوي هو مذهب آل البيت القائم على القرآن والسنة النبوية، ويهدف إلى إشاعة روح العدالة والتسامح والقوة والأخاء ومقاومة الطغاة والمستبدين ومحاربة الغلو والتطرف، والتمسك بحبل الله، وتوحيد المسلمين فعلا وقولا. والتشيع الصفوي مذهب شعوبي مكوِّنه الأساسي عقائد مختلفة من النصرانية واليهودية والمانوية والمجوسية والديانات الهندية. إنه خليط فكري غير متجانس مختلف الأسس، لكنه موحَّد البنيان، غايته تدمير الإسلام وتفريق وتشتيت المسلمين على يد فئة ضالة تتنكر بإسمه، كي يصعب على الآخرين تشخيصهم أو تجنبهم.
فالعترة مثلا في التشيع العلوي تعني القرآن الكريم والسنة النبوية ولا علاقة لها بالنسب والوراثة. أما العترة في التشيع الصفوي فهي أسرة الإمام علي فقط، أي إعتماد صلة النسب والوراثة وقبول أفكار هجينة تتعارض مع القرآن والسنة وفقه الأئمة نفسه.
والعصمة في مفهومها العلوي تعني تحمل الحاكم مسؤولية رعيته فهو مسؤول أمام الله تعالى عن أحوالهم. وتستلزم الزعامة أن يتمسك بحبل الله ويبتعد عن الكبائر ومطامع الدنيا، وأن يتولى تحقيق العدالة والمساواة والخير لهم. لكن العصمة في التشيع الصفوي نزَّهت الأئمة عن الخطأ والزلل فأفقدتهم طابعهم البشري وكستهم ثوب الألوهية، وجعلت أقوالهم واعمالهم معصومة، فهم ينطقون عن الوحي رغم ان النبي نفسه لم يكن معصوما إلا في حالة نقل ما يوحى إليه من الله جلٌ جلاله.
والولاية في التشيع العلوي هي مبايعة الناس لمن يتولى زمام رعايتهم والتزامهم بالطاعة وتأدية الواجبات وفقا لمعطيات القرآن الأحاديث النبوية والاجتهاد فيما لم يرد فيه نص قرآني أو نبوي. لكن الولاية في التشيع الصفوي أحيطت بهالة مقدسة وأصبحت منزلتها أعلى من النبوة نفسها. وإن عدم الإعتراف بها يعني الشرك بالله وضمان دخول جهنم. لقد أمست مرسوما إلهيا خُصَّ به علي بن أبي طالب وآل علي فقط.
التقية في التشيع العلوي حالة خاصة وقتية يتطلبها ظرف ما لغرض المناورة وإتقاء شر الجبابرة والظالمين، لكنها في التشيع الصفوي قاعدة إيمانية عامة، غير ظرفية زمانا ومكانا، بمعنى النفاق والدهاء والمداهنة.
والشفاعة في التشيع العلوي الغرض منها معنوي وتنحصر في مجال التوبة لمن عصى الله واعطاءه الفرصة للرجوع الى الطريق القويم. لكنها في التشيع الصفوي تعني منح المغفرة من الذي لا يمتلكها إلى الذي لايستحقها. وجعلوا من شفاعة آل البيت مفتاحا للجنة يدخلها الشيعة مهما تمادوا في عصيان الله وإقتراف الكبائر والذنوب.
والتقليد في التشيع العلوي يعني الحرية المزدوجة لعالم الدين في إجتهاد ضمن الرؤية القرآنية والنبوية وفقه آل البيت، وكذلك حرية الفرد في تقليده وإتباع ما يناسبه. بينما يعني التقليد في التشيع الصفوي سلب حرية الاختيار من الفرد، فيكون ملزما بتطبيق كل ما يقرره المجتهد حتى لو خرج المجتهد عن القرآن والسنة النبوية وعقيدة آل البيت أنفسهم.
ومثال ذلك مراسيم عاشوراء وما يصحبها من عويل ولطم وتطبير واعمال سادية أخرى حرَّمها الشرع ونهى عنها ألأئمة أنفسهم، في حيث يحث عليها العديد من مراجع الشيعة، ويكفينا سكوتهم عنها.
التشيع العلوي هو مذهب التوحيد والمحبة والتسامح والأخاء والألفة والتجديد والإنفتاح والإنسانية والعروبة والجهاد واحترام الخلفاء الراشدين جميعا مع خصوصية للإمام علي (ولا إعتراض مطلقا على تلك الخصوصية) والإشادة بجميع الصحابة حتى لو كانت لهم مواقف وآراء تتعارض مع الإمام علي وخلفه.
فالخلافات الإجتهادية بين الصحابة حالة إنسانية وطبيعية، وهي تغني العقيدة والمعرفة ولا تقوضها. بينما التشيع الصفوي هو مذهب الفرقة والجمود والعزلة، مذهب الحقد والكراهية للعرب عموما، إنه مذهب العنصرية المقيتة والتآمر والتعاون مع أعداء الإسلام. مذهب رخيص ينتهج اسلوبا فاحشا وكلاما بذيئا بحق الخلفاء الثلاثة ابو بكر وعمر عثمان رضي الله عنهم وامهات المسلين، سيما حفصة وعائشة التي برّأها الله تعالى ولم يبرأها الصفويون! علاوة على سب صحابة الرسول سيما معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه صهر النبي صلى الله عليه وسلم، الذي وصف الامام علي رضي الله عنه خلافه معه” ان ربًنا واحد ونبينا واحد ودعوتنا في الاسلام احدة. لانستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدونا. الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه دم عثمان ونحن منه براء”. (نهج البلاغة /649).
إذن كلاهما، علي ومعاوية، رضي الله عنهما، يعبدان الله الواحد الأحد، ويؤمنان بنبي واحد، وكتاب واحد، ولهما دعوة واحدة وايمان متكافيء. الخلاف حول نقطة واحدة فقط وكل منهما إجتهد في رأيه والله هو الحكم بينهما! فما شأننا بخلافهما حول جريمة قتل عثمان رضي الله عنه، طالما إن ما يجمعهما هو أكثر بكثير مما يفرقهما.
على مر الدهور كان لبلاد فارس دورا سلبيا إتجاه العراق الذي صار عنوانا لمطامعها التوسعية وميدانا لنزاعاتها المذهبية تارة مع الخلافة العثمانية، وتارة لصراعاتها مع الوهابيين، فدفع ابناؤه دماءً غزيرة لصراعات ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، فلا جاره الشرقي المسلم رحمهم/ ولاجاره الغربي المسلم رحمهم. ولم تغفل عيون المارد الفارسي لحظة واحدة طريدته العراقية فهو يتربصها دائما، معتبرا إنه أحق بها من غيره.
تنطلق الرؤية الفارسية للعراق بأنه طالما خضع لنفوذه حقبة طويلة من التأريخ فهو جزء منه. بالرغم من عدم وجود أية خصائص مشتركة بين الشعبين العربي والفارسي قبل الإسلام. وبالرغم من سيطرة العراق أيضا على بلاد فارس في حقب تأريخية سابقة، لكنه لم يمد نظره الى ما بعد من حدود النظرة التأريخية.
والغريب في هذا الأمر إن الامبراطورية الفارسية سيطرت ليس على العراق فحسب، بل على بلاد واسعة كأواسط آسيا واجزاء من روسيا وافغانستان وتركيا، لكنها لم تجرأ أن تدعي بعائديتها لها! والسبب معروف بالطبع! فالعلة فينا كشعب تحركه ريح المذهبية فتصبح الوطنية قصبة في مهبها. وكأنظمة سياسية جبارة وعاهرة أمام شعوبها وضعيفة خوّارة أمام اعدائها. وكفة الضعف والتشتت العربية هبطت أمام كفة الجرأة والصلافة الفارسية.
تتجلى الصفاقة وقوة النفوذ الفارسي في العراق لدرجة إن الحكومة الإيرانية وضعت شروطا مجحفة للاعتراف بمملكة العراق عام 1924 منها تمتع رعياها الفرس في العراق بنفس إمتيازات الإنكليز المنصوص عليها في الاتفاقية القضائية الانكلوـ عراقية. كذلك إعفاء مواطنيها في العراق من إداء الخدمة العسكرية الإلزامية. وأن تكون إدارة أملاك المتوفين الإيرانيين في العراق من قبل قنصلياتها. والأغرب من هذا كله هو أن تتم محاكمة المتهمين بجرائم مدنية وجنائية من مواطنيها أمام المحكمة الخاصة بالأوربيين، ولا يمثلون أمام القضاء العراقي! والأكثر غرابة أن تتولى حكومة طهران نفسها حماية العتبات المقدسة في العراق.
ولما رفض الأنكليز ذلك الشرط، إستبدلته الحكومة الإيرانية بشرط آخر وهو أن تكون حماية الحكومة العراقية للعتبات المقدسة مشروطة بموافقة وإشراف المراجع الشيعة.
للحديث بقية بعون الله..
Share on linkedin Share on facebook Share on twitter Share on email More Sharing Services
11
==============

أساليب التوغل الصفوي في العراق 2

هنا ننشر الحلقة الثانية من المقال المهم للأستاذ علي الكاش، بعد أن كنا نشرنا الحلقة الأولى منه هنا.
وفي هذه الحلقة يستعرض الكاتب أساليب التوغل الصفوي في العراق ومحاولات فرض الهيمنة والوصاية على شيعة العراق العرب، وخاصة في مدن جنوب العراق، وهي المحاولات التي يرى الكاتب انها تواصلت على مديات طويلة وبهدوء وبطء.

 
أساليب التوغل الصفوي في العراق 2

علي الكاش

بعد تأسيس العراق الحديث إتخذ الصفويون طرقا غير مباشرة لبسط نفوذهم على شيعة العراق، ورغم إن تلك المحالات سبقت تأسيس المملكة العراقية، لكنها إشتدت واتخذت استراتيجية بعيد المدى بعد ذاك، جرى تنفيذها ببطء وهدوء على مراحل متعاقبة، مع الحرص الشديد على السرية وتجنب إثارة الأنظمة الحاكمة ومخاوف سنة العراق خصوصا، والعرب عموما. وهذه الاستراتيجية لا تزال نافذة المفعول وتكشفت للعيان بعد غزو العراق.
إعتمدت الإستراتيجية الإيرانية على العامل البشري فقط والعزف على الوتر المذهبي. فمتى ما تمت السيطرة على البشر تسهل السيطرة على بقية العوامل. كانت إستراتيجية ذكية جدا وخبيثة جدا في نفس الوقت. ولكننا نعترف بنجاحها وتسجيلها أرباحا خيالية في رصيد الحكومة الإيرانية.
وتتلخص أساليب الاستراتيجية الفارسية للتغلغل في العراق والهيمنة على مقدراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية بما يأتي:
تقوية الصلات بالمواطنين من التبعية الفارسية المقيمين في العراق: وهي مرحلة تمهيدية لزراعة الخلايا النائمة وتفجيرها في الوقت المناسب كما جرى في اليمن والسعودية، وسيجري لاحقا ببقية دول الخليج العربي، والتمدد للدول العربية في أفريقيا. علاوة على ضخ عناصر فارسية ومنهم رجال مخابرات بأغطية مختلفة كرجال دين وتجار وعمال للعمل في العراق أولا، ومن ثم إستيطانه لاحقاً، ولم تفطن الحكومات خطرها الجدي الا بعد ترحيل ذوي التبعية الفارسية مع بدايات الحرب العراقية الإيرانية وقُبيلها.
شراء البيوت والأراضي وتسجيلها بإسم مواطنيين إيرانيين: وهذا الأمر لا يختلف عن فعل الصهياينة قبل وبعد عام 1948 من خلال التهافت على شراء البيوت والأراضي الفلسطينية بأسعار تزيد عن قيمتها الحقيقية. ويلاحظ التركيز على المناطق ذات الكثافة الشيعية او المتاخمة للحدود بين البلدين. وفعلا تم شراء مساحات واسعة في البصرة وكربلاء والنجف وسجلت بأسماء مواطنين فرس او عراقيين من التبعية الفارسية.
دعم الحوزة العلمية في النجف: وضخ المزيد من المراجع والآيات الفرس إليها بالتعاون مع البريطانيين، فالحوزة كما هو معروف تقع داخل دائرة النفوذ البريطاني، وتنصيب المراجع لا يتم إلا بإرادتها. وقد بانت الحقيقة بعد غزو العراق عام 2003 ورحلة السيستاني لبريطانيا في بداية الغزو مع طاقم حوزوي يزيد عن (30) شخص بحجة الفحوصات الطبية. إلتقوا خلالها بمسؤولين بريطانيين وأحيطت المفاوضات بين الجانبين بسرية تامة.
ضخ الأموال للحوزة العلمية في النجف وكربلاء: لتفعيل نشاطاتها المذهبية وإظهار الإهتمام بالعتبات المقدسة أمام أنظار الشيعة، الحرص على سد إحتياجاتها، علاوة على الهدايا ومنها أقفاص الذهب والمجوهرات والمساهمة في تعمير وتذهيب الأضرحة والمراقد.
تشجيع الزواج من فارسيات: سيما من سكنة كربلاء والنجف من خلال الحجيج الفارسيات للمدينة (يطلق على زائر كربلاء والنجف حاج عند الصفويين) وهذه الظاهرة كانت لها خطورتها في تفريس المحافظة. حيث كانت كربلاء تسمى قبل التوغل الفارسي” بالوعة البؤس الهندي” لكثرة ما فيها من هنود. ولكن بعد ذلك هيمن عليها الفرس. حيث قدر عدد سكانها في مطلع القرن العشرين بحوالي 50 ألف نسمة يشكل الفرس منهم 75% والعرب أقل 25% (المصدر تقرير حماية الحجاج الهنود البريطانيين عام 1929 برقم730/159).
وكان لعائلة آل كمونة، وهم من أصول فارسية، نفوذ كبير على المدينة من خلال توليهم منصب سدنة الحضرة الحسينية سيما الأخوين (محمد علي وفخر الدين- جدتهما إبنة فتح علي شاه كما يُشاع) حيث كان لهم دورا خطيرا في تفريس المدينة، لغاية إنهاء نفوذهم بعزلهم من قبل القوات البريطانية في العراق (تقرير بريطاني عن الإدارة المدنية برقم 371 للفترة 1914-1919).
وجاء في تقرير للقنصلية البريطانية في العراق برقم (977 في 33 شباط 1943) بأنه لفت إنتباه السواح الأجانب في العراق بأن مدينة كربلاء لم تكن على طراز عربي، حيث يغلب على عمارتها وأسوقها الطابع الفارسي.
ويذكر إسحق نقاش: بحلول القرن العشرين كان غالبية النشاط الاقتصادي والاجتماعي والديني في كربلاء بيد الفرس.
وهذه الظاهرة تتفشى منذ عقود في دول الخليج العربي وسيدفعون ثمنها لاحقا. فالعراق درس قاس للعرب لكنهم لا يتعظوا منه.
الإبقاء على مظاهر الجهل والتخلف في المجتمعات الشيعية: بإعتبار الثقافة والوعي ينهيان سطوة رجال الدين أو يحدّان من نفوذهم على أقل تقدير. لذلك لا نستغرب الحملة الشعواء التي قادها المجتهدون ضد التعليم في المدارس الحكومية. (للمزيد راجع علي الوردي/ دراسة في طبيعة المجتمع العراقي). وبعد الغزو إستمر نفس النهج الخبيث، ويقدر عدد الأميين في العراق حالياً بـ(5) مليون أمي بعد أن غسل الشعب يده من الأمية وكُرم بجائزة من منظمة اليونسكو. ويوجد عدد كبير من الطلاب في المناطق الشيعية حاليا يدرسون بمدارس مبنية من الطين (على الطراز البابلي). هذا ما قدمته الحكومة الشيعية في العراق لأتباع آل البيت فهنيئا لهم بتلك المكرمة وغيرها!
طبع وارسال الكتب: ارسل الفرس أمهات المصادر والمنشورات الصفوية للحوزات والمكتبات والمراكز الثقافية جنوب ووسط العراق. وأسسوا المدارس الشيعية كأسبقية أولى في البصرة وبغداد ومن ثم بقية المحافظات العراقية. ويذكر نقاش في كتابه شيعة العراق “كان الفرس موجودين بإعداد كبيرة في بغداد والبصرة وطويريج”. وطويريج كما معروف معقل نوري المالكي وربما لمن يعمل في الأنساب ان يوافينا بحقيقة عرقه.
وقد إشتدت الغارات الثقافية بعد عام 2003 من خلال معارض الكتب الايرانية وترويج الكتب ذات النهج الشعوبي، أو من خلال تجار الكتب الذين يستوردونها من ايران بأسعار تشجيعية (بعضها مجانا والآخر لا تغطي سعر الكلفة).
إضفاء صفة المظلومية على شيعة العراق: من خلال منع مشاركتهم بصورة فعالة في أجهزة الدولة بإصدار الفتاوى التي تحرم انخراطهم فيها بحجة إن الحكومات السنية لا تعتبر شرعية. فالشيعة كما هو معروف يتبعون فتاوى علمائهم بصورة عمياء. ومن الفتاوي البلاوي كانت فتوى المجتهد الفارسي مرزا محمد تقي الشيرازي عام 1920 وكذلك فتوى مهدي الخالصي عام 1921 اللتان حرمتا الوظائف الحكومية على الشيعة، لأنها من أعمال التعاون مع الكفار (السنة) (ملاحظة من الناشر: ربما المقصود هم البريطانيون) على حد زعمهم.( (للمزيد راجع عبد الله النفيسي/ دور الشيعة في تطور العراق السياسي الحديث).
بسبب تلك الفتاوى الحمقاء حُرم العراق من الإستفادة من عقلية ونشاط نسبة كبيرة من شعبه. وقد أغاظ هذا الأمر السياسي العريق (جعفر ابو التمن) الذي اعتبر ان فرض الحظر على تعيين الشيعة في وظائف الحكومة من قبل المجتهدين للفترة 1920 ـ 1927 كان السبب في عرقلة تقدم الشيعة في الدولة. (وقد إستمر الحظر على تعيين الشيعة في مؤسسات الدولة لغاية14/9/1927 حيث رفع بعد إجتماع عدد من المجتهدين في النجف من بينهم محمد حسين كاشف الغطاء وهادي كاشف الغطاء ومحمد بحر العلوم والشيخ جواد الجواهري وعبد الكريم الجزائري).
لكن رغم تلك الفتوى لم تنته العزلة بشكل كامل. حيث بقي بعض المراجع على رأيهم في فرض حظر التعيين على الشيعة بوجود حكومة سنية. ويمكن القول إنه بعد الهجرة من الريف الى المدن سيما العاصمة بغداد في زمن عبدالكريم قاسم أضطر الشيعة المهاجرون للإنخراط في اجهزة الدولة سيما الجيش والشرطة والزراعة واعمال البناء بسبب الفقر والحاجة الى مورد مالي ثابت.
إشاعة ما يسمى بـ (الخطر السني): وضرورة مواجهته بالتعاون مع اية جهت كانت حتى لو كان الشيطان نفسه! فالخطر السني في الفلسفة الصفوية أشد من كل المخاطر بما فيه الإستعمار نفسه. ومن الغرائب أن المندوب السامي في العراق (ب بورديلون) نقل عن احد زعماء الشيعة الذين وفدوا عليه قوله” إننا نقر ونعترف بأننا جهلة وغير متعلمين ولايمكننا في الوقت الحاضر من أخذ حصتنا من الوظائف الحكومية. ما نسعى إليه الآن هو سيطرة بريطانيا على العراق. وإنقاذنا من الهيمنة السنية حتى يتعلم ابناؤنا، وبعدها سنأخذ مكاننا المناسب في الوظائف الحكومية”.
وقد تجدد العمل بهذه المقولة بعد الغزو الأميركي عام 2003، فالسنة رغم ضعفهم وتشتتهم وإفتقارهم لزعامة موحدة ما زالوا يشكلون هاجسا في العقل الشيعي. لذا تعاون مراجع الشيعة مع الغزاة الامريكان والبريطانيين قبل وبعد عام 2003 سرا وعلنا. وهذا ما كشفته مذكرات بريمر ورامسفيلد.
ولا نعلن سرا بقولنا إن 90% من المعتقلين في السجون العراقية هم من السنة. و100% من المعدومين هم من السنة. حتى أمست المادة/4 إرهاب تسمى المادة 4/سنة. ونتحدى وزارة العدل ووزيرها الصفوي الشمري بإعلان مذهب المعتقلين والمعدومين؟ لأنها ستكون فضيحة بجلاجل للحكومة! ومن المؤسف ان لا يسمع صوت هؤلاء المعتقلين من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ونقابات واتحادات المحامين العربية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني!
التبشير المذهبي: من خلال الإستعانة بما يسمى بالموامنة والسادة وتوزيعهم على المناطق الريفية سيما التي تعج بالعوام الجهلة والمتخلفين حضاريا وفكريا لجذبهم للمذهب وتصويره بأنه مذهب الفقراء والضعفاء والمظلومين والمحرومين.
ويذكر اسحق نقاش بهذا الصدد ان “هجمات الوهابية على العراق وخاصة كربلاء والنجف في القرن 19 كانت من أهم العوامل التي دفعت علماء الشيعة لتكثيف نشاطهم التبشيري على العشائر العراقية. وتعزيز ونشر المذهب الشيعي في العراق”.
وقف المد العروبي للعراق: والعمل على سلخه من محيطه العربي، وهذه ظاهرة ليست جديدة فشيعة العراق كما هو معروف رفضوا بشكل حاسم إنضمام العراق إلى اتحاد كونفدرالي عربي خشية من تراجعهم الى مكانة هامشية. لذلك عارضوا بشدة فكرة تأسيس الجامعة العربية والإنضمام إليها بتأثير المراجع الفرس. ويلاحظ ان هذه النزعة غير العروبية توضحت جيدا بعد غزو العراق. فقد شنت حملت شعواء على العرب والعروبة ولم تنحصر الحملة على العراق فحسب، فقد شهدنا لافتات المتظاهرين في البحرين تمجد الفرس وتطعن بالعرب! وقد إنسلخ العراق فعلا كعضو من جسد العروبة. فالسرطان الفارسي يهاجم خلايا العروبة بقوة ويفتك بها ولم تعد المقاومة كافية للعضو المنهك. لذا من الصعب ان تهضم تسمية العراق كبلد عربي حاليا. فقد تقاسمه الكرد وشيعة الفرس، وفي المؤتمرات العربية قلما تشهد حضوراً عربياً، إلا ما ندر.
التستر بمظهر حماة الإسلام: من خلال التصدي للأفكار الشيوعية والإلحادية والصهيونية. فخلال الإحتلال البريطاني للعراق وبدفع منهم لوقف المد الشيوعي، سخَّر الانكليز المجتهدين في كربلاء والنجف لمقاومة الشيوعية بإعتبارها فكر إلحادي يتعارض مع الإسلام. وإشتدت الحملة بعد رجوع (الشيخ محمد الخالصي) من منفاه في إيران إلى العراق – بتوصية من البريطانيين- للمساهمة في درء خطر الشيوعية التي انتشرت كالنار في الهشيم بين الشيعة، بما فيهم ابناء المراجع أنفسهم.
ووصل الأمر ذروته عام 1960 عندما أصدر المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم فتوى هاجم فيها الشيوعية واعتبرها معادية للإسلام. وكلنا شهد مسرحية سلمان رشدي من إخراج الخميني رغم إن ضررها إنحصر على العرب المسلمين وليس الفرس المسلمين. وانظروا الآن لم نشهد أية ردة فعل تجاه الفيلم المسيء الجديد (براءة الإسلام)! فهل الرواية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم لاتجوز والفيلم يجوز؟
الوقوف بقوة ضد الأنظمة السياسية الحاكمة: حتى لو سنت قوانين لصالحهم. خلال الاحتلال البريطاني للعراق مثلا أوعز وزير الداخلية عبد المحسن السعدون عام 1922 للمحافظين التهيؤ لأنتخابات الجمعية الدستورية. وقد عارضها علماء الشيعة بشدة ووصفوها بـ (حكم بالإعدام على الأمة الاسلامية). وفي نهاية العام نفسه أصدر مراجع الشيعية (أبو الحسن الاصفهاني ومهدي الخالصي وحسين النائيني) فتوى بعدم شرعية الانتخابات! بل وتكفير كل من يشارك فيها!
ومن طريف ما جاء في فتوى الخالصي” قد حكمنا بحرمة الانتخابات. والمشارك فيها يعتبر معادياً لله ورسوله وأئمة المسلمين، ولا يدفن في مقابر المسلمين”. كما تضمنت فتوى الاصفهاني أموراً طريفة “أي مسلم يشارك فيها تحرم عليه زوجته! ويمنع من دخول الحمامات العامة وينبذه سائر المسلمين”. نفس المأساة تكررت مع إنتخابات العراق عام 2005. فقد أعتبرت القائمة الشيعية (قائمة الإمام علي والحسين وآل البيت) وعدم إنتخابها يعني معاداة أهل البيت، وإنتخاب قائمة معاوية، كما تحدث مراجع الشيعة عن الحرمان من الجنة وغيرها من التخاريف! وشيعة العراق كانوا الطرف الأكثر خسارة من غيرهم في العمليتين الإنتخابيتين السابقتين والقادمة أيضا سيخسرون أكثر.
والعجيب في هذه الفئة التي أصرت على إنتخاب المالكي لدورتين وستنتخبه ثالثا ورابعا بأنها تضررت من سياسته أكثر من غيرها. لكن الطائفية تعمى البصيرة.
الإدعاء بحماية المذهب وما يسمى حاليا في العراق بـ (نصرة المذهب): من خلال تشجيع ممارسة الشعائر الصفوية كعيد الغدير ومراسم عاشوراء. وارسال الزناجير والسيوف لممارسة الأعمال السادية في موسم عاشوراء. وحث المراجع الفارسية في العراق على التشبث بتلك الممارسات السادية كطابع خاص يميز أتباع آل البيت. وربما سيضاف لاحقا عيد النوروز (المجوسي) كعيد إسلامي في العراق إسوة بإيران! سيما ان هناك أحاديث منسوبة للإمام جعفر الصادق تمجد النوروز.

 
من طريف ما يذكر بصدد مراسم عاشوراء أنه خلال السيطرة العثمانية على العراق لم يمنع الولاة العثمانيون الشيعة من إداء مراسيم عاشوراء بصبغتها الفارسية (مع هذا يمقتون الدولة العثمانية). وكانت تجري بحضور وإشراف القنصل العام الإيراني في العراق. وفي العراق الملكي حضر الملك فيصل الأول مراسم عاشوراء في مدينة الكاظمية عام1921 ولم تجدِ محاولات السيد (محمد الصدر) من إقناع المطبرين والمسوِّطين الفرس وذوي التبعية الفارسية وبعض شيعة العراق بإستعراض ممارساتهم السادية أمام جلالة الملك. حيث رفضوا ان يستعرضوا إلا أمام القنصل الإيراني بتأثير المراجع الفارسية بالطبع. وكان لهذا الموقف تأثيرا على نفسية الملك وربما كان له أثر في موقفه من المراجع الفارسية. فقد ذكرت تقارير بريطانية بأن جلالته “كان جادا في رغبته لإضعاف نفوذ المجتهدين الفرس في العراق لعدم ثقته بهم، لأنهم غير مخلصين للدولة العراقية” المصدر Intelligence Reports nos2 in 15/1/1922 ) ).
للحديث تابع بعون الله.
=================

هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟ 3

حلقة ثالثة من سلسلة مقالات الأخ علي الكاش، حول ماهية التشيع في العراق، وكونه علوياً أم صفوياً.
مقالة جديرة بالقراءة والمتابعة، وستتبعها حلقات اخرى بإذن الله.

 
هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟ 3
علي الكاش
أود في البداية أن أشكر كل من علَّق على الموضوعين السابقين سلبا أو إيجابا، فالغرض هو إثارة المشكلة من ثم اغنائها بالأفكار الجديدة للوصول إلى الحقيقة، بدلا من تركها تنمو وتتجذر في العقول على علتها. ومهما إتفقنا أو إختلفنا نبقى جميعا عراقيين تجمعنا خيمة واحدة هي الوطن الأم.
صحيح إن أعشاب النفور والضغينة نبتت في عقول الكثير من أبناء الشعب بعد الغزو الأمريكي، وهذا يتطلب منا أن نتدارك ما يمكن تدراكة بعد أن خسرنا الكثير. وحتى ننهض من كبوتنا فلابد من نزع الأعشاب الضارة وإستئصالها من عروقها لأنها زرعت في رياضنا الطيبة بفعل فاعل معروف ونواب فاعل مستترين، كما يعتقدون، لكن الشعب يعرفهم جيدا.
قد يكون هناك عيوب فينا وهذا أمر طبيعي شأننا في ذلك شأن شعوب العالم قاطبة. ولكن ما يؤخذ علينا إن عيبنا قد تعدى خارطة المعقول وحدود المقبول. فلم تصل شعوب العالم حتى البربرية منها إلى مستوى التكفير والقتل على الهوية. وما يؤخذ علينا إننا ضحايا لأحداث إنتهت منذ 14 قرنا لم يكن لنا يدا في صنعها ولكننا تحملنا نتائجها.
وما يؤخذ علينا بأنه لا يوجد شعب مسلم فيه تصانيف كالأموي والمرواني والناصبي والرافضي وغيرها من التسميات التي لا تتفق ورؤية الإسلام ومنهجه التسامحي.
لا السنة هم خَلَف معاوية ويزيد ولا الشيعة خَلَف الإمام علي والحسين، ومن يظن خلاف ذلك هو على ضلال مبين.
لم يكن معاوية ولاعلي عراقيين، كلاهما من الحجاز! فلماذا يدفع العراقيون ثمن خلاف إجتهدا به كلاهما والحكم بينهما أعدل العادلين. وإذا كان الأمويون سيئين! فلا تنس عمر بن عبدالعزيز وغيره، واذا كان الهاشميون جيدين! لا تنس ابو جهل وابي طالب وغيرهم. فلم ينفعهما النسب وقربهما من النبي صلى الله عليه وسلم كما لم ينفع زوجة لوط عليه السلام وابن نوح عليه السلام. وسنناقش هذا الأمر في مقال قادمة حول الأنساب وصحتها وأصول من يدعي بأنه من خَلَف أو أتباع آل البيت كما يسمون أنفسهم. والأتباع هم اتباع بالإيمان والأخلاق والسيرة الطيبة للأئمة وليس بالقتل والسرقة والتخوين والتكفير.
سياسة التكفير والتخوين والقتل على الهوية ومخالفة الطائفة التوأم هي واحدة من أسس العقيدة الصفوية التي ألصقت بالأئمة وهم براء منها. ولم تكُن هذه الظاهرة موجودة في العراق قبل الغزو. ولم يفكر أي عراقي عندما يتصاهر من فتاة عراقية ما هو نسبها ومذهبها. فمعظم العشائر العراقية فيها شيعة وسنة يعيشون بوئام وسلام. إحصِ مثلا اصدقاءك سترى أمر مذهلا فمعظم أصدقاء الشيعي من السنة، ومعظم أصدقاء السني من الشيعة! وبعضهم قد تجهل مذهبه لأن المذهب لم يكن يعني لك شيئا مطلقا. وهذا يُلقم مداساً لكل من يدعي بأن العراق سني أو شيعي. العراق لكل الأديان والمذاهب والقوميات ولا فضل لعراقي عن آخر إلا على قدر مواطنته .
إن السموم التي تبث من الحوزات العلمية والفضائيات والحسينيات والفضائيات والتي إنتشرت سمومها في مؤسسات الدولة كافة تقف ورائها بلا جدال إيران. وبتوجيهاتها لعملائها في العراق تجتاح الخطابات التحريضية، يوماً بعد يوم، عقول العوام من الجهلة والسذج مزيدة الشرخ الذي حصل في الفسيفساء الإجتماعية. ومكمن الخطر فيها يتجسد في أنها تخاطب قلوب الناس وعواطفهم وليس عقولهم. أمر مؤسف حقا عندما يسألني إبني عام 2004 وكان طالبا في الصف الأول متوسط : أبي هل نحن سنة أم شيعة؟ أذهلني سؤاله ورددت بغضب لماذا هذا السؤال؟ فقال لأن المدرس سأل كل طلاب الصف عن مذهبهم ومعظمنا لم نعرف الجواب!
بهذ الأساليب وغيرها إنتعشت الطائفية وبُعثت الضغائن الصفوية-الوهابية من قبرها لتجدد حروبها المذهبية على أرضنا ويدفع العراقيون ثمنها الباهظ من دمائهم!
لنفكر برهة من جلب الإرهاب الصفوي- القاعدي للعراق؟ ولماذا تحتضن الدولة الصفوية الجديدة كبار قادة تنظيم القاعدة؟ كيف إتفق التطرف السني القاعدي مع التطرف الشيعي الصفوي رغم الخلاف التأريخي والعقائدي المرير بينهما؟ ولمصلحة من؟ ولمضرة من؟ ولماذا القتل على الهوية واين تكمن جذورها؟
هل تذكرون قول عبدالعزيز الحكيم بوصف السنة بالمروانيين والأمويين؟ الا تتذكرون عباس البياتي وغيره من النواب الذين زعموا إن العراق شيعي،شيعي، شيعي، وألغوا بقية شرائحه؟ الا تتذكرون قول النائب بهاء الأعرجي بأن المؤامرة مستمرة على الشيعة منذ خلافة أبو بكر الصديق وحتى الآن؟ وقد ورد عن الإمام علي قوله” لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر إلا جلدته حد المفتري”. هل تذكرون الهجمات التي بدأها النواب والوزراء على العروبة وتحميل العرب كل همومنا. رغم إن الأنظمة الحاكمة وليس الشعوب من يتحمل المسؤولية الجزئية. الأنظمة الحاكمة كانت طرفا من الأخطبوط وليس كل أطرافه؟
لا يمكن أن نفهم التغييرات الجديدة في التركيبة الإجتماعية العراقية وتداعياتها الخطيرة على حاضر العراق ومستقبله دون الرجوع قليلا للماضي، لسبر أغوار ما تتضمنة العقيدة الصفوية من نظرة تجاه الطرف الآخر. فعندما تتضمن العقيدة فكرة التكفير وتفتح باب القتل على الهوية فلا غرابة من وجود من ينفذ توجيهاتها قصدا أو تخلفا.
فقد ورد في (تهذيب الطوسي 1/384) عن الإمام جعفر الصادق القول “خذ مال الناصبي حيث ما وجدته وادفع الينا الخمس”! كذلك “مال الناصب وكل شيء يملكه حلال علينا”.(وسائل الشيعة للحر العاملي 11/60).
وهنا نقف أمام افتراضين أولهما: إن الحديث مكذوب عن الإمام الصادق ويفترض أن يحذف من الطبعات الحديثة. وثانيهما: ان الإمام تكفيري وجشع يحل المال الحرام بعد أن يأخذ نصيبه منه!
من الجدير بالإشارة إن هذه القاعدة العقائدية الفوضوية طُبقت بعد غزو العراق، عندما نهبوا مؤسسات الدولة ودفعوا الخمس عنها للسادة والحوزة العلمية لتحللها لهم!
وعن داوود بن فرقد عن أبي عبد الله. سئل “ما تقول في قتل الناصب؟ قال: حـلال الدم، ولكـن اتقِّ! فـإن قـدرت أن تقـلب عليه حائطاً، أو تغرقه في ماء لكـيلا يُشـهد علـيك فافـعل. قلت: فما ترى في ماله؟ قال: خـذه ما قدرت عليه”. (علل الشرائع/601). أهذه وصية إمام أم زعيم مافيا؟ وعن علي الخدمي عن أبي عبدالله قال “إن الجار يشفع لجاره والحميم لحميمه ولو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين شفعوا في ناصب ما شفعوا”. ( كتاب المحاسن/184).
وللتحريض على كراهية السنة ذكر محمد الرضوي “لو أن أدعياء الإسلام والسنة أحبوا أهـل البيت (ع) لاتّبعوهم، ولما أخذوا أحكام دينهم عن المنحرفين عنهم، كأبي حنيفة والشافعي ومالك وابن حنبل” (كذبـوا على الشيعة/135) أربعة مذاهب منحرفة والإمامية غير منحرفة!
ربما يحاججنا البعض بأن ما نسوقه هي أحاديث تأريخية عفا عنها الزمن؟ لكننا سنثبت له إن العقيدة هي هي لم تتغير مدى مرور القرون.
انظر لقول الخميني “غير الشـيعة، إذا لم يظهر منهم نَصْبٌ أو معاداة لسائر الأئمة الذين لا يعتـقدون بإمامتهم طاهرون، وأما مع ظهور ذلك منهم، فهم مثل سائر النواصب” (تحرير الوسيلة 1/119) وأضاف “أمـا النواصب والخوارج لعنهما الله، فهما نجسان من غير توقف”.
ثم يزيد الطين بلة بقوله “الأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد، وبأي نحو كان، ووجوب إخراج خمسه” ( تحرير الوسيلة1/352) وشدد على كلمة الخمس فهي الغاية العظمى من الجريمة. ولاحظ إنه نفس الحديث المنقول عن الإمام جعفر الصادق! إذ لا يهمها إعلان الحرب على النواصب بل حصولهما على المال المغمس بدماء المسلمين.
ويكفر الخميني النواصب على وضعية اليد في الصلاة فقط! بقوله “التكفير هو وضع إحدى اليدين على الاخرى نحو ما يضعه غيرنا وهو مبطل عمدا ولا بأس به في حالة التقية”. والتقية تعني هي ان تظهر العمامة فوق رأسك وتكشف مؤخرتك للآخرين. وبقدر ما أساء الخميني إلى نفسه بهذه التخرصات بقدر ما كان جديرا بها ويستحقها. فاخطاءه مع الأسف لم تنحصر عليه فحسب، وانما توسعت لتسيء الى العقيدة نفسها. وهذا المرجع الخوئي يتحفنا بفكرة المساواة الصفوية بقوله “لا فرق بين المرتد والكافر الأصلي الحربي والذمي والخارجي والغالي والناصب (منهاج الصالحين1/116).
ولنستعرض كلام نائب السيستاني في كربلاء، آية الله العظمى صادق الحسيني الشيرازي، الذي فسر آية كريمة تفسيراً ابليسياً فيه دعوة واضحة للقتل ومن لاينفذها يكون كافرا بالقرآن! ويقصد بدعوته الحربية سورة المائدة/33 ((إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم)) منوها بأن “الآية الكريمة تشمل الوهابي والإرهابي والكافر والناصبي والمتوحش. فالوهابي الإرهابي الكافر الناصبي الوحشي يجب قتله، وكل من يؤيده بنحو أو بآخر، من رجل دين أو غير رجل دين يجب قتله. ومن لم يقل بوجوب قتل هؤلاء، ووجوب قتل مؤيديهم، فهو علانية يكفر بالقرآن الكريم”.
المصيبة ليس قتلهم فحسب بل من يؤيدهم! وبالطبع لم يعترض السيستاني على دعوة نائبه الشريرة للقتل. ربما ظن البعض إن موقفه عفوي وغير مقصود! لكن الله خيب ظنهم. ولم يكتفوا عند حد التجريم بل وصلت البذاءة والسفالة والرعونة لإعتبارهم أبناء زنا! مما يدخل في باب قذف المؤمنين والمحصنات. منها عن أبي حمزة عن الباقر قال قلت له “إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم. فقال لي: الكف عنهم يا ابا حمزة أجمل”. ثم قال “والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ماخلا شيعتنا” (الكافي للكليني8/285). وعن إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد قال: ما من مولود يولد إلا وإبليس من الأبالسة بحضرته، فإن علم الله أن المولود من شيعتنا حجبه من ذلك الشيطان، وإن لم يكن المولود من شيعتنا أثبت الشيطان إصبعه في دبر الغلام فكان مأبوناً، وفي فرج الجارية فكانت فاجرة” (تفسير العياشي 2/218). إذا كانت هذه هي أخلاق الأئمة فلا عتب على أولاد الشوارع!
وربما يحاججنا البعض بأن علماءهم يتحدثون عن النواصب وليس السنة. حسنا! سنعرض قول الشيخ البحراني ويُعد واحد من كبار شيوخهم حول هذا الأمر “الناصب هو من يقال له عندهم سنياً، ولا كلام في أن المراد بالناصبة هم أهل التسنن”. (المحاسن النفسانية/147).
والآن انظر إلى جميع من تصدَّر لدعوات القتل والنهب والتكفير، سترى القاسم المشترك بينهم إنهم جميعا من الفرس الصفويين!
من الظواهر الجديدة في مجتمعنا بعد التغلل الصفوي الذي صاحب الغزو الأمريكي هو شتم الخلفاء الثلاثة وأمهات المؤمنين سيما عائشة، رضي الله عنهم أجمعين. ووصل الأمر بقيام وحدات من الجيش والشرطة بإستخدام مكبرات الصوت لشتمهم في المناطق ذات الكثافة السنية في حركة إستفزازية واضحة. وهذه الظاهرة مرفوضة في التشيع العلوي ومستحبة في التشيع الصفوي. ومن المعروف إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الموتى من المشركين فكيف بأقرب الناس إليه؟ حيث قال “لا تسبوا الأموات فإنهم قد افضوا إلى ماقدموا”. والمثير وجود حديث نبوي شريف رواه الإمام علي جاء فيه “خير هذه الأمة بعد نبيها؛ أبو بكر ثم عمر”!
ومع هذا فظاهرة الشتم وبذاءة اللسان بحق الصحابة وأمهات المؤمنين، رضي الله عنهم أجمعين، لها إمتداد تأريخي في أمهات المراجع الصفوية. حيث يذكر نعمة الله الجزائري “إنا لم نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام. وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمدا نبيه وخليفته بعده أبو بكر. ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي. أن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا” (كتاب الأنوار النعمانية) وهذا اعلان بأنهم تبرأوا من الله ونبيه بسبب أبو بكر!
ويذكر الخميني “إننا لا نعبد إلهاً يقيم بناء شامخا للعبادة والعدالة والتدين ثم يقوم بهدمه بنفسه ويجلس يزيداً ومعاوية وعثمان وسواهم من العتاة في مواقع الإمارة على الناس? ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيه”. (كشف الأسرار/123). حسنا أجلس الرب تعالى عثمان ومعاوية ويزيد في موقع الإمارة رغم أنف الجميع. فمن هو رب الخميني ونبيه طالما لا يعبد هذا الرب ولا يعترف بنبيه؟
وهذا محدثهم الأرعن ياسر الحبيب يتحدث عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، صهر الإمام على، كرَّم الله وجهه ورضي عنه، بقوله “لو لم يحرم عمر المتعة لما زنا مسلم، ولكن عمر حرم المتعة لسببين: أولاً: لأنه سمع رسول الله يقول: يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا إبن زنا. فأراد عمر أن يُكثر أبناء الزنا عداوه منه لعلي بن أبي طالب. فلذلك حرم المتعة. ثانيا: ان عمر عندما يحرم المتعة. فإن الناس يتجهون الى اللواط وفي هذا منفعة شخصية لعمر. فإنه كان يحب اللواط. أي أن يلاط به، وكان به داء في دبره، لا يُشفى إلا بماء الرجال”.
وهنا نقف امام حالة محيرة وهي عندما يزوج رجل، أيا كان، إبنته لمأبون فذلك يعني أما إنه على مثل حاله أو أن في إبنته عيب ويريد ان يستره بأي كان، أو إنه لا يرى في اللواط ما يُعيب الرجل. فأي منهم الإمام علي؟ حاشاه من لغة السفهاء والأنذال. ولكن هذا ما يقول أتباعه، كذباً، وليس نحن.
وهذه أم المسلمين عائشة برأها الله عز وجل ولم يبرأها الصفويون! حتى إن من أول عظائم أفعال مهديهم لنشر العدل هو نبش قبرها وإخراج جثتها وجلدها! ويحدثنا المجلسي عن أمير المؤمنين قال “أتيت النبي (ص) وعنده أبوبكر وعمر , فجلست بينه وبين عائشة، فقالت لي عائشة: ما وجدت إلا فخذي أو فخذ رسول الله (ص)؟ فقال النبي: مه يا عائشة،لا تؤذيني في علي، فإنه أخي في الدنيا وأخي في الآخرة، وهو أمير المؤمنين، يجلسه الله في يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار”. (بحار الأنوار للعلامة المجلسي). أهكذا كانت أخلاق المصطفى والإمام علي؟ وهل يجوز هذا الحديث الفاحش بوجود غريب؟ وهل يصدق أن تفعل امرأة ذلك بوجود زوجها وأمام أبيها؟ ماذا نطلق على هذا الزوج؟ حاشا المصطفى صلى الله عليه وأم المؤمنين رضي الله عنها ان تُدنس سيرتهما الطاهرة على هذا النحو المنحط، وحاشى الصحابة الكرام ابو بكر وعمر وعلي، رضي الله عنهم أجمعين!
ورواية أخرى عن يعقوب السراج قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد. فجعل يسارّه طويلا. فجلست حتى فرغ. فقمت إليه فقال لي: أدن من مولاك فسلم. فدنوت فسلمت عليه فرد علي السلام بلسان فصيح ثم قال لي: إذهب فغيّر اسم ابنتك التي سميتها أمس. فإنه اسم يبغضه الله. قال: وكانت ولدت لي ابنى سميتها بالحميراء. فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنته إلى أمره ترشد”. (الكافي 1/247).
وهذا صفوي عربي يدعى (حسن شحاته) ينهق في مدينة قم بأنكر الأصوات “إن عائشه منعت الحسن بن علي من أن يدفن مع رسول الله. فلعنة الله عليكِ يا عائشة. لعنة الله عليك بعدد أنفاس الخلائق. شفتوا الجناية التي فعلتها الملعونة؟ يا بنت الكلب. أبوبكر وعمر يدفنون مع رسول الله والحسن يدفن بعيداً عنه”.
لا تعليق!
ومؤخرا أساء ممثل مدينة طهران في مجلس الشورى (مهدي كوجك زاده) لأم المؤمنين السيدة عائشة، رضي الله عنها، في مناظرة تلفزيونية مع (علي شكوري راد) عضو الشورى المركزي لجبهة مشاركة إيران الإسلامية في جلسة سنوية لمكتب تحكيم الوحدة (في مدينة شيراز) مستخدما كلمات بذيئة بحق أم المؤمنين يصعب التفوه بها.
لاحظ أيضا القاسم المشترك في المصادر المذكورة في أعلاه، تجد انه الصفوية أيضا ! فهل نستغرب بعد هذا القتل على الهوية وكراهية أسماء بكر وعمر وعثمان وعائشة؟ وهل نستغرب سفك دماء (4000) مواطن عراقي عام 2006 ضحايا لأسماء لم يكن لهم يد فيها! وحُمِّل أبائهم جريرة إختيار أسماء محببة للنبي صلى الله عليه وسلم والأئمة رضوان الله عليهم.

==================

هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟ 4

علي الكاش
(أطراف المجوسية الجديدة، المالكي نارها، والشعب العراقي حطبها، والخامنئي يتدفأ بها).
من بين الحقائق التي أفرزها الواقع العراقي المؤلم بعد الغزو الامريكي-الإيراني-الصهيوني هي سرقة الوعي الجماهيري من قبل المراجع الدينية، وأذرعهم الأخطبوطية التي تمتد إلى كل أنحاء العراق بما فيها النائية. ومن البديهي أن سرقة الوعي هي خطوة تمهيدية يترتب عليها سرقة مقدرات البلد السياسية والإقتصادية والثقافية والاجتماعية.

فعندما يُسرق الوعي تُشل إرادة الجماهير وتتوقف محاسبة المفسدين بسبب حصانتهم المستمدة من المرجعية ذاتها. ويؤدي ذلك إلى بطبيعة الحال إلى تعزيز قوة دروعهم أمام السهام الهشة لقلة من الناس المتنورين بالعلم والثقافة ممن لم تتمكن المرجعية من إختراق وعيهم المقاوم. ومن المؤسف أن يتدفأ العملاء والمفسدون تحت جناح المرجعية بكل راحة وهدوء ويتفقسون ويتكاثرون بوجود من يحميهم ويجزر لهم لقانون ويمد لهم المساعدة عندما تزف ساعة الحساب الدنيوي.
لذا ليس مستغربا أن يكشف (ستيوارت بوين) المفتش العام في العراق النقاب أمام الكونغرس الامريكي عن تهريب (800) مليون دولار إسبوعيا من أموال الشعب العراقي البائس إلى الخارج. وهو نفس الكلام الذي أكده مدير البنك المركزي وكالة، عبد الباسط تركي، بقوله “يغادر العراق اسبوعيا حوالي مليار دولار امريكي وإن 80% منه يتم عبر وثائق مزورة تخفي جهة التحويل”. وإذا لم تتوفر الجرأة عند السيد تركي لكشف جهات التحويل! فإننا نكشفها للقاريء الفاضل، فهي ايران وسوريا لدعم إقتصادهما المتدهور.
الفساد الحكومي في العراق يتم تحت راية (نُصرة المذهب). وهذه الراية اللغز لم نسمع عنها مطلقا قبل الغزو، لذا يمكن إعتبارها من مخلفات الإحتلال الغاشم.
لقد سمعنا وقرأنا عن نصرة الدين، لأن الدين هو البوتقة التي تجتمع داخلها كل المذاهب وتتفاعل إيجابيا كما يفترض. أما نصرة المذهب فهو مؤشر على قصر النظر في الوعي الإيماني، لأنه يرفع من مكانة المذهب على حساب الدين. وبالتالي يؤدي إلى التضحية بكل القيم السماوية والوطنية والأخلاقية في سبيل حماية بيضة المذهب ومفقسوها من المراجع الأعاجم، الذين نصبوا أنفسهم كحماة للمذهب دون أن يكلفهم أحد بذلك.
وبمرور السنوات العجاف ثبت أن حماة (بيضة المذهب) ليسوا سوى شرذمة من العملاء والمجرمين واللصوص والإرهابيين تجمعوا في صالون الحوزة العلمية التي اختارت (New Look) لهم بختم حراري في الجبهة، وألبستهم العمائم، وزودتهم بسبح (101) خرزة وعدة محابس ليظهروا بمظهر أبنائها المتقين الذي يحمون المذهب من الأشباح المعادية القابعة في أعماق مخيلتهم المريضة!
وعندما إنكشفت عمالة الحوزة وحماة المذهب ممن زكتهم للجماهير وحثتهم على إنتخابهم، أغلقت بابها بهدوء، وإنسحبت على أطراف أصابعها كاللص، متنصلة من المسؤولية بكل وقاحة وصلافة. كأنما لم يجرِ كل ما جرى بمشيئتها وبمشيئة أسيادها في واشنطن وطهران، متجاهلة حقيقة أن من أشعل نيران الفساد والفتن أولى به أن يطفيها، لا أن يهرب منها.
الكثير من اخواننا الشيعة مع الأسف الشديد لايخرجون عن مدار نصرة المذهب معتقدين إن المذهب يقف في جبهة قتال مع بقية المذاهب وهذا تخريف ما بعده تخريف. فهم يعتقدون إنهم في صراع تأريخي يمتد إلى اربعة عشر قرنا. ويجب إستمراره كي يدفع الخلف فاتورة ديون السلف!
معتقدات صفوية متخلفة زُرعت في عقول الجهلة والسذج وسُقيت بماء المرجعية الدينية. معتقدات قاتمة حجبت عنهم رؤية سماء المواطنة التي تحتضن كل الأديان والمذاهب والقوميات. ومن البديهي إن إزدياد وطأة الجهل والتخلف، سيؤدي إلى إرتفاع كفة الولاء المذهبي وإنخفاض كفة الولاء الوطني. وهذه مشكلة العراق وبعض البلدان المتخلفة، وتتفاقم الأمور سوءا بخرس القوى الفاعلة في المجتمع لوقف المد الطائفي، وطرش الأنظمة الحاكمة عن سماع صوت المسؤولية الوطنية.
لقد أفرز الغزو الأمريكي تسلم الشيعة دفة الحكم في العراق مع الأكراد وهامش لا قيمة فعلية له حُسب على السنة وهو لايمثلهم من قريب أو بعيد. والدليل ان السنة في الإنتخابات الأخيرة إنتخبوا قائمة علاوي الشيعي إلا ما ندر. لكن الشيعة إنتخبوا القوائم الشيعية فقط. كما ان الأكراد انتخبوا القوائم الكردية فقط. وهذا يعني ان السنة تمكنوا من تجاوز السياج المذهبي الى الرياض الوطنية، بينما لم يتمكن الشيعة من تجاوز الحدود المذهبية إلى الوطنية. ولم يتمكن الأكراد من الخروج من صدفة العنصرية.
الشيعة فرطوا بالعروبة لصالح الأكراد، والأكراد فرطوا بالمذهب لصالح الشيعة. وما جمع النقيضين الكردي والشيعي سوى إلانتهازية والظروف التي خلقها الغزاة لهم. فموقف الشيعة من الأكراد موقف تأريخي واضح ومثبت في أمهات مراجعهم كما سيتبين.
فمؤرخهم المسعودي يذكر في مروج الذهب “من الناس من ألحقهم بإماء سليمان بن داود (ع) حين سُلب مُلكَه، ووقع على إمائه المنافقات الشيطانُ المعروف بالجَسَد، وعَصَم الله منه المؤمنات أن يقع عليهن، فعَلِق منه المنافقاتُ، فلمّا ردّ الله على سليمان مُلكَه، ووضع الإماءُ الحواملُ من الشيطان، قال: اكردوهنّ (أي اطردوهن) إلى الجبال والأودية. فربّتهم أمهاتهم، وتناكحوا، وتناسلوا، فذلك بدءُ نَسَب الكرد”. (مروج الذهب 1/124).
ومرجعهم الرئيس، الكليني، ينقل عن جعفر الصادق في جوابه لأبي الربيع الشامي عن مخالطة الشيعة للأكراد: يا أبا الربيع، لا تخالطوهم، فإن الأكراد حيٌّ من أحياء الجن كشف الله عنهم الغطاء، فلا تخالطوهم”. (الكافي للكليني5/ 158). وحديث آخر” لا تُنكحوا الأكراد أحداً، فإنهم من جنس الجن كشف الله عنهم الغطاء”. (الكافي5/ 352).
وهذا موقف الفرس الصفويين أيضا من الأكراد رغم ان أصول الأكراد إيرانية وليست عراقية. فقد ذكر شرف الدين البدليسي” قال الحكماء: بأن الأكراد طائفة من الجن كشف الله عنهم الغطاء. كما أن بعض المؤرخين يروي أن الشياطين تزاوجوا مع بنات حوّاء، فنشأ منهم الكرد”. (الشرفنامه1/57).
ومن الطريف إنهم ألصقوا حديثاً بعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بنفس المعنى! ولا غرابة عندما تعلم ان من وضعه هو الراغب الأصبهاني وهو رجل متخصص بالأدب وليس الدين وله طعونات وكراهية للعرب!
بالطبع هذا الأحاديث المختلقة المعيبة المنسوبة للصادق لا مصداقية لها مطلقاً، وهي صادرة عن عقول مختلة زاد في خبلها بأنها نسبت لرجال عرف عنهم الفقه والعلم والصدق والأمانة.
حتى لو إفترضنا جدلا بأن الأكراد من نسل الجن ! فكيف فات الصادق وهو العالم الفقيه بأن الجن فيهم المؤمن المسلم كما جاء في سورة الجن1-2 (( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا )). وفيهم الكافر غير المسلم. كما جاء في نفس السورة الكريمة14-15(( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا* وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا))؟ وهل يفوت الصادق بأنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى؟ لذلك لاحاجة للإسهاب في تلك التخاريف، ولكن غرضنا معرفة نظرة العلاقة التأريخية بين الطرفين، ولا أحد يجهل كراهية الشيعة الصفويين لواحد من عظماء القادة المسلمين وهو صلاح الدين الأيوبي.
وإذا كان الأكراد يتفاخرون بما حققوه من مكاسب كبيرة بعد الغزو، ولهم الحق في ذلك! رغم إنهم من أصول غير عراقية ونزحوا إلى العراق منذ حوالي بضعة قرون كما يحدثنا الدكتور دوني جورج، اكبر عالم آثار عراقي، بوثيقة نشرت مؤخرا “الأكراد ليس لهم تأريخ قديم وآثار في العراق، وليس عيبا إن قسم من الشعوب ليس لها تأريخ طويل، لكنه من العار والمخزي أن تقوم نفس هذه الشعوب بسرقة تأريخ شعوب أخرى. فلا توجد أي وثائق تذكر الأكراد في تأريخ ما بين النهرين”.
إذن للأكراد الحق أن يتفاخروا ببناء وطن جديد بديلا عن وطنهم الأصلي (إيران) وتحويل احلامهم إلى واقع ملموس. وان يحكموا شمال العراق كحكومة مستقلة وبرلمان كردي. وكذلك يحكموا بقية أجزاء العراق من خلال وجودهم في البرلمان العراقي والحكومة المركزية.
لكن بماذا يتفاخر شيعة العراق وهم يحكمون العراق اليوم؟ هل بتدمير العراق وتحويله الى كانتونات هشة؟ أم العمالة لقوات الإحتلال؟ أم بحوزتهم الراكعة في محراب الأمريكان والأنجليز والفرس؟ أم بمرجعهم الأعلى، العميل المزدوج لبريطانيا ووطنه الأم إيران؟ أم بملفات الفساد التي لاتحصى ولا تُعد؟ أم بتعدد الميليشيات الارهابية وثقافة الإغتيال وكواتم الصوت؟ أم بسرقة ثروات البلد وهروب المسؤولين عنها! أم بجعل العراق أفشل دولة وأقذر بلد في العالم؟ أم بوجود خمسة ملايين أمي وملايين الأيتام والأرامل؟ أم بأزمات الماء والكهرباء والوقود؟ بماذا يتفاخرون وهم يحكومون العراق منذ نحو عقد من الزمن؟
لقد ضيعوا أنفسهم وضيعونا معهم.
كنا نأمل ان يأتِ حاكم عراقي نزيه وليكن شيعيا أو من أي ديانة ومذهب. ليس مهماً هذا. المهم أن يكون عراقي الأصل، وطني الهدف ينظر لشعبه نظرة عادلة ومتساوية، يصون حرياته وكرامته، ويحافظ على ثرواته، ويعلى من شأنه ومن شأن شعبه. لكن تجري رياح السفهاء بما لا تشتهيه سَفن الشرفاء. فلماذا لا يتعظ الشيعة من التأريخ فهو أفضل معلم للأجيال؟ فهل إفتخروا بحكمهم في الدولة القرمطية والفاطمية والبويهية والمغولية والصفوية؟ ليفتخروا بالحقبة الأمريكية؟
هل حقق النظام الشيعي الحاكم مكسباً واحداً فقط لشيعة العراق، قبل غيرهم، منذ تسلمهم زمام الحكم من قوات الإحتلال لحد الآن؟ وهل من المنطق أن يقفوا مع جلاديهم أم أن يعضّوا اصابعهم ألماً وحسرة عما جنته أيديهم بحق العراق وبحق أنفسهم وغيرهم؟ وماذا سيكتب التأريخ عن تجربتهم المريرة في الحكم؟ واذا انبرى لنا من يصرِّح بأن الحكومة الحالية لا تمثل شيعة العراق سنقول له: أثبت ذلك؟ الحكام الشيعة يمثلون الشيعة رضيتم أم أبيتم! فهم صنيعة حوزتكم العميلة وأصابعكم البنفسجية وليس أصابع بقية شرائح الشعب.
لم ينتخب الحكام الشيعة غير طائفة الشيعة أنفسهم. وسكوتهم عن الفاسدين من حماة المذهب، رغم كل الفساد الوظيفي والأخلاقي الذي شهدناه خلال السنوات الماضية، لا يفسر إلا برضائهم عنهم. فهل إنتفضوا ضد المفسدين؟ هل تبرأوا من الحكومة ومجلس النواب وأعلنوا بأنهم لا يمثلوهم؟
صحيح، لقد خرجت بعض التظاهرات الهشة هنا وهناك، لكنها طالبت بتحسين الكهرباء وإنهاء الفساد ضمن عملية إصلاح وليس تغيير. بمعنى بقاء نفس المفسدين في مناصبهم. فهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟ ورأينا الوعود الكاذبة والمهل الطويلة للمالكي والصدر والمهاترات التي لم تسفر إلا عن المزيد من التدهور في كل القطاعات، بما فيها الأمني الذي يستنزف الجزء الأكبر من خزينة الدولة مع شقيقه الفساد الإداري، وعلى كل المستويات.
هل العراق بحاجة إلى تغيير ثوري جذري أم إلى إصلاح هامشي؟ لكن من يخطب الثورة يجب عليه أن يدفع مهرها، ومن يبغي التغيير عليه التفكير والتبصير والتدبير، بعدها يباشر بصناعة المصير. الإصلاح لاينفع مع الطغاة والمفسدين لأنهم يتوالدون ويتوارثون من طاغية الى طاغية ومن مفسد إلى مفسد. بمعنى بقاء الحال مع تغيير الوجوه. فإذا لم تتغير البنية العقلية للمجتمع تكون الحركة الطبيعية للنظام السياسي (إلى الوراء دُر).
إن حكومة المالكي هي الإبن البكر لمرجعية النجف؟ وهي الوليد غير الشرعي للإنتخابات السابقة، ولا نذيع سرا عندما نجزم بأنه لو جرت انتخابات جديدة لانتخب الشيعة نفس الوجوه المقيتة الحاكمة حالياً بحجة الحفاظ على (بيضة المذهب) ونجزم بخروج أفاعي الحوزة من كهوفها المظلمة النتنة لتنفث السموم الطائفية بين أتباعها كما فعلوا في العمليتين الانتخابيتين السابقتين.
ونجزم كذلك بإستحضار خامنئي جميع امكاناته المادية والمعنوية لدعم أقزامه في العراق من خلال المرجعية وأعمدة النكبة السبع ( طالباني، برزاني، الجعفري، المالكي، الحكيم، الجلبي، الصدر).
من المؤسف حقا أن تكون عقلية أكثرية شيعة العراق كالمظلة بيد الفقيه يفتحها ويغلقها حينما يشاء.
ان قضية تحرر الشعوب من سياط رجال الدين أصبت ضرورة ملحة وقضية مصيرية، وبنفس الوقت خطيرة التداعيات، إذا لم يتم التعامل معها بدقة ومهارة بسبب إرتباطها الحتمي بأجندة إستخبارية خارجية.
صحيح ان الشيعة تضرروا من الحكم الشيعي ربما أكثر من غيرهم، لكن هل رفضهم يتناسب مع محنتهم؟ هل صوت الظلم ارتفع وسُمع صداه؟ الذي يرفع شعار (هيهات منا الذلة) ولايعمل به فعلام يتعب كتفه من حمله؟
نتساءل بحرقة وألم: لماذا يحب معظم شيعة العراق من يكرههم ولا يحترمهم؟ بل وينظر اليهم مثلما ينظر إلى مداسه؟ ولماذا يرفعون علم المذهب ويحرقون علم المواطنة؟ لماذا يمارسون الظلم مع بقية الديانات والمذاهب وهم من كان يدعيالمظلومية يوماً؟ لماذا يلطخون تأريخهم بالتعاون مع الشياطين الكبار والصغار وهم يدركون جيدا بأن الدهر يومان: يوم لك ويوم عليك؟ فهل عدلوا باليوم الذي كان لهم؟ وهل سيشكون مجددا عندما يكون اليوم التالي عليهم؟ إن الذي يزرع الألغام في طريق الآخرين لا ينجو بنفسه منها.
ما الذي قدمته ايران وعلمائها الفرس للشيعة العرب عامة ولشيعة العراق خاصة سوى التفرقة والفتن والموت وكواتم الصوت وثقافة القتل على الهوية والخلايا النائمة والتآمر على العرب والعروبة؟
كان وارد إيران العام الماضي أكثر من 100 مليار دولار ومع هذا يعاني شعبها من الفقر والجوع! لأن خزينة الدولة مخصصة لدعم الإرهاب الدولي والتبشير المذهبي ودعم حركات التمرد المذهبي وتمويل الخلايا الارهابية النائمة في العديد من دول العالم.
لماذا لم يصحَ معظم شيعة العراق بعد من الوهم الفارسي ويرجعوا الى وعيهم العربي؟
صحيح كان لبعض العرب، وما زال، دورا سلبيا تجاه الشعب العراقي! لكن تلك المواقف تتحمل مسؤوليتها الأنظمة الحاكمة وليس الشعوب العربية. فلماذا نلوم العرب ولا نلوم إيران التي ساعدت على إحتلال العراق بإعتراف مسؤوليها؟
وهل النظام الحالي في العراق يعكس مصالح العرب أم الفرس؟
وهل الميليشيات التي تعمل في العراق فارسية أم عربية؟ مع إستثناء تنظيم القاعدة الذي له فرع في طهران!
وهل الحوزة في النجف والمراجع الدينية ترتبط بالعرب أم بالفرس؟
وهل أموال العراق تهرَّب للعرب أم للفرس ومواليهم العلويين في سوريا؟
هل تجرأ مسؤول عربي ليقول إن لبلاده وجود فعلي في العراق كما فعل الجنرال سليماني؟
هل ترفع في ساحات بغداد صور رؤساء ومراجع عرب أم فرس؟
أليس التبادل التجاري بين العراق وطهران هو أضعاف تجارة العراق مع كل الدول العربية؟
كل هذا ويطعنون بالعرب والعروبة ويمجدون بالفرس.
لا يمكن لعاقل أن يستوعب أو يفهم أسباب تذلل شيعة العراق للفرس وإتخاذهم السيستاني كإله، وتوجههم لكعبة قم؟
إن الذي فعلته إيران مع العراق لم يفعله كافر مع مسلم، وليس مسلم مع مسلم! فعلام كل هذا الهيام بأحفاد كسرى؟
الحقيقة الساطعة التي يجب أن يعرفها شيعة العراق هي إن للثقافة الصفوية عدوين فقط هم العرب والنواصب! وليس السلفية والصهيونية كما يزعمون، فمشروع تحرير العراق كان مطية للكيان الصهيوني ونظام الملالي. وتنظيم القاعدة الذي يعزفون على أوتاره المتهرئة له فرع رئيس في دولة الفقيه وكبار قادتهم يقيمون في طهران. وإذا رحل السيستاني سيكون مرجعكم الأعلى القادم محمود الشاهرودي وهو من أكبر منابر ولاية الفقيه وممن يمقتون العرب مقتاً مهولًا، علاوة على لسانه البذيء والسليط على الصحابة وأمهات المؤمنين.
ربما سيترحم البعض على السيستاني رغم كل عمالته ورذالته عندما يقارنون به المرجع القادم، الشاهرودي، الذي سيفرضه خامنئي على شيعة العراق رغم أنف الجميع. فالعراقي يتحسر دائما عما فاته! لأن القادم دائما أسوأ من الحاضر، والحاضر دائما اسوأ من الماضي. فيا لخيبة الخيبات.
للحديث بقية.. بعون الله.
=============

هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟ 5

علي الكاش
هناك الكثيرة من الأسئلة المحيرة تدور هو طبيعة مواقف الأكثرية الشيعية كمواطنيين ينتمون إلى العراق إنتماءا صميميا، بعضها مواقف تشكل جزءا من التأريخ المكبوت أو المسكوت عنه (النسيان الجمعي) الذي يشكل الضفة المقابلة للذاكرة الجمعية العراقية. وتبقى الأخيرة الملاذ الأمين لمن يبحث عن الحلقات المفقودة في المواقف الوطنية التي ينتابها أحيانا الغموض والإرتباك مما يستدعي إعادة تركيبها وترتيبها مثل مكعبات لعبة الميكانو ليحصل على الشكل الصحيح للصورة.

صحيح إن الكثير من المغامرين دخلوا هذه الدوامة المعقدة محاولين دراسة الظاهرة تأريخيا أو إجتماعيا وتحليلها بصورة دقيقة لكن معظمهم لم يقترب من فوهة البركان خشية من لظاه الحارق ولهم الحق في ذلك.
ربما المستشرقون والأجانب كانوا أكثر جرأة من غيرهم فخرجوا بنتائج بعضها، وليس كلها، مهمة، لأنها تضم بين جوانحها أقلاما مأجورة لمخابرات بلدانها وتعمل وفق أجندة مخطط لها. لكن هذا لا ينفِ أهميتها على أي حال.
إن ندرة الكتابات الموضوعية عن هذه الظاهرة أو هامشيتها جعلتها من مصنفات (التابو)، سيما إنها تمثل خليط من الدين والسياسة علاوة على ما تحتويه من ترسبات تأريخية وإجتماعية عميقة في الذاكرة الجمعية تجعل التفاعل معها محفوفا بالمخاطر.
وعندما نقتحم هذا المضمار فليس القصد منه أن نثير فتنة طائفية فوسائل الإعلام من فضائيات وصحف ومجلات ومواقع الكترونية ومنابر وعاظ السلاطين تكفي وتقوم بهذا (الواجب) على أكمل وجه. كما إن سياسات بعض الدول المتطرفة بجانبيها السني والشيعي تغني الفكر الطائفي وتعمق الشرخ الديني، لا التطرف السني ولا التطرف الشيعي مقبول لأنه يتنافى مع الدين والأخلاق. فالإسلام فوق كل الإعتبارات المذهبية وهذا هو ديدنا. إننا نبغي وضع النقاط على الحروف ليس إلا! من خلال وضع الظاهرة تحت المجهر لمعرفة خواصها والعوامل المؤثرة فيها وامتداداتها التأريخية ونتائجها على الوعي الجمعي الحالي والمستقبلي، بعدها يمكن الحكم عليها بصورة متكاملة وبشيء من الإنصاف.
ولا ندعِ مطلقا إن رأينا هو الصائب وغيرنا لا! فكل له الحق في أن يدلي بدلوه في هذا الموضع وسيغنيه حتما سواء كان بالإتفاق أو التعارض مع رأينا. المهم هو الوصول الى الحقييقة أو على أقل تقدير التقرب منها قدر المستطاع.
النقاط التي سنثيرها على شكل اسئلة لا تخص مطلقا أهلنا الشيعة الذين نهلوا من رافد أهل البيت العذب النقي الخالي من شوائب الصفوية. أهل البيت الذين نعرفهم حق المعرفة بزهدهم وعلمهم وتواضعهم واخلاقهم العالية وسيرتهم العذبة. وليس أهل البيت من الدجالين والسحرة والمشعوذين وأصحاب الألسة البذيئة التي رسمها الصفويون بغرض الإساءة لهم وليس تقديسهم، كما يتوهم البعض! فهؤلاء شخصيات كاريكاتورية هزيلة ومناقضة كليا لصفات أهل البيت.
صحيح أن شيعة العراق العلويين صوتهم مخنوق حاليا ويشكلون هامشا متواضعا أمام الشيعة الصفويين بفعل جبروت النظام الحاكم وتوجهه الطائفي وأجندته الخارجية. لكن الرؤية التأريخية المعمقة لا تقبل عملية الدمج بين الجانبين الهامشي (طائفة الشيعة العلويون) والمركزي (النظام الشيعي الحاكم). حيث ان المواقف الموالية لأجندة ايران ونظامها الصفوي لا تتعلق بفترة الغزو الامريكي وتسلم الشيعة نظام الحكم في العراق، بل له إمتدادات تأريخية لما قبل تشكيل العراق الحديث ولحد الآن! ويتجسد ذلك بوضوح من خلال رمزية الممارسات والطقوس المذهبية التي تشكل صيرورة لتثبيت البناء الذهني والسلوك الإجتماعي للطائفة. مع اعترافنا بأن تلك الرمزية لا تتماهى في البنية الشيعية بكيفية واحدة ولكنها تتقارب من ناحية توليد وتضخيم الكراهية على المستوى الوطني والعربي والإسلامي للشيعة. وهذا ما لا يأخذه الشيعة بنظر الاعتبار، سيما إنهم يشكلون أقلية بالنسبة لعموم المسلمين في العالم. والحقيقة ان نماذج الحكم الشيعي في إيران والعراق وسوريا ولبنان نماذج مبتذلة ولا تشرِّف أي شيعي عربي علوي يفهم حقيقة التشيع ويدرك الإنحراف الخطير لمسار التشيع العلوي وإبتلاعه من قبل التشيع الصفوي.
بلا شك ان النظام الصفوي في إيران هو الحبل السري الذي يغذي تلك الكراهية للتشيع ويمدها بكل مقومات الحياة والبقاء والنمو. وهذا الأمر يذكرنا بقصة قديمة مفهومة الدلالة تمثل واقعنا المؤسف:
يُحكى أن زعيماً هندياً من القبائل الامريكية الأصلية (الشيروكي) حكى لحفيده قصة صغيرة ملخصها إنه يوجد في جسده- الجد- وكل البشر ذئبان يدور بينهما صراع مرير، أحدهما شرير يتجسد بالغضب والكراهية والكذب والجشع والغدر، والآخر طيب السريرة يتجسد بالحب والعطف والوفاء والصدق والتسامح والإحسان. فسأله الحفيد: أي من الذئبين سينتصر يا جدي؟ فقال الجد: الذئب الذي تغذيه هو الذي ينتصر.
لذا فالذئب الصفوي يتغذى غذاءً دسماً.
إننا في هذا المبحث نتساءل عن طبيعة التشيع في العراق من حيث ما هو بائن ومعلن، وليس مستورا وخبايا في النفوس لا يفصح عنها لسبب أو آخر. وهذه التساؤلات هي بحد ذاتها مؤشرات تبين الكفة الراجحة للتشيع في العراق. ونترك قرار الحكم للقراء الأفاضل.
فإذا كان تشيع العراق عربيا وليس فارسيا. إذن لماذا لايقلد الشيعة المراجع العربية كآية الله الخالصي والشيخ المؤيد وآية الله الصرخي الحسني الذين عرفوا بتشيعهم العلوي ومواقفهم الوطنية الأصيلة تجاه الكثير من القضايا الساخنة؟
ولا نذيع سرا عندما نقول ان هذه المراجع العربية واتباعها تُحاربون بقسوة ووحشية من قبل المرجعية الفارسية وأذرعها العسكرية. سيما اتباع سماحة المرجع الصرخي الذي يرفض شيعة العراق مع الأسف سماع صرخاته الوطنية والإنسانية التي تفتت الصخر. مع إن مراجعنا العرب هم الذين يتنفسون بروح آل البيت، وليس المراجع الأعاجم الذين يتنفسون بروح إسماعيل الصفوي.
إذا كان تشيع العراق عربيا وليس فارسيا. فلماذا يأخذ الشيعة بثقافة الفرس الصفوية المبتذلة بشتم وتخوين الصحابة وقذف المحصنات من أمهات المؤمنين؟
نفهم أن الفرس يكرهون الفاروق لأنه قضى على مجوسيتهم وغطرستهم، لذلك نراهم يمجدون قاتله (بابا شجاع) ويقيمون له مزارا. لكن لماذا يكره الشيعة العراقيين الفاروق؟ واذا كان الفرس يمجدون ابو لؤلؤة المجرم القاتل! فلماذا لا يمجد الشيعة الخليفة المقتول؟ ولماذا لا يسمون ابناءهم بأسماء: عمر وبكر وعثمان وعائشة إذا كانوا فعلا لا يبغضونهم؟ ألم يسمِّ الإمام علي اثنين من أولاده عثمان الأكبر وعثمان الأصغر واثنين هما عمر الأكبر وعمر الأصغر وإثنين هما ابو بكر الأكبر والأصغر؟ ألم يسمِّ الإمام الحسين إثنين من ابنائه بإسم عمر وعمر الأشرف وأبو بكر؟ ألم يسمِّ الإمام الحسن اثنين من أولاده عمر وأبو بكر؟ ألم يسمِّ موسى بن حعفر ولديه أبو بكر وعمر وإبنته عائشة؟ فلماذا تُكره وتُسب هذه الأسماء المحببة لأهل البيت رضوان الله عليهم؟ حتى قال الشاعر عبود الكرخي في قصيدته اللاءات “يكلون بالعربان إسم عيشة وعمر”.
كلنا يعلم ان الخُمس المشار اليه في القرآن أسيء تفسيره بتعمد ليخدم مصالح المراجع الدينية. فالآية الكريمة في سورة الأنفال/41 {واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير} واضحة تشير الى الفيء. أي ما يغنمه المسلمون من الأعداء دون حرب. والآية توزع الخمس الى ستة أقسام: لله، رسوله، ذوي القربى، اليتامى، والمساكين وابن السبيل وليس للنبي (ص) فقط. ولا يوجد ما يشير إلى حصة لخلفه وإن كان فلزوجاته وبناته فهؤلاء أهل بيته! لذا لم يتسلم خلفه خُمُسٌ من الناس. ويلاحظ ان المراجع الجشعين وسعوا نطاق الخمس ليشمل المال الثابت أيضا! وفي الوقت الذي أعفي فيه الفقراء من الزكاة فإن الخُمُس لم يعفِ الفقراء. وهذا قعر السفالة الساسانية كما نوه عنها شاعرنا الكبير أحمد الصافي النجفي:
عجبت لقوم شحذهم باسم دينهم وكيف يسوغ الشحذ للرجل الشهم

وهل كان في عهد النبي عصابة يعيشون من مال الأنام بذا الاسـم
لئن أوجب الله الزكاة فلم تــــكن لتعطي بـذل بل لتؤخذ بالرغـــــم
أتانا بها أبناء ساسان حرفــــــة ولــم تكُ في أبناء يعرب من قِـدم
من خلال الإطلاع على صرفيات الخُمُس يلاحظ ان المراجع الفارسية يستحوذون عليها ويودعونها في مؤسساتهم المالية مثل (مؤسستي الخوئي والسيستاني في لندن) علاوة على شراء القصور الفخمة في بلدان (الإستكبار) العالمي. كما أن بقية المبالع تستثمر في مشاريع حوالي 90% منها في إيران وليس العراق (مقر إقامة هؤلاء المراجع)؟ فلماذا تحول اموال العراقيين الى ايران ومراجعها؟ وأي من الشعبين أحق بها؟ ولماذا السكوت عنها؟ هل يعلم الشيعة انه بخُمُسهم يمثلون الثدي الذي يُرضع المرجعية الفارسية. ولو توقفوا عن إرضاع المراجع فإنهم بذلك يسحبون البساط منها ويشلونها؟
من المعروف ان الحوزة العلمية كاذبة، وان المرجع الأعلى من أحفاد مسيلمة الكذاب. فهذا المرجع سبق أن أقسم بلا حياء بأنه لن تمرٌ (الإتفاقية الأمنية التي عقدتها الولايات المتحدة مع حكومة المالكي) إلا على جثته! وإذا بها تمرٌ كالنسمة الناعمة على جسده الواهن.
هذا المرجع ذكر قبل الإنتخابات السابقة بأنه يقف على مسافة واحدة من كل القوائم الإنتخابية. لكنه قبل الإنتخابات أوقف الدراسة في الحوزة واستنفر كل طلابها وارسلهم الى انحاء العراق كافة يحملون رسالة شفوية منه لإنتخاب قائمة آل البيت تحت شعار نصرة المذهب والمحافظة على المكتسبات التي حققها الشيعة (لم نشهد المنجزات بل شهدنا المنكرات من مصائب وفضائح وفساد)! وقد اعترف المرجع الفياض بتواطؤ الحوزة مع القوائم الشيعية كاشفا كذبة الوقوف على مسافة واحدة من كل القوائم!
وكانت النتيجة أن حقق السيستاني ما أراده من جمهوره الغافل، واذا بمرشحي المرجعية ومن زكَّتهم لأتباعها هم من أسوأ خلق الله من عمالة وفساد ونذالة.
لا غرابة فالإناء ينضح بما فيه!
السؤال: لماذا لاينتفض الشيعة العراقيين ضد الحوزة ومراجعها الأجانب؟ وهي التي حفزتهم على إنتخاب الفاسدين قبل أن تنفض يديها منهم سواء كان ذلك تقية أو حقيقة؟ ولماذا لايطلبون من الحوزة إصدار فتوى تجرم الفاسدين ممن زكتهم وتعلن برائتها منهم، وتتحمل مسؤولية ما أقدمت عليه؟
فضائح وكذبات المرجعية لا تنتهِ، فرغم الفضيحة الكبرى بعمالة المرجع الأعلى كما جاء في مذكرات المندوب اللاسامي بول بريمر ورامسفيلد وأخيرهم وليس آخرهم (على إعتبار مسلسل الفضائح مستمر) الجنرال البريطاني ريتشارد دانات. وسمعنا بفضيحة ممثل المرجع في العمارة مناف الناجي ودفع السيستاني (500) مليون دولار من خمس الجهلة لسحب الأفلام الخليعة، وإرسال ممثل عنه لترضية الأطراف التي إنتهك الناجي شرفهم. ومواقف كثيرة لا أخلاقية ولا وطنية ولا إسلامية. السؤال: لماذا رغم كل الإنحلال الأخلاقي في مواقف الحوزة وما تزال تمتلك هالة القدسية في عقول الشيعة العراقيين؟ وأين الخلل؟
ثم هل الحوزة بمواقفها اللاوطنية واللااخلاقية تعكس مبادئ آل البيت؟ إن كان الجواب: نعم! لنعلن جميعا براءتنا من آل البيت. وإن كان الجواب: لا! فما تبرير السكوت عن الحق؟ ولمصلحة من هذا السكوت؟
جمعينا يستذكر المواقف الحقيرة لقوات الغزو الأمريكي في العراق منها قيام المارينز بالتبول على نسخ من القرآن الكريم، واتخاذ القرآن شاخصا يصوبون عليه بنادقهم علاوة على فضائح سجن ابو غريب. كل هذه الإساءات مرَّت بسلام على شيعة العراق ومراجعهم العليا. ولكن قيامتهم تقوم إذا وجهت الإساءة للسيستاني!
السؤال: هل قدسية السيستاني أكبر من الله ورسوله؟ وهل ايران حقا دولة اسلامية وتدين بالاسلام ليتبعها شيعة العراق؟ هل سمعتم بصيحة استنكار أو تظاهرة ضد فيلم (براءة الإسلام) في ايران والذي تضمن مشاهد مسيئة للرسول (ص)؟ وهل يجوز لدولة تحمل اسم الإسلام تقوم بنشر صور كاريكاتورية مسيئة للنبي يوسف (ع) في صحيفة مشهورة (كيهان)؟ لو كان الفيلم والرسوم تسيء للسيستاني هل ستكون ردة فعل الشيعة بنفس البرود؟
في أمهات الكتب الصفوية توجد أحاديث محرضة على الفتنة والشقاق بين المسلمين وهو ما يسمى بمخالفة أهل السنة. ويعلق الخميني على رواية منسوبة لأبي عبد الله حول مخالفة أهل السنة بقوله “رواية شيعتنا المسلمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لإعدائنا، فمن لم يكن كذلك فليس منا. الظاهر منها المخالفة في عقائدهم (أهل السنة) وأمر الإمامة”. (التعادل والترجيح للخميني/83). وهذا يفسر لنا سبب مخالفة شيعة العراق للسنة في كل شيء من الأذان والشهادة ووضعية الصلاة والصوم والحج إلى مواعيد الصوم والإفطار والأعياد تبعية منهم لايران.
وسبق للرئيس البكر أن إقترح على المرجع الشيعي الأعلى بإعلان العيد بنفس اليوم من قبل الحكومة والمرجعية الشيعية بهدف توحيد المناسبة الدينية بين المسلمين. فإعتذر الخوئي عن تلبية طلب رئيس الدولة!
من جهة أخرى هل سمعتم إن المرجع الأعلى في العراق خالف إرادة ايران في هذه المناسبات سواء في زمن الشاه او زمن الملالي؟ حسنا! لماذا لا يكون هناك إختلاف حول عيد النوروز المجوسي بين المراجع؟
السؤال: لماذا لا يرى الشيعة الهلال بنفس اليوم الذي يراه السنة؟ أم هناك من يُلبِسَهم نظارة سوداء! فالرؤية الشرعية لا تصحُّ دون رضا هبل الحوزة؟ وهل من المعقول خلال العقود الماضية لم يصدف لمرة واحدة فقط أن ثبتت رؤية الهلال عند الشيعة والسنة بنفس اليوم؟
ثم ان عيد الأضحى لايقبل الجدل حيث يلي وقوف الحجاج يوم عرفة. وإذا حاجج البعض بأن السنة يأخذون بتوقيتات السعودية في تلك المناسبات! سنرد بأن هذا إفتراء! فقد كانت هناك إختلافات في بعض الأعياد. وحتى لو إفترضا جدلا بأن السنة يأخذون بتوقيتات السعودية فهذا لايعني تبعيتهم للنظام السعودي، فلا يوجد مرجع ديني سعودي لأهل السنة. كما إن الكعبة المشرفة وقبر المصطفى الشريف في السعودية، وليس مقام أبو لؤلؤة المجوسي.
بلاشك دفع الشعب العراق دماءً غالية في الحرب العراقية الإيرانية وبغض النظر عن الطرف الذي بدأ الحرب وهو معروف وموثق دوليا، فإن الخميني هو الذي يتحمل مسؤولية إستمرارها لمدة ثمان سنوات من خلال رفض كل المساعي الحميدة لوقفها. وهذه قضية مفروغ منها ولا تحتاج إلى جدال. كما ان النظام الايراني يتحمل مسؤولية تأخير تبادل أسرى الحرب لغاية ما قبل الغزو الأمريكي (وما زال البعض منهم رازحاً في الأسر حتى الآن)! وإذا رغب القارئ الفاضل بمعرفة كيف كان نظام الخميني (الإسلامي) يعامل الأسرى العراقيين؟ فليسأل أي أسير عراقي عن أحواله في الأسر! وسيخرج بنتيجة هي: ان الكفار لم يعاملوا الأسرى كما عاملهم نظام خميني (الإسلامي)!
السؤال: لماذا يحتفل شيعة العراق بميلاد وذكرى فاة الخميني؟ هل قدَّم الخميني لهم مكسباً واحداً؟ أليس هو من قتل أولادهم في الحرب؟ ولماذا لا يعتزون بشهدائهم في الحرب كما يفعل الفرس في ايران، بل يعتبرونهم قتلى حرب؟ حتى النصب التذكارية لأبطال الحرب دمروها أو رفعوها من الساحات العامة، لتحل محلها صور الخميني والخامنئي والسيستاني! ومن يدعي ان الشيعة شاركوا في الحرب ضد الخميني مشاركة فاعلة وهي حقيقة لايمكن ان ينكرها لبيب. فتلك ليس مِنة منهم! فقد شارك السنة والمسيحيون واليزيديون والصائبة والتركمان والأرمن والأكراد أيضا. وكان النظام الوطني السابق قوياً وحدياً لايهادن الخائنين والخوارين. ولأن أحكام الخدمة العسكرية كانت تسري على الجميع بلا استثناء. ولم يكن تشكيل الجيش العراقي قائماً على أسس طائفية. ولأن الوعي الوطني كان أفضل منه الآن. ولأن المناطق التي احتلتها قوات الخميني معظمها ذات كثافة شيعية أكبر. ومع هذا فقد هرب الآلاف من الجنود الشيعة الى جانب العدو الإيراني! وكثير منهم الآن يتولون مناصب عليا في حكومة المالكي! وكان هذا المالكي نفسه أحد الهاربين من الخدمة العسكرية الالزمية.
قام النظام الإيراني بقطع مياه عدد من الأنهار والروافد التي تنبع من أراضيه وتصب في العراق في خطوة إنتقامية لا يمكن تبريرها، سيما إن النظام الحاكم في العراق تابع ذليل للخامنئي. وقد تضرر آلاف المزارعين العراقيين، ومعظمهم من الشيعة، من هذه السياسة الرعناء المخالفة للقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار ومبادئ الدين الحنيف. علاوة على ضخ املاح البزل والنفايات للأراضي العراقية.
نستذكر في المشادات الكلامية مع بداية الغزو عندما أعلن بعض النواب الشيعة بأن نفط الجنوب سيكون للشيعة فقط، مما أثار حفيظة أهل السنة وكانت ردة فعل بعض ممثليهم بأن قطع النفط عنهم سيقابله قطع المياه. وكلا التصريحين بالطبع سخيف ويعبر عن قصر نظر في الوعي الوطني. حينذاك قامت قيامة الشيعة واستذكروا عطش الحسين وبدأ البكاء والنواح على عطشى كربلاء. وضخَّمت الأقلام المأجورة التصريح كأننا نشهد كربلاء جديدة!
بالطبع لم يقطع السنة الماء على الشيعة، لكن ايران قطعت الماء عنهم.
السؤال: لماذا لا يستذكر الشيعة عطش الحسين كما فعلوا مع السنة؟ ولماذا يعتبرون رمي أملاح البزل الإيرانية على أراضينا سكراً وليس ملحاً؟ وإين الأقلام التي تحدثت عن عطش الحسين. هل نفذ حبر الغيرة والشرف من أقلامهم؟
للحديث محطة أخيرة.. بعون الله.

======================

هل التشيع في العراق علوي أم صفوي؟ 6

هذه هي الحلقة الأخيرة من سلسلة مقالات نشرناها تباعاً للكاتب العراقي السيد علي الكاش، استعرض فيها مطولاً واقع شيعة العراق، ومدى تأثرهم، بحسب وجهة نظره، بالتشيُّع الصفوي.
وهي مقالات كما قلنا في تقديمنا للحلقة الأولى تطرح أفكاراً جريئة وأسئلة خطيرة وعميقة، وربما يراها البعض قاسية أو منافية للواقع، ولكنها، في كل الأحوال، مقالات جديرة بالنشر جديرة بالقراءة، وأفكارها جديرة بالتأمل والنظر بعمق وحصافة، بعيداً عن التعصب المذهبي والهوى الشخصي، وبعيداً عن التأثيرات السياسية، أياً كان اتجاهها.
هل التشيّع في العراق علوي أم صفوي؟ 6

إغتيال العقل الشيعي في العراق المتفرِّس

(المراجع الأربعة في النجف أشبه ما يكونوا بأربعة ذئاب في مزرعة للدجاج)!
علي الكاش
هناك من يعتقد بأن الدين كالماء يتخذ شكل ولون الإناء الذي يحتويه لتبرير الإختلافات الجوهرية بين الأديان من جهة، والمذاهب الإسلامية وغير الإسلامية من جهة أخرى، معتبرا إن السياق الزمكاني والاركيولوجي يمثلان البوتقة التي يتموضع فيها الفكر الديني ويتبلور، مما يؤدي إلى إعادة إنتاج المفاهيم القديمة وفق سياقات جديدة تناغم التطورات الفكرية. وهذا يعني إن الأديان السماوية لا تختلف عن الأديان الوضعية، والمذاهب المتناحرة تتشابه فيما بينها. وهذا إجحاف كبير بحق الأديان السماوية، وتنكر لفضل الله تبارك وتعالى على البشر، وتهميش لجهاد الأنبياء والرسل في نشر الرسالة السماوية. فلا يجوز أن نعتبر الإسلام والنصرانية واليهودية والمجوسية والصفوية والبوذية والسيخ وبقية الأديان والمذاهب متشابهة! إنه تسويف لحقيقة الدين وتفريغه له من مضامينه، في ظل إختلاف البنية العقائدية بين الأديان والمذاهب إختلافا جوهريا.
سبق أن طرحت هذه الأفكار المشوشة من قبل بعض المتصوفة سيما الفرس كأبي يزيد البسطامي وجلال الرومي والحلاج وإنتقلت منهم الى المتصوفة العرب فتبنوها على علاتها، وما يخص مبحثنا ان هذه الأفكار تطوي بين ثناياها تداعيات خطيرة على العقلية العربية وهذا ما نشهد الآن على الساحة، كأن نقول بأن التشيع العلوي هو نفسه التشيع الصفوي!
ومن المؤسف إن البعض لا يميز بين الإثنين رغم شدة التباين بينهما! وربما هذا الخلط ناجم عن تَسيد التشيع الصفوي على التشيع العلوي وتعاظم شأن المراجع الفرس وسيطرتهم على حوزة النجف وشيعة العراق، إضافة الى تأثير وسائل الإعلام الفارسية في مجرى الأحداث الجارية على الساحة العربية عموما والعراق وسوريا ولبنان بشكل خاص، وعدم وجود ندٍ لها من حيث القوة والتأثير. علاوة على التخلف والجهل عند الطائفة!
لكن هناك فرق واضح بين التشيع العلوي والصفوي، وليس من المنطق أن نتعامل معهما كعملة واحدة.
من بين أسرنا وعشائرنا وأصدقائنا وجيراننا شيعة أقحاح يرفضون التشيع الفارسي ويدركون أغراضه المشبوهة، فلا يصح أن ندخلهم في خانة التشيع الصفوي، وإن فعلنا سنقدم بذلك خدمة مجانية للتشيع الفارسي.
يجب علينا كشيعة وسنة أن نقوي وندعم وننمي التشيع العربي الذي يعاني من الضعف والهزال، لكي يتمكن من مواجهة غريمه المارد الصفوي، وهذه مهمة وطنية وشرعية وإنسانية، وإلا نكون قد دخلنا في دهليز مظلم لا نهاية له.
بدون تطور الوعي الشيعي لا يمكن أن ينهض العراق من جديد، وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها مطلقا، كما إن لدينا عتب بسيط على تاج رؤوسنا، المقاومة العراقية الباسلة، من منطلق التأكيد وليس التنبيه، فالإحتلال الفارسي لا يقل شراسة ودناءة عن الإحتلال الأمريكي، والمقاومة تدرك وتعي ذلك جيدا، مما يتطلب تقليم براثن الولي الفقيه سواء في الحكومة أو البرلمان، فهذه الطفيليات الفارسية تعمل بحرية دون أن تواجه مواجهة حازمة من قبل مقاومتنا الوطنية. صحيح هناك فعاليات جهادية مستمرة لكن رؤوس الأفاعي لا تزال قوية بل تقوى يوم بعد آخر، وتنفث سمومها علينا، لذلك هناك حاجة ملحة لوضع حد لها، مع علمنا بتدابير الإحتراز الشديد التي يتخذها العملاء وقلة مغادرتهم لأوكارهم الشيطانية في المنطقة الخضراء.
إن إنحسار التشيع العلوي لصالح التشيع الصفوي بفعل تراجع العقل وتقهقره لصالح النص إعاد العراق الى العصور المظلمة بل أسوأ منها، مع إن النص الصفوي يمثل نسخة مشوهة للنص العربي، ومن الجدير بالإشارة أن الفروقات بينهما تتجاوز في معظم الأحيان الجانب العقائدي، لذا فإننا نحاول جهد الإمكان ان نفرز جوانب التخبط والخلط بين المفهومين، وربما أسهم هذا الخلط في سيطرة ولاية الفقيه على ولاية آل البيت، وترسيخ القناعات بالتفريعات المشوهة لفقه الأئمة التي تفاقمت بشكل كبير وتركت آثارا جانبية سيئة على الدين الإسلامي وقواعده المسلكية المستقيمة، ورغم المحاولات الحثيثة والجهود المضنية التي يبذلها المراجع العرب كسماحة آية الله المؤيد والحسني الصرخي والخالصي لتنقية تشيع آل البيت من الطفيليات الصفوية، لكن نتائجها مازالت دون مستوى الطموح. بسبب توجه أكثرية الشيعة في المنطقة الى المراجع الفارسية، وهذا ناجم عن قصور في الوعي الديني والوطني!
نستمر في متابعة مواقف شيعة العراق والتي تثير الحيرة وتحز في النفس.
أصبح العراق مستهلكا كبيرا للمخدرات الوافدة من دولة الفقيه وجسرا ما بين إيران ودول الخليج العربي لعبورها، وقد عثرت مديرية شرطة البصرة مؤخرا في جامع الإمام موسى الكاظم الذي يديره معتمد السيستاني عماد البطاط على 100 ألف حبة من الحبوب المخدرة و 500 كغم من الأفيون والحشيشة الايرانية!
بلاشك إن تعاطي المخدرات يعني الموت البطيء لشبابنا وتدمير الوعي وتخريب القيم الأخلاقية في المجتمع، وتنامي ظاهرة تعاطي المخدرات تنبئ عن شر مستطير، علما ان تجار ووسطاء تجارة المخدرات والمدمنون عليها هم من الشيعة وينشطون في مناطق العتبات المقدسة سيما كربلاء والنجف والكاظمين.
السؤال: لماذا لا نسمع للشيعة صوت إستنكار ضد التخريب الإيراني لشبابنا؟ وكيف نفسر وجود المخدرات في أحد بيوت الله التي تعود للمرجعية؟ ونفس الأمر فيما يتعلق بالأغذية والأدوية الإيرانية الفاسدة؟ فلماذا لا يشجبون هذه الأفعال أو يمتنعون على أقل تقدير عن تناول البضائع الإيرانية؟ أليست المقاطعة الإقتصادية أضعف الإيمان، علما إن واردات العراق للعام الواحد بحدود 57 مليار دولار.
كان لميليشات الولي الفقيه في العراق الدور الريادي في تخريب البلد بعد قوات الغزو الأمريكي وتم العثور على مستودعات كبيرة للأسلحة والذخيرة الايرانية في انحاء كثيرة من العراق سيما في جنوبه والفرات الأوسط، وكلنا يعلم ان تسليح وتدريب وتمويل هذه الميليشيات يتم من قبل إيران والهدف منها تنفيذ أجندتها التوسعية في العراق، فالمخطط ايراني لكن المنفذ عراقي.
السؤال: لماذا ينتمي الشيعة الى ميليشيات ايرانية معروفة الهدف؟ ولماذا يسمحون بوجود مستودعات الأسلحة الإيرانية في مناطقهم ومنها صواريخ أرض بعيدة المدى وما الغرض منها؟
النفط العراقي كما هو معروف يُسرق من قبل جارة السوء من خلال بدعة الآبار المشتركة والسيطرة المباشرة على الآبار الحدودية والصفقات الفاسدة لقزمهم حسين الشهرستاني المسؤول عن القطاع النفطي مع إبن السيستاني؟ ولم نشهد لشيعة العراق موقفا صريحا من هذه السرقات!
السؤال: لماذا لاتعنيهم السيطرة الايرانية على آبار نفط الجنوب وسرقته ومعظمهم يعيش تحت خط الفقر؟ ولماذا افصحوا عن رغبتهم بقطع النفط عن سنة العراق في حين وهبوه مجاناً الى ايران؟
إذا كان تشيع العراق عربيا وليس فارسيا، فلماذا يسكت شيعة العراق عن إساءات الفرس لهم ومنها ما يتعلق بتوجيهات ايران الخارجية حول سوريا والبحرين والقطيف واليمن؟ ولماذا يخضعون لأوامر الخامنئي فيشكلون (كتيبة ابو الفضل العباس) يقاتلون بها اخوانهم العرب المسلمين من ثوار سوريا؟ ولمصلحة مَن يقاتل العربي شقيقه العربي على أرض عربية وبسلاح عربي؟ أهكذا يكون جزاء الشعب السوري الكريم المعطاء الذي احتضن الملايين من أشقائه العراقيين المشردين من قبل ميليشيات الولي الفقيه منذ الغزو الامريكي للعراق؟
ولمصلحة من؟
لمصلحة فقيه فارسي لا يمت بصلة للعراق والعروبة! إن نظام بشارالأسد إنتهت صلاحيته ومدة نفاذه وسيرمى في مزبلة التأريج عاجلا أم آجلا. فهل فكَّر شيعة العراق في الجار السوري القادم؟ وكيف سيتعامل نظامه مع من وقف ضد إرادته وتآمر على قضيته المصيرية؟ وهل سينسى الشعب السوري وقفة شيعة العراق مع الجزار الأسد؟
لماذا لا نستفيد من دروس ومواعظ التأريخ؟ أليست هي أفضل من مواعظ تنابلة السلطان في حوزة الغلمان؟
إذا كان تشيع العراق عربياً وليس فارسياً، فلماذا يسكت شيعة العراق عن إساءات الفرس لهم ومنها ما يتعلق بالهجومات الإيرانية المتكررة على القرى الكردية في شمال العراق؟ المئات من الأبرياء يُقتلون ويُشردون في القرى الحدودية تارة على يد الأتراك وتارة على يد الفرس! سمعنا مذكرات احتجاج وشجب ضد الأعمال العدوانية التركية لكننا لم نسمع بمثلها ضد العدوان الفارسي المتكرر!
السؤال: هل طائرات الأتراك ترمي القنابل على العراقيين وطائرات الفرس ترمي الزهور؟
إذا كان تشيع العراق عربياً وليس فارسياً، فلماذا يسكت شيعة العراق عن إساءات الفرس لهم، ومنها ما يتعلق بغلق مضيق هرمز؟ حيث لم نشهد لهم موقفاً وطنياً واعياً عندما هددت ايران بغلق المضيق وهو شريان العراق التجاري؟ وإغلاقه يعني موت العراق اقتصاديا! والغريب ان الحكومة الشيعية أخذت تفكر في بدائل لتصدير النفط العراقي في حال إغلاقه لتساعد إيران في زعمها الكاذب بإغلاقه، وهي تدرك جيدا بأن إغلاق المضيق سيفتح عليها أبواب جهنم على مصراعيها، وستنتحر اقتصاديا قبل أن تفتك بغيرها من دول الخليج العربي!
إذا كان تشيع العراق عربياً وليس فارسياً، فلماذا يسكت شيعة العراق عن إساءات الفرس لهم ومنها ما يتعلق بالمجرمين؟ لماذا لم يستنكروا، مثلاً، لجوء المجرمين والإرهابيين إلى إيران كمناف الناجي وقيادات جيش المهدي وعصائب أهل الحق ومجرمي مصرف حي العدل وابو درع والعشرات غيرهم؟ ولماذا لم يطالبوا بإرجاعهم سيما ان النظام اللقيط في العراق ولد في رحم فارسي؟ علماً أن من إنتهك أعراضهم وسرق ثرواتهم هم من نفس جلدتهم وبحماية المرجعية الدينية في النجف!
إذا كان تشيع العراق عربياً وليس فارسياً، فلماذ تكاتف شيعة العراق مع الأمريكان. ولم نشهد لهم صولات في ميدان المقاومة ضد الإحتلال؟ بل على العكس وقفوا ضد المقاومة الوطنية ولوّثوا سمعتها خدمة للغزاة. فجيش المهدي وقوات بدر وميليشات فاطمة وكتائب الحسين وحزب الله وغيرها ناصرت الإحتلال، ومن يناصر الإحتلال يقف بطبيعة الحال ضد المقاومة الوطنية. ولم نشهد لفصيل شيعي عملية ضد المحتل سوى عملية خطف خمسة من الفنيين البريطانيين من قبل ميليشيا عصائب أهل الحق لغرض المساومة على إطلاق سراح بعض زعمائها المعتقلين في سجون المحتل، وإفشال عملية مراقبة إنسيابية حركة النقد العراقي في وزارة باقري صولاغي سابقا! بل إن جيش المهدي باع عدداً كبيراً من اسلحته الخفيفة والمتوسطة لقوات الغزو الامريكي، بعد أن أفتى قائده (الهمام) بالمقاومة السلمية من خلال الإعلام!
إذا كان تشيع العراق عربياً وليس فارسياً، فلماذ لم تزعج شيعة العراق عمليات تصفية العلماء والطيارين والاكاديميين وكبار القادة العسكريين من أبناء جلدتهم، أي الشيعة، ولا نقول السنة لأن موقفهم منهم واضح؟ رغم ان كل الدلائل تشير بأن التخطيط للتصفيات الجسدية كان فارسياً والتنفيذ عراقياً (قوات بدر، جيش المهدي، حزب الله وحزب الدعوة) ناهيك عن كون 99% من جيش المخبرين السريين الذين قدموا معلومات عن ابطال المقاومة هم من الشيعة!
إذا كان تشيع العراق عربياً وليس فارسياً، فلماذا يتعامل شيعة العراق بالتومان الايراني في البصرة والنجف وكربلاء؟ هل أصبحت هذه المحافظات ولايات إيرانية تحت نفوذ الخامنئي؟ ولماذا لم تكن لهم ردة فعل تجاه مزاعم الحكيم بتعويض ايران 100 مليار دولار وهي من ثروتهم وهم أحقُّ بها؟
ولماذا لا يتساءلون عن هوية المعتقلين في سجون المالكي السرية والعلنية؟ وعن اعدام العشرات من العراقيين والعرب بتهمة الإرهاب؟ فقد أعلنت المنظمة العربية لحقوق الإنسانه بأنه يوجد في سجن أبو غريب/ قسم الأحكام الثقيلة 3200 سجين “جميعهم من أهل السنة! يشرف عليهم حراس من جيش المهدي وقد أحالوا حياتهم إلى جحيم بفعل ما يمارسونه بحقهم من اعتداءات بالسٌب والشتم والضرب وسب رموزهم الدينية-اي ابو بكر وعمر وعائشة”.
ولماذا لم يُعدم حتى الآن إرهابي إيراني واحد في حين أعدم العديد من العرب وآخرهم سبعة من السعوديين؟ علما إن العالم يشهد، والعراقيين قبله، بأن إيران دولة الإرهاب الأولى في العالم! فلماذا الإرهاب الإيراني مقبول والإرهاب العربي مرفوض؟ لقد أصبحت القاعدة القانونية في العراق الجديد إن السني متهم حتى لو ثبتت براءته، والشيعي بريء حتى لو ثبتت جريمته! أليست هذه هي المظلومية؟
لماذا لا صوت للشيعة العراقيين اتجاه أشقائهم عرب الأحواز الذين يتعرضون إلى إبادة شاملة وعملية مسخ لهويتهم العربية وطمس لجهادهم العروبي؟ أليس هؤلاء اشقاؤنا بالعروبة والإسلام والمذهب أيضا؟ هل شيعة القطيف والبحرين على حق وعرب الأحواز على خطأ؟ أم هي التبعية العمياء لولاية الفقيه؟ ولماذا لم نسمع صوتاً شيعياً يناصر ضيوف العراق في معسكري أشرف وليبرتي؟ بل على العكس فقد أصبحوا السلاح الذي يحارب به أحمدي نجاد سكان أشرف! هل هكذا كانت أخلاق الأئمة مع ضيوفهم ولمن يستنجد بهم؟ وهل كان الأئمة يسرقون ممتلكات ضيوفهم ويسلمونهم لأعدائهم؟
ولماذا لم نسمع أية تصريحات ضد الأطماع الفارسية في العراق ودول الخليج العربي؟ بل على العكس فقد أصبح الخليج العربي فارسياً رغم أنف الشعب العراقي في المناهج الدراسية تحت ولاية الملا خضير الخزاعي (وزير التربية السابق).
لماذا يرفع شيعة العراق صور الخامنئ والخميني في يوم القدس العالمي؟ وقد تبين مؤخرا ان فيلق القدس لا يمارس نشاطاته في القدس بل في امريكا اللاتينية وافريقيا! الآن تشهد غزة عدواناً ظالماً فأين فيلق القدس مما يجري في غزة؟ وتشهد القدس تهويداً خطيراً ولم يمض على الإحتفال بيوم القدس سوى أسابيع معدودة، فأين فيلق القدس من ذلك؟ ألم نقل مراراً وتكراراً بأنهم يتاجرون بالقضية الفلسطينية شأنهم شأن قزميهما في سوريا ولبنان! ثم ما الغرض من تعليق مئات الآلاف من صور الزعماء الشيعة في الساحات العامة وجميع الطرق الداخلية والخارجية؟ أليست تلك نعرة طائفية وإستفزازاً لبقية الشرائح الاجتماعية في ظل صمت البرلمان والحكومة عنها؟ ثم لماذا لا يسأل الشيعة أنفسهم عن سبب عدم قيام السنة بتعليق صور لزعمائهم الدينيين؟ وكيف ستكون ردة الفعل الرسمية والشعبية لو فعل أهل السنة ذلك؟
ولماذا قبل شيعة العراق بغارات ميليشيات الفقيه على مساجد السنة وحولوها الى حسينيات؟ وما تزال معظمها تحت سيطرتهم حتى الآن؟ هل المساجد هي بيوت الله أم بيوت الحسين؟ وهل يجوز ان يطلق على بيت الله (حسينية)؟ أم هي بدعة؟ وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
هل العراق محرر فعلا وذو سيادة كاملة؟
إذا كان الجواب: كلا! فيكفينا ذلك الإستمرار في النقاش، وإذا كان الجواب نعم! نقول: ما رأيكم بقول مقتدى الصدر مؤخراً بأن الامريكان يسيطرون على كافة المؤسسات الحكومية؟ وكذلك تصريح الجنرال قاسم سليماني بأن العراق أمسى حديقة خلفية لنظامه؟ لماذا لم يشجب شيعة العراق هذا التصريح المخزي؟ هل لأنه يعكس الحقيقة المرة؟ إن كان كذلك! أليس هم وحدهم الذين يتحملون مسؤولية ما آل إليه هذا الوضع المزري والمخزي من خلال تبعيتهم لدولة الفقيه؟
وقف النظام الشيعي الحاكم في العراق مواقف معادية ومخزية تجاه معظم دول الجوار وبقية الدول العربية، لكن هل وقف موقفاً معارضاً، ولا نقول معادياً، واحداً ضد إيران رغم كثافة تدخلاتها في شؤون العراق الداخلية؟ لماذا النظام الشيعي الحاكم في العراق شديد الغضب والإساءة مع العرب، وهادئ ومتسامح مع ايران؟
للعراق أمانة في أعناق الخامنئي منذ حرب الخليج عام 1991 تتمثل بـ 134 طائرة حربية عراقية من طراز سيخوي وميغ وميراج. والعراق حالياً بأمس الحاجة إليها لتعزيز قوته الجوية بدلا من صفقات الأسلحة الفاسدة، لماذا لم نسمع للشيعة صوتاً للمطالبة بهذه الأمانة؟ وهل يجوز الوثوق بمن يخون الأمانة؟ وهل يمثل نظام الخامنئي أخلاق آل البيت فعلا بهذه السرقة الشنيعة؟
سمعنا بأن بعض النواب طالب البرلمان بطرح هذا الموضوع في جلسة قادمة، لكن المقترح جوبه بمعارضة شديدة من قبل الائتلاف الشيعي الحاكم! لمصلحة من يعمل الإئتلاف الشيعي، لمصلحة العراق أم لمصلحة إيران؟ لو كانت الطائرات نفسها مؤتمنة عند السعودية ولم ترجعها، كيف ستكون ردة فعل شيعة العراق ونظامهم الحاكم تجاه المملكة؟

 

كشفت مذكرات بول بريمر ورامسفيلد هوية أكبر عملائهم في العراق وهو سماحة آية العمالة العظمى السيستاني، ولم يفتح الآية ولا وكلاءه أفواههم الكريهة بالرد على الفضائح وتبرئة المرجع مما نسب إليه، كما كُشفت اسرار مؤسسة السيستاني المالية وقصور عائلته في لندن، ناهيك عن فضائح وكلائه الجنسية الكثيرة!
السؤال: هل هكذا عميل يستحق تلك الهالة المقدسة التي يضعها شيعة العراق حول عمامته الملطخة بالعار؟ أم الصحيح إعلان البراءة منه؟ ولماذا لم يطالب شيعة العراق المرجعية بموقفها مما نسب لمرجعهم من عمالة ورشوة رغم مرور أعوام على صدور المذكرات؟ ولماذا يتغاضون عن الفضائح المقدسة؟ أهو الحياء؟ أم ان فضائح المرجع الفارسي مقبولة من قبل الطائفة؟

Share on linkedin

أضف تعليق