ملف ادلة ضبط الصحابة للحديث النبوي

ملف ادلة ضبط الصحابة للحديث النبوي


تحقق الصحابة من ضبط الرواة أسبابه و وسائله
طرق معرفة الضبط
قال الامام الشافعي

ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أموراً…..فيمن تقوم به الحجة ، فقال : ” ويكون إذا شرك أهل الحفظ في حديث وافق حديثهم ” .

وقد ذكر مسلم في مقدمة ( صحيحه )
وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى ، خالفت روايته روايتهم ، أو لم تكد توافقها .

السخاوي
ويعرف الضبط أيضا بالامتحان كما تقدم في المقلوب مع تحقيق الأمر فيه

اهتم الصحابة بالضبط فلم يكن يجرؤ ان يكثر من الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم خشية الزلل الناتج عن السهو و الخطأ بل وجد من امتنع عن الرواية معلل ذلك بان الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد

==========

النبي يقعد لطريقة معرفة ضبط الراوي

معرفة ضبط الحديث

1- العودة الي مصدر الحديث

عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟ فقلت : بلى يا رسول الله قال : فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا ، وإن لعينك عليك حقا }
2-معرفة ضبط الراوي بموافقة الثقات له
عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت :

( سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِي ، مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يُنَادِي ( الصَّلاَةَ جَامِعَةً ). فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكُنْتُ فِى صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِى تَلِى ظُهُورَ الْقَوْمِ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ « لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلاَّهُ » . ثُمَّ قَالَ « أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ » ؟

قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ :

« إِنِّى وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلاَ لِرَهْبَةٍ ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيماً الدَّارِىَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ ، وَحَدَّثَنِى حَدِيثاً وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ ، حَدَّثَنِى أَنَّهُ رَكِبَ فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً…)
رقم الحديث: 5330

(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ ، وَيَقُولُ ” اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ ، اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ ، وَعَائِشَةُ تُصَلِّي ، فَلَمَّا قَضَتْ صَلَاتَهَا ، قَالَتْ لِعُرْوَةَ : أَلَا تَسْمَعُ إِلَى هَذَا ؟ ، وَمَقَالَتِهِ آنِفًا ، إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لَأَحْصَاهُ ” .

1260 حدثنا أبو النعمان حدثنا جرير بن حازم قال سمعت نافعا يقول حدث ابن عمر أن أبا هريرة رضي الله عنهم يقول من تبع جنازة فله قيراط فقال أكثر أبو هريرة علينا فصدقت يعني عائشة أبا هريرة وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فقال ابن عمر رضي الله عنهما لقد فرطنا في قراريط كثيرة فرطت ضيعت من أمر الله
3-شهادة الثقة
حديث الجدة

[ ص: 445 ] ( 8 ) باب ميراث الجدة 1049 – مالك ، عن ابن شهاب ، عن عثمان بن إسحاق بن خرشة ، عن قبيصة بن ذؤيب ; أنه قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها ، فقال لها أبو بكر : ما لك في كتاب الله شيء ، وما علمت لك في سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شيئا . فارجعي حتى أسأل الناس ، فسأل الناس . فقال : المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعطاها السدس : فقال أبو بكر : هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري ، فقال مثل ما قال المغيرة ، فأنفذه لها أبو بكر الصديق ، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها . فقال لها : ما لك في كتاب الله شيء ، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ولكنه ذلك السدس ، فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها .

4-حلف الثقة
‏حدثنا ‏ ‏علي بن عبد الله ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سفيان ‏ ‏حدثنا ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏قال ‏
‏مر ‏ ‏عمر ‏ ‏في المسجد ‏ ‏وحسان ‏ ‏ينشد فقال كنت أنشد فيه وفيه ‏ ‏من هو خير منك ‏ ‏ثم التفت إلى ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏فقال أنشدك بالله أسمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏أجب عني اللهم أيده ‏ ‏بروح القدس ‏ ‏قال نعم ‏

(حديث مرفوع) حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : ” نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ ، فَيَسْأَلَهُ ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَتَانَا رَسُولُكَ ، فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ ، قَالَ : صَدَقَ ، قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ ؟ قَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ الأَرْضَ ؟ قَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ ؟ قَالَ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الأَرْضَ ، وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا ، وَلَيْلَتِنَا قَالَ : صَدَقَ ، قَالَ : فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا ، قَالَ : صَدَقَ . قَالَ : فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَتِنَا ؟ قَالَ : صَدَقَ ، قَالَ : فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَزَعَمَ رَسُولُكَ ، أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا ؟ قَالَ : صَدَقَ ، قَالَ : ثُمَّ وَلَّى ، قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ ، وَلا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ” .

اقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهذا السائل ان يقسم عليه ان يصدقه
اسباب اهتمام الصحابة في التثبت في الحديث

1- الاستجابة المباشرة لامر الله عز وجل و امر الرسول صلى الله عليه وسلم في التثبت

قال تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ/ الحجرات
2-الحرص على حفظ السنة النبوية و دفع التساهل في روايتها
حديث الجدة

[ ص: 445 ] ( 8 ) باب ميراث الجدة 1049 – مالك ، عن ابن شهاب ، عن عثمان بن إسحاق بن خرشة ، عن قبيصة بن ذؤيب ; أنه قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها ، فقال لها أبو بكر : ما لك في كتاب الله شيء ، وما علمت لك في سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شيئا . فارجعي حتى أسأل الناس ، فسأل الناس . فقال : المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعطاها السدس : فقال أبو بكر : هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري ، فقال مثل ما قال المغيرة ، فأنفذه لها أبو بكر الصديق ، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها . فقال لها : ما لك في كتاب الله شيء ، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ولكنه ذلك السدس ، فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها .

عن أبي سعيد الخدري قال: كنت جالسا في مجلس من مجالس الأنصار، فجاء أبو موسى فزعا، فقلنا له: ما أفزعك؟ قال: أمرني عمر أن آتيه فأتيته، فاستأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك أن تأتيني؟ قلت: قد جئت فاستأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع”، قال: لتأتين على هذا بالبينة، فقال أبو سعيد: لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فقام أبو سعيد معه فشهد له..
أن عمر قال لأبي موسى أما إني لم أتهمك، ولكني أردت أن لا يتجرأ الناس على الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: وهذه الزيادة في الموطأ عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم أن أبا موسى فذكر القصة وفي آخره فقال عمر لأبي موسى: أما إني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية عبيد بن حنين التي أشرت إليها آنفاً فقال عمر لأبي موسى والله أن كنت لأمينا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أحببت أن أستثبت ونحوه، وفي رواية أبي بردة حين قال أبي بن كعب لعمر: لا تكن عذابا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سبحان الله إنما سمعت شيئاً فأحببت أن أتثبت، قال ابن بطال: فيؤخذ منه التثبت في خبر الواحد لما يجوز عليه من السهو وغيره وقد قبل عمر خبر العدل الواحد بمفرده في توريث المرأة من دية زوجها وأخذ الجزية من المجوس إلى غير ذلك لكنه كان يستثبت إذا وقع له ما يقتضي ذلك. انتهى.
3-خشيتهم من خطأ الراوي لا تعمد الكذب
(حديث موقوف) أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْوَلِيدِ ، ثنا مُسَدَّدُ بْنُ قَطَنٍ ، ثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، ثنا أَيُّوبُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : ” كُنْتُ جَالِسًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جِنَازَةَ أُخْتِ أَبَانَ بِنْتِ عُثْمَانَ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ يُخَالِفُهُ فِي بَعْضِ الأَلْفَاظِ ، قَالَ أَيُّوبُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ , حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ ، قَالَتْ : ” إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ ، وَلا مُكَذَّبَيْنِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ ” رَوَاهُ مُسْلِمٌ

4-التاكد من ضبط من خالف علمه ما تلقاه الصحابي مباشرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,

4706 حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أنزلت ثم قال اقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه

5-خوفهم من أن يدخلوا في قوله صلى الله عليه وسلم من حدث عني حديثا و هو يرى انه كذب فهو أحد الكاذبين.

النتيجة

وسائل ضبط الرواة عند الصحابة

1- معرفة ضبط الحديث بالرجوع الي مصدر النقل

رقم الحديث: 5863
(حديث مرفوع) (حديث موقوف) ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ زَيْنَبُ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْكَ ، فَقَالَ : ” أَيُّ الزَّيَانِبِ ؟ ” قِيلَ : امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : ” نَعَمْ ، ائْذَنُوا لَهَا ” ، فَأُذِنَ لَهَا ، فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّكَ أَمَرْتَنَا الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ ، وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” صَدَقَ ، زَوْجُكِ ، وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ ” .

2-معرفة ضبط الراوي بموافقة الثقات له
3-معرفة ضبط الرواي بشهادة الثقة له
4-معرفة ضبط الراوي بحلف الثقة

5-معرفة ضبط الحديث بعرض الكتاب على المحفوظ

رقم الحديث: 37
(حديث موقوف) أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ الْبُرُجُلانِيُّ ، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ النَّاقِدُ ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ نَقِيَّةَ ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ ، عَنْ عَوْفٍ ، وَاللَّفْظُ لِحَدِيثِ هَوْذَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ ” لَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ , وَإِنَّ مَرْوَانَ زَمَنَ هُوَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَرَادَ أَنْ يُكْتِبَهُ حَدِيثَهُ , فَأَبَى , وَقَالَ : ارْوُوا كَمَا رَوَينَا , فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ , تَغَفَّلَهُ فَأَقْعَدَ لَهُ كَاتِبًا لَقِنًا ثَقِفًا , وَدَعَاهُ ، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُ وَيَكْتُبُ الْكَاتِبُ حَتَّى اسْتَفْرَغَ حَدِيثَهُ أَجْمَعَ , قَالَ : ثُمَّ قَالَ مَرْوَانُ : تَعْلَمُ أَنَا قَدْ كَتَبْنَا حَدِيثَكَ أَجْمَعَ ؟ قَالَ : وَقَدْ فَعَلْتُمْ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَاقْرَءُوهُ عَلَيَّ إِذًا , قَالَ : فَقَرَءُوهُ عَلَيْهِ , فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَمَا إِنَّكُمْ قَدْ حَفِظْتُمْ وَإِنْ تُطِعْنِي تَمْحُهُ , قَالَ : فَمَحَاهُ “/ كتاب تقييد العلم

فحص ابوهريرة صحة المكتوب مع المحفوط فاقره

6-معرفة ضبط الحديث بعرض المحفوظ على الكتاب
رقم الحديث: 2432
(حديث مرفوع) وحدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعَنْبٍ ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ : أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ خَطَبَ النَّاسَ ، فَذَكَرَ مَكَّةَ ، وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَدِينَةَ ، وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا ، فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ ، فقَالَ : ” مَا لِي أَسْمَعُكَ ذَكَرْتَ مَكَّةَ ، وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا ، وَلَمْ تَذْكُرِ الْمَدِينَةَ ، وَأَهْلَهَا وَحُرْمَتَهَا ، وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا ” ، وَذَلِكَ عَنْدَنَا فِي أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ إِنْ شِئْتَ أَقْرَأْتُكَهُ ، قَالَ : فَسَكَتَ مَرْوَانُ ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ ذَلِكَ . صحيح مسلم
7-معرفة ضبط الراوي بالاختبار

2673 حدثنا حرملة بن يحيى التجيبي أخبرنا عبد الله بن وهب حدثني أبو شريح أن أبا الأسود حدثه عن عروة بن الزبير قال قالت لي عائشة يا ابن أختي بلغني أن عبد الله بن عمرو مار بنا إلى الحج فالقه فسائله فإنه قد حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا قال فلقيته فساءلته عن أشياء يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عروة فكان فيما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقي في الناس رءوسا جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون قال عروة فلما حدثت عائشة بذلك أعظمت ذلك وأنكرته قالت أحدثك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا قال عروة حتى إذا كان قابل قالت له إن ابن عمرو قد قدم فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم قال فلقيته فساءلته فذكره لي نحو ما حدثني به في مرته الأولى قال عروة فلما أخبرتها بذلك قالت ما أحسبه إلا قد صدق أراه لم يزد فيه شيئا ولم ينقص /صحيح مسلم

8-معرفة ضبط الراوي بالرجوع الي من هو اعلم واحفظ
عن معمر بن أبي حبيبة مولى ابنة صفوان عن عبيد بن رفاعة بن رافع عن أبيه رفاعة بن رافع قال بينا أنا عند عمر بن الخطاب إذ دخل عليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة فقال عمر : علي به فجاء زيد فلما رآه عمر قال : أي عدو نفسه قد بلغت أن تفتي الناس برأيك فقال يا أمير المؤمنين بالله ما فعلت لكني سمعت من أعمامي حديثا فحدثت به من أبي أيوب وأبي بن كعب ومن رفاعة بن رافع فأقبل عمر على رفاعة بن رافع فقال : وقد كنتم تفعلون ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأتنا من الله فيه تحريم ولم يكن من رسول الله فيه نهي قال ورسول الله [ ص: 111 ] صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك قال لا أدري فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار فجمعوا له فشاورهم فأشار الناس أن لا غسل في ذلك إلا ما كان من معاذ وعلي فإنهما قالا إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فقال عمر : هذا وأنتم أصحاب بدر قد اختلفتم فمن بعدكم أشد اختلافا ، فقال علي : يا أمير المؤمنين إنه ليس أحد أعلم بهذا من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه فأرسل إلى حفصة فقالت : لا علم لي بهذا فأرسل إلى عائشة فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فقال لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربا .
منقول بتصرف من كتاب تحقق الصحابة من ضبط الرواة أسبابه و وسائله
محمد عودة أحمد الحوري
لقد صدق الله الصحابة و كذبهم المنافقون والرافضة

تصديق الله لزيد

زيد بن أرقم هو الذي رفع إلى الرسول محمد عن عبد الله ابن أبيّ بن سلول قوله: «لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل» فأكذبه عبد الله بن أبيّ وحلف أن زيد بن أرقم كاذب، فأنزل الله تصديق زيد بن أرقم، فتبادر أبو بكر وعمر إلى زيد ليبشراه فسبق أبو بكر عمر فأقسم عمر ألا يبادره بعدها إلى شيء، وجاء النبي فأخذ بأذن زيد وقال: وفت أذنك يا غلام. [

 ================
الصحابة وثقهم رب العالمين سبحانه فقد رضي عنهم في كتابه العزيز

و هم اعلى من مرتبة الثقة حسب اعتقاد اهل السنة 

و حسب تصنيف المحدثين ان من يجمع العدالة والضبط فهو ثقة

فالصحابة اجتازوا القنطرة و يكفي ان يقال صحابي 

الذين عدلهم و زكاهم الله ورسوله فمن اعلى شهادة من الله ثم من رسوله و بعده اجماع الامة 
الاسلامية التي جعلها الله شاهدة على الامم الاخرى

==========
عدد من الوسائل التي تدعم ضبط الصحابة 

1- المذاكرة و الحفظ
2- التثبت 
3- الكتابة 
4- تطبيق ماسمعوا قولا و عملا
5-تقواهم و ورعهم و عدالتهم 
6- علو اسنادهم 

اي انهم كانوا على اتصال مباشر مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم و شاهد عيان على اقوال النبي و افعاله 

و معلوم ان علو السند و الاتصال المباشر مع النبي صلى الله عليه وسلم
احد وسائل الضبط فالسماع المباشر و مشاهدة الافعال 
وعلو الإسناد يبعد الرواية عن الخلل لأن طول الإسناد يكثر معه احتمال الخطأ،
بخلاف القصر الذي يقل معه هذا الاحتمال
7- دعاء النبي لهم بالبركة و تعهد الله بحفظ هذا الدين القرآن و السنة 
8- نقد المتن 

القواعد المنهجية المتفق عليها لدى جمهور الفقهاء، والخاصة بقبول “متن الحديث” ثإلى القواعد:

1ـ ألا يخالف بدهيات العقول. 
2ـ ألا يخالف القواعد العامة في الحكمة ـ الطب ـ والأخلاق. 
3ـ عدم ركة ألفاظه. 
4ـ إلا يخالف الحس والمشاهدة، كالحقائق العلمية. 
5ـ ألا يخالف سنن الله في الكون والإنسان. 
6ـ ألا يدعو للرذيلة ـ الانحطاط بإنسانية الإنسان، فالمساس بإنسانية الإنسان حاربته جميع الشرائع.
7ـ ألا يخالف المعقول في العقيدة والصفات. 
8ـ ألا يشتمل على سخافات يصان عنها العقلاء. 
9ـ ألا يخالف القرآن. 
10ـ ألا يخالف متواتر السنة ـ المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة، كأركان الإسلام والإيمان، والحدود والقيم ـ هكذا قال الشافعي وابن القيم ـ أضاف جمهور الأصوليين ـ علماء المقاصد ـ قبول المتن ما لم يصادم مقصداً من مقاصد الشريعة.
11ـ ألا يخالف الحقائق التاريخية المعروفة عن أيام الرسول والصحابة. 
12ـ ألا يوافق مذهب الراوي. 
13ـ ألا يكون الرسول قد أخبر عن أمر وقع في مشهد عظيم، ثم يأتي ويخبر به واحد فقط.
14ـ ألا يشتمل على إفراط في الثواب والعقاب على الحقير من العمل. 
15ـ ألا يكون ناشئاً عن باعث نفسي. 

وعند الإمام أبي حنيفة رحمه الله ثلاث عشرة قاعدة في قبول المتن، اتفق مع الجمهور في بعضها وسنذكر القواعد التي خالف فيها الجمهور، وهي: 1ـ ألا يحمل الراوي بخلاف ما روى، قلت وهذا هو مذهب جمهور المحدثين القدامى بما فيهم الإمام أحمد بن حنبل.
2ـ ألا يكون في الحديث زيادة ضد التيسير. 
3ـ ألا يكون فيما تعم به البلوى العلمية أو العملية، أي أن المحدث يتفرد بحديث في حين سائر الصحابة لا يعلمون مع أنه من الأمور العلمية العامة.
4ـ ألا يكون قد سبق وأن طعن فيه أحد من السلف المعتبرين. 
5ـ أن يستمر حفظ الراوي ويتفق مع كتابه المسند.
6ـ ألا يخالف المتوارث، وهذا أيضاً مذهب مالك ـ الذي اعتبر عمل أهل المدينة حجة ومقدم على رواية الأحاد، ولهذا نجد الإمام مالك يقول ببدعية صيام الست من شوال لأنه أدرك فقهاء من التابعين في المدينة لم يقولوا بصيامها ولم يصوموها لأنهم لم يجدوا الصحابة صاموها؟ وأما الرواية عند مسلم ففيها سعيد بن سعيد فهو عابر لكنه في مجال الرواية فيه لين، وليس بذاك ، كلام مالك قلت: الست من شوال صيامها ليس فرضاً وإنما نافلة وعليه فلا ضير من صيامها، ذلك أن الإشكال فيما يمس الفرائض والمقاصد، بالنسبة للقاعدة “ألا يخالف” القرآن فهي قاعدة متفق عليها عند الجمهور، وعند أبي حنيفة “ألا يخالف عموم القرآن” ولكل من الصيغتين دلالتها وأثرها في الفقه، ويرى الإمام مالك: أن القرآن مقدم على الرواية من ستة أوجه وهما التالي: يقبل متن الحديث ما لم يخالف قطعي القرآن، وظاهر القرآن، وعبارة القرآن وإشارة القرآن، ، ودلالة القرآن، ومفهوم القرآن.
وهذه المصطلحات، يعرفها فقهاء الأصول، و إننا نملك منهجية رصينة لا يملك أمامها أن يتسرب أي خلل فكري. 

============

من ادلة ضبط الصحابة

1- المذاكرة و الحفظ

2- التثبت

 3- الكتابة

4- تطبيق ماسمعوا قولا و عملا

 5-تقواهم و ورعهم و عدالتهم

 6- علو اسنادهم

7- دعاء النبي لهم بالبركة  و تعهد الله بحفظ هذا الدين القرآن و السنة

كان أصحابه عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم قد اختصوا بصفات عظيمة منها: شدة حرصهم على الحديث النبوي واهتمامهم في تفسيره، فهذا أحدهم يقول وهو يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي حين تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أبو هريرة الصحابي المكثر رضي الله عنه قال له الرسول صلى الله عليه وسلم لما سأله: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال له: ( لقد ظننت يا أبا هريرة ! ألا يسألني عن هذا أحد قبلك؛ لما رأيت من حرصك على الحديث، ثم قال: أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ). كذلك أيضاً: كان الصحابة أهل علم وفقه، كانوا يسألون رسول الله، وكانت عائشة لا تستشكل شيئاً إلا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وراجعته فيه، و أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الحديث، فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه. إذاً: كانوا حريصين على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظها وتبليغها، أما تبليغ القرآن فقد تكفل الله بحفظه، وقد كانوا حفظة له مبلغين، ثم حفظ الله هذا القرآن بجمعه وكتابته في عهد أبي بكر ، ثم في عهد عثمان رضي الله عنهم. ثم إن هؤلاء الصحابة دعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما دعا لـ أبي هريرة وكما دعا لـ ابن عباس . ثم إن هؤلاء الصحابة كانوا يحتاطون كثيراً في تحديثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مذاكرة الحديث عند الصحابة

أنس و مذاكرة الحديث

وقد ورد عن السَّلف الصَّالح -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- آثارٌ كثيرةٌ تُبيِّن أهميَّة المُذاكرة والمُراجعة للعلم، فمن ذلك: عن أنس بن مالكٍ -رضي الله عنه- وهو خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: “كنَّا نكون عند النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فنسمع منه الحديثَ، فإذا قمنا تذاكَرْنَاهُ فيما بيننا حتى نحفظه”. إذن هذا هو هدي الصَّحابة -رضوان الله تعالى عليهم- فإذا سمعوا الحديثَ من النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وقاموا، أخذوا يتذاكرون الحديثَ؛ لأجل حفظه وضبطه.

=============

 النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم ذات يوم حديثًا فقال‏:‏‏(‏أيكم يبسط ثوبه فلا ينسى شيئًا سمعه‏)‏ ففعل ذلك أبو هريرة‏.‏ وقد روى‏:‏ أنه كان يجَزِّئ الليل ثلاثة أجزاء‏:‏ثلثًا يصلي،وثلثًا ينام،وثلثًا يدرس الحديث‏.‏

ابوهريرة يجزىء الليل يتذكر في حديث رسول الله

،وكان يجزئ ليله ثلاثة أجزاء، هو وابنته أو هو وابنته وأمه: يقوم هذا ثم يوقظ هذا، ثم ينام هذا ويوقظ هذا، فيتقاسمون الليل ثلاثا.   وجاء عنه -رضي الله عنه- أنه كان يجعل الليل ثلاثة أثلاث: ثلث لمراجعة القرآن ومدارسته، وينام ثلثا، وثلث آخر لدراسة حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، رضي الله عنه-.  

بلوغ المرام

===============

ابن عمر يتحفظ ما يسمع

قَالَ البغوي : قَالَ الزبير ، يَعْنِي : ابْنَ بكار : وكان عَبْد الله بْن عمَر يتحفظ ما يسمع من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإذا لم يحضر يسأل من يحضر عما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أوفعل.

تاريخ بغداد للخطيب البغدادي

============

تذاكروا الحديث ابن عباس ينفلت

سنن الدارمي » بَاب مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ

رقم الحديث: 600  (حديث موقوف) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ أَبَانَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُمِّيُّ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : ” تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَنْفَلِتْ مِنْكُمْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ الْقُرْآنِ مَجْمُوعٌ مَحْفُوظٌ ، وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَذَاكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ يَنْفَلِتْ مِنْكُمْ ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ حَدَّثْتُ أَمْسِ فَلَا أُحَدِّثُ الْيَوْمَ ، بَلْ حَدِّثْ أَمْسِ ، وَلْتُحَدِّثْ الْيَوْمَ ، وَلْتُحَدِّثْ غَدًا ” .  

======

وقال ابن مسعود : ( تذاكروا الحديث ; فإن حياته مذاكرته ) ، ونحوه عن أبي سعيد [ ص: 316 ] الخدري وابن عباس . وقال الخليل بن أحمد : ذاكر بعلمك تذكر ما عندك ، وتستفيد ما ليس عندك . وقال عبد الله بن المعتز : من أكثر مذاكرة العلماء لم ينس ما علم ، واستفاد ما لم يعلم .

وقال إبراهيم النخعي : من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ، ولو أن يحدث به من لا يشتهيه . وقد كان إسماعيل بن رجاء يجمع صبيان الكتاب ، ويحدثهم كي لا ينسى حديثه . ونحوه ما اعتذر به ابن المجدي عن القاياتي في إقرائه مشكل الكتب للمبتدئين ، أن ذلك لئلا ينفك إدمانه في تقريرها . وقيل : حب التذاكر أنفع من حب البلاذر . وقيل أيضا : حفظ سطرين خير من كتابة وقرين ، وخير منهما مذاكرة اثنين .

فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي

======

رقم الحديث: 472  (حديث موقوف) أَنَا أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَصَّاصُ ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ خَلادٍ الْعَطَّارُ ، نَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ الطَّبَرِيُّ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ ، نَا زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : ” تَزَاوَرُوا وَتَحَدَّثُوا ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ يَدْرُسْ ” .   رقم الحديث: 473   (حديث موقوف) أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ ، نَا الْحَسَنُ بْنُ سَلامٍ ، نَا أَبُو غَسَّانَ ، نَا عَبْدُ السَّلامِ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ” إِذَا سَمِعْتُمْ مِنِّي حَدِيثًا فَتَذَاكَرُوهُ بَيْنَكُمْ ” .

الحديث: 474  (حديث موقوف) أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْجَصَّاصُ ، أَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ ، نَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ ، نَا زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : ” تَحَدَّثُوا وَتَذَاكَرُوا ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ يُذَكِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا ” .

رقم الحديث: 475  (حديث مقطوع) أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقٍ ، قَالَ : أَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، نَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، وأَنَا ابْنُ رِزْقٍ ، أَيْضًا ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ الْخُطَبِيُّ ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ الصَّوَّافِ ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالُوا : نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، وأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَرْبِيُّ ، أَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُقْرِئُ ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، نَا أَبُو خَيْثَمَةَ ، وَاللَّفْظُ لابْنِ حَنْبَلٍ ، قَالا : نَا هُشَيْمٌ ، أَنَا الْحَجَّاجُ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ : كُنَّا نَكُونُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيُحَدِّثُنَا ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ تَذَاكَرْنَا حَدِيثَهُ ، قَالَ : فَكَانَ أَبُو الزُّبَيْرِ أَحْفَظَنَا لِلْحَدِيثِ .

رقم الحديث: 476  (حديث مقطوع) أَنَا ابْنُ رِزْقٍ ، أَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، نَا حَنْبَلٌ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الأَصْبَهَانِيُّ ، أَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، أَنَّهُ قَالَ : إِحْيَاءُ الْحَدِيثِ مُذَاكَرَتُهُ ، فَتَذَاكَرُوا ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، كَمْ مِنْ حَدِيثٍ أَحْيَيْتَهُ فِي صَدْرِي قَدْ كَانَ مَاتَ .

رقم الحديث: 479  (حديث مقطوع) كَمَا نَا أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَبْدَوِيُّ الْحَافِظُ ، إِمْلاءً ، بِنَيْسَابُورَ ، أَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ ، نَا أَبُو أُمَيَّةَ الأَحْوَصُ بْنُ الْمُفَضَّلِ بْنِ غَسَّانَ الْغَلابِيُّ ، وأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ ، أَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَبَّارُ ، قَالا : نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ ، يَقُولُ : كُنَّا بِبَابِ ابْنِ عَوْنٍ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا شُعْبَةُ وَقَدْ عَقَدَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فَكَلَّمَهُ بَعْضُنَا ، فَقَالَ : لا تُكَلِّمْنِي فَإِنِّي قَدْ حَفِظْتُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَشَرَةَ أَحَادِيثَ أَخَافُ أَنْ أَنْسَاهَا . وَإِذَا رَوَى الْمُحَدِّثُ حَدِيثًا طَوِيلا فَلَمْ يَقُمِ الطَّالِبُ بِحِفْظِهِ ، وَسَأَلَ الْمُحَدِّثَ أَنْ يُمْلِيَهُ عَلَيْهِ أَوْ يُعِيرَهُ كِتَابَهُ لِيَنْقُلَهُ مِنْهُ وَيَحْفَظَهُ بَعْدُ مِنْ نُسْخَتِهِ ، فَلا بَأْسَ بِذَلِكَ . رقم الحديث: 481  (حديث مقطوع) أَنَا ابْنُ رِزْقٍ ، أَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ ، نَا حَنْبَلٌ ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ ، يَقُولُ : مَا رَأَيْنَا لِمَعْمَرٍ كِتَابًا إِلا هَذِهِ الطِّوَالَ ، فَإِنَّهُ كَانَ يُخْرِجُهَا فِي صَكٍّ .

الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب » بَابُ كَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ عَنِ الْمُحَدِّثِ

======

المذاكرة

من آداب طالب الحديث أن يكثر من المذاكرة، فإنها تقوي الذاكرة ، فعن ابن شهاب الزهري أنه قال : « إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة.

ولقد كان أصحاب النبي يتذاكرون بينهم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الحديث، فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه».

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إذا سمعتم مني حديثاً فتذاكروه بينكم».

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «تحدثوا وتذاكروا، فإن الحديث يذكر بعضه بعضاً».

قال عطاء بن أبي رباح : «كنا نكون عند جابر فيحدثنا، فإذا خرجنا تذاكرنا، فكان أبو الزبير أحفظنا للحديث».

وقال علقمة: «تذاكرووا الحديث، فإن حياتَه مذاكرتُه».

قال الخطيب: «أفضل المذاكرة مذاكرة الليل، وكان جماعة من السلف يبدؤون المذاكرة من العِشاء، فربما لم يقوموا حتى يسمعوا أذان الصبح».

«فإن لم يجد الطالب من يذاكره ذاكر نفسه بنفسه، وكرَّر معنى ما سمعه، ولفظه على قلبه، ليعلق ذلك على خاطره، فإن تكرار المعنى على القلب كتكرار اللفظ على اللسان سواء بسواء، وقَلّ أن يفلح من يقتصر على الفكر والتعقل بمحضرة الشيخ خاصة، ثم يتركه ويقوم ولا يعاوده».

وكان وكيع وأحمد بن حنبل قد تذاكرا ليلةً، حتى جاءت الجارية وقالت: «قد طلع الكوكب، أو قالت: الزهرة».

وقال عبد الله بن المعتز : « من أكثر مذاكرة العلماء لم ينس ما علم واستفاد ما لم يعلم »

انظر للمزيد : كتاب المدخل للحافظ البيهقي -باب: (مذاكرة العلم والجلوس مع أهله) ، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/236-238)، الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي ، وتذكرة السامع والمتكلم (ص145) ، ومعجم الدكتور الأعظمي للمصطلحات الحديثية.

سئلً عليٌّ  رضي الله عنه  : كيف كان حبُّكُم لرسولِ الله  صلى الله عليه وسلم  ؟ قال : كان والله أحبَّ إلينا من أموالنا وأولادنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظَّمأ .

وقال عمروُ بنُ العاصِ رضي الله عنه  : ما كان أحدٌّ أحبُّ إليَّ من رسولِ الله  صلى الله عليه وسلم  ولا أجلَّ في عينَيَّ منه ، وما كنت أطيقُ أن أملأَ عينَيَّ منه إجلالاً  ،ولو سئلتُ أن أصفَه ما أطَقْتُ لأني ما كنت أملأً عيني منه .

ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم عندما يسمعون حديث الرسولِ  صلى الله عليه وسلم  كأن على رؤوسهم الطيرَ من الخشوعِ والعظمةِ لأمرِ النبي  صلى الله عليه وسلم .

ولما وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم  تلكَ الموعِظَةِ العظيمةَ المشهورةَ كيفَ ذرفَتْ عيونُهُم وكيف وَجَلَتْ .

وفي البخاري عن السائبِ بنِ يزيدَ قال : كنتُ قائماً في المسجِدِ، فحَصَبَني رجلٌ، فنظرتُ فإذا عمرُ بنُ الخَطّابِ، فقال : اذهبْ فأْتِني بهذين ، فجئْتُه بهما، قال: من أنتما، أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعْتُكُما، ترفعانِ أصواتَكما في مسجدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد أُثِرَ عن الإمامِ مالكٍ رحمه الله _ وكان من أشدِّ الناسِ تعظيماً لحديثِ رسولِ الله  صلى الله عليه وسلم  _ أنه إذا جلس للفقهِ جلسَ كيفَ كان ، وإذا أراد الجلوسَ للحديثِ اغتسلَ وتطَيَّبَ ولبس ثياباً جُدُداً وتعّمَّمَ وجلس على مِنَصَّتِهِ بخشوعٍ وخضوعٍ ووقارٍ ، ويجلسُ في ذلك المجلسِ ، وكان يبخرُ ذلك المجلسَ من أوَّلَهِ إلى آخرِه تعظيماً لحديثِ المصطفى عليه الصلاة والسلام .

وكان الإمامُ الشهير ابنُ مهدي إذا قرأ حديثَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم  أمرَ الحاضرينَ بالسُّكوتِ فلا يتحدَّثُ أحدٌّ ولا يُبْرى قلمٌ ولا يتبسَّمُ أحدٌ ولا يقوم أحد قائماً كأن على رؤوسهم الطيرَ أو كأنهم في صلاةٍ ، فإذا رأى أحداً منهم تبسَّمَ أو تحدَّثَ لبس نعلَه وخرجِ .

 وقال الإمام محمد بن إدريس الشَّافِعِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ كما في “إعلام الموقعين عن رب العالمين “:

أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ

وقال الشيخ محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن  ( 1273 ـ 1367 هـ ) :

 (( فإنا نأمر بما أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وننهى عما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله ، ولانحرم إلا ما حرم الله ، ولانحلل إلا ما حلل الله ، فهذا الذي ندعوا إليه …… ونجاهد من لم يقبل ذلك ونستعين الله على جهاده ونقاتله حتى يلتزم ما أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإنا ـ ولله الحمد والمنة ـ لم نخرج عما في كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ومن نسب عنا خلاف ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ))   الدرر السنية ( 1/ 578 ـ 579 ) .

وقال الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ( 1267 ـ 1349 هـ ) : (( فإن كل قول يخالف قول سيد المرسلين مردود على قائله ، مضروب به في وجهه، لايلتفت إليه ولايعول عليه ، وما أحد من أفراد الأمة وإن بلغ في العلم ما عسى أن يبلغ فهو أنقص من أن يرد لقوله قول محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم))       المجموع المفيد من رسائل وفتاوى الشيخ سعد بن حمد بن  عتيق ص40.

وقال ـ أيضا ـ :

فخذ بنص من التنزيل أو سنن جاءت   عـن المصطفى الهادي بـلا  لبس .

فـإن خير الأمـور السالفات  على    نـهج الهدى والهدى  يبدو لمقتبس

والشر في بـدع  في الـدين منكرة    تحلو لدى كل أعمى القلب منتكس

 وقال الشيخ سليمان بن سحمان ( 1266 ـ 1349 هـ ) في قصيدة له بين فيها جملة من اعتقاد أئمة الدعوة :

ونشهد أن المصطفى سيـد الورى     محمد المعصوم أكمل مـرشد

وأفضل من يدعو إلى الدين والهدى     رسول من الله العظيم  الممجد

إلـى كـل خلق الله  طرا  وأنـه     يطاع فـلا يعصى بغير تردد

الدرر السنية ( 1/ 579 ) .

 وقال الشيخ عبدالرزاق عفيفي ( 1323 ـ 1415 هـ ) :

 (( فالخير كل الخير في العودة إلى كتاب الله تعالى تلاوة له وتفقها فيه ، وإلى أحاديث المصطفى صاحب جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم دراية ورواية والفتيا بهذين الأصلين ، وعرض أعمال الناس عليهما ، فذلك هو الفلاح والرشاد الذي ليس بعده رشاد))

كتاب الشيخ العلامة عبدالرزاق عفيفي ( 2 / 458 ) .

وقال الشيخ حمود بن عبدالله التويجري ( 1334ـ 1413 هـ ) :  (( وكل حديث صح إسناده إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فالإيمان به واجب على كل مسلم ، وذلك من تحقيق الشهادة بأن محمدا رسول الله ، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومن كذب بشيء مما ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  فهو ممن يشك في إسلامه ؛ لأنه لم يحقق الشهادة بأن محمدا.

وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز ( 1330 ـ 1420 هـ ) : (( فلا شك أن المسلمين في كل مكان في أشد الحاجة إلى الإفتاء بما يدل عليه كتاب الله الكريم وسنة نبيه الأمين عليه أفضل الصلوات والتسليم ، وهم في أشد الحاجة إلى الفتاوى الشرعية المستنبطة من كتاب الله وسنة نبيه ، وإن من الواجب على أهل العلم في كل مكان الاهتمام بهذا الواجب ، والحرص على توضيح أحكام الله وسنة رسوله التي جاء بها للعباد في مسائل التوحيد والإخلاص لله ، وبيان ما وقع فيه أكثر الناس من الشرك ، وما وقع فيه كثير منهم من الإلحاد والبدع المضلة حتى يكون المسلمون على بصيرة ، وحتى يعلم غيرهم حقيقة ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق … وأنصح لجميع العلماء بأن يعنوا بمراجعة الكتب الإسلامية المعروفة حتى يستفيدوا منها ، وكتب السنة مثل الصحيحين وبقية الكتب الستة ومسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك وغيرها من كتب الحديث المعتمدة ))

مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة ( 5/ 269 ) ..

وقال الإمام الألباني في “الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام “:

“إن من المتفق عليه بين المسلمين الأولين كافة أن السنة النبوية – على صاحبها أفضل الصلاة والسلام – هي المرجع الثاني والأخير في الشرع الإسلامي في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية – أو أحكام عملية أو سياسية أو تربوية وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس”.

 وقال أيضاً في المصدر السابق:

“إن السنة العملية التي جرى عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حياته وبعد وفاته تدل أيضا دلالة قاطعة على عدم التفريق بين حديث الآحاد في العقيدة والأحكام وأنه حجة قائمة في ذلك.

======

الإسناد العالي وأثره في حفظ الصحابة وضبطهم

الإسناد العالي وأثره في حفظ الصحابة وضبطهم

عنوان البحث:   الإسناد العالي وأثره في حفظ الصحابة وضبطهم الباحث:   د. “محمد عيد” محمود الصاحب أستاذ مساعد، كلية الشريعة، الجامعة الأردنية، تاريخ استلام البحث 5/7/1995 م، وتاريخ قبوله 19/6/1996م، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية. المجلد الثالث والعشرون، علوم الشريعة والقانون، العدد الثاني، كانون الأول 1996، من ص205-ص216   ملخص البحث 

يتناول هذا البحث موضوع الإسناد العالي، من حيث بيان أقسامه وأنواعه، ورغبة العلماء في طلبه والحرص عليه، ثم بيان العلاقة بين طول الإسناد وتجويز الوهم والخطأ في رواية الحديث ونقله، وبيان علو إسناد الصحابة، وأثر هذا العلو في حفظهم وضبطهم ودقة نقلهم للحديث، بسب تلقيهم المباشر عن الرسول -صلى الله عليه و سلم-. وقد بدأ الباحث بحثه هذا بمقدمة، تكلم فيها عن أهمية طلب الإسناد العالي، وأنه سنة حميدة، قام بها الصحابة وكان سبباً من أسباب حفظهم وضبطهم، وبعد الخطأ والوهم عنهم، وأن الغرض من هذا البحث، هو بيان أثر علو إسناد الصحابة؛ في حفظهم وضبطهم، وإتقانهم للرواية، حيث قامت خطة البحث على أربعة مطالب بعد المقدمة يعقبها خلاصة فيها أهم النتائج، وأما المطالب فهي

المطلب الأول: تعريف العلو، وبيان أقسامه وأنواعه قام الباحث في هذا المطلب بعرض التعريف اللغوي والاصطلاحي، وبيان أقسام العلو وهي أ- العلو المطلق: وهو ما فيه قرب من حيث العدد من النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أعظم الأنواع وأجلها إذا كان إسناده صحيحاً نظيفاً خالياً من الضعف ب- العلوم النسبي: وهو أربعة أنواع القرب من إمام من أئمة الحديث وإن كثر العدد إلى النبي -صلى الله عليه و سلم العلو بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الستة، وله أربعة صور هي: الموافقة، والبدل، والمساواة، والمصافحة العلو بتقدم وفاة الراوي، وإن تساويا في العدد العلو بتقدم السماع، فيعلو وإن تساويا في العدد

وهناك نوع ملحق به، وهو ما له حكم العلو، ويكون باجتماع أكثر من راو في طبقة واحدة من الإسناد، حيث يكون حكمهم حكم الراوي الواحد، فيعلو هذا السند إن تساوى مع غيره في عدد الرواة

وتبين الباحث أن أسباب العلو الحقيقي والنسبي تنحصر في قلة عدد الرواة، إمّا إلى النبي -صلى الله عليه و سلم-، أو إلى أحد الأئمة، أو أحد شيوخ المصنفين، وكذلك في تقدم الزمان، إما وفاة أو سماعاً، من غير نظر إلى العدد

جـ- العلو المعنوي: وهو باعتبار الصحة وسلامة السند، وألحق به بعضهم التفرد بالسند مع الحاجة إليه

المطلب الثاني: موقف العلماء من طلب الإسناد العالي اعتبر العلماء طلب الإسناد العالي من السنة استنباطاً من حديث ضمام بن ثعلبة كما نص عليه الحاكم، ولكن العلائي نفى هذا الاستنباط لأنه انتقال من الشك إلى اليقين، وأنه لم يكن مسلماً حينئذ، وأجيب عليه بأنه لا بأس من التحمل حين الكفر، وأنّ العلو ما هو إلا طلب الزيادة في القوة، ثم ناقش الباحث من فضَّل النزول احتجاجاً باقتضاء المشقة التي تعظم الأجر، وذهب إلى أن ذلك ترجيح بأمر أجنبي لا يتعلق بالتصحيح والتضعيف كما نص على ذلك ابن حجر، وأن فائدة هذا الأمر كانت قبل استقرار الأحاديث في الكتب، أما بعد ذلك فالرغبة لم تعد ملحة، وإن غالى فيها بعض المتأخرين، فسببت بعض الخلل في الصنعة، ولم يقتصر الاهتمام بالإسناد العالي على الرحلة، بل تعداه إلى تأليف الكتب ذات الأسانيد العالية، وهي كتب العوالي، والوحدانيات حتى العشاريات -وضرب الباحث أمثلة عليها- من أجل تمييز الأسانيد العالية وبيان رفعتها

المطلب الثالث: طول الإسناد وتجويز الوهم والخطأ بين الباحث أن تجويز الوهم والخطأ، واحتمال وقوع الخلل، يزداد مع طول السند ويقل مع قصره، لأنه يحتاج في حفظه وضبطه إلى جهد كبير بسبب كثرة الرواة، والتشابه في الأسماء، والتداخل في الرواية، واختلاف أحوالها، وتعدد صورها، حتى يكاد يتلاشى هذا التجويز وينتفي هذا الاحتمال في حق من سمع من النبي -صلى الله عليه و سلم-. ، وأخذ الحديث بدون وساطة، وهذا الأمر لا ينطبق إلا على الصحابة

  المطلب الرابع: أثر العلو في حفظ الصحابة للحديث وإتقانهم لروايته

بين الباحث أن الصحابة فاقوا غيرهم من الرواة بقوة الحفظ، وإتقان الرواية، لأسباب بعضها يعود إلى النبي عليه الصلاة والسلام، مثل تمهله عند الإلقاء وإعادته للحديث، وبعضها يعود إلى الصحابة أنفسهم مثل علو إسنادهم وتقواهم وقوة إيمانهم، واختصاص بعضهم ببركة دعاء النبي -صلى الله عليه و سلم-. ، فكان من الأسباب السابقة؛ علو الإسناد الذي هو موضوع هذا المطلب، حيث تلقى الصحابة العلم من النبي عليه الصلاة والسلام دون وساطة، وكان ذلك سبب في قلة الوهم، وندرة الخطأ، فإذا انعدم الإسناد كاد ينعدم الخطأ. وتفصيل ذلك بأن الصحابة هم أول حلقات السند ومنهم تفرعت الأسانيد، فكان المخرج واحداً ثم تعدد بالتبليغ، وكان العدد يزداد كلما بعدت الطبقة عن النبي -صلى الله عليه و سلم-. ، وحفظ المتون أسهل من حفظ الأسانيد لتشابه الأسماء، وتعدد الأحوال والصور، مما يستلزم مزيداً من الجهد، فالعلو المطلق هو أعظم الصور بسبب القرب من النبي e، ورواية الصحابة أعظم صور هذا النوع، وطبقتهم تعد أعلى من طبقة التابعين وهلم جرا، وبهذا العلو امتازوا بالرواية والضبط

نتائج البحث علو الإسناد يبعد الرواية عن الخلل لأن طول الإسناد يكثر معه احتمال الخطأ، بخلاف القصر الذي يقل معه هذا الاحتمال تقديم الإسناد العالي في حال كونه صحيحاً خالياً من العلل، وبهذا يفسر سبب نزول بعض الأئمة طلباً للصحة تعدد الرواة في طبقة واحدة حكمهم حكم الراوي الواحد، ولهذا يعتبر الإسناد مع التعدد في الطبقة أعلى من غيره في حال تساوي العدد من غير تعدد تقدم الوفاة سبب لعلو الإسناد في الرواية على المتأخر وفاة وإن تساوى العدد الاهتمام بالإسناد العالي والحرص عليه إنما هو من أجل تقوية الحديث ورفع درجته وما في ذلك من الاطمئنان بسلامته تعد أسانيد الصحابة بالنسبة لمن جاء بعدهم أعلى الأسانيد، وهذا التمييز ساعدهم في الحفظ والإتقان، وصرف جهودهم إلى ضبط المتون وقوع الوهم والخطأ في الأسانيد أكثر منه في المتون، وذلك بسبب كثرة الرواة، وتشابه الأسماء، وتداخل الرواية، وهذا النوع من الخلل لم يقع في نقل الصحابة لانعدام السند في حقهم كلما طال السند زاد العبء في حفظ الحديث وضبطه ونقله، لأن عدد النقلة يزداد ببعد الراوي عن العصر الأول، مما يحتاج معه إلى مضاعفة الجهد، وزيادة التحري والضبط

  =================

حفظ الله السنة النبوية / من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?p=1568622#post1568622

====================

اهتمام الصحابة بالسنة:-

قد ميز الله – تبارك وتعالى- هذه الأمة بميزة لم تكن لأمة غيرها، وهي الرواية بالإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحرص على جمع السنة.

والسنة بتوفيق الله- سبحانه- قد حفظت على أحسن وجه بفضل حفاظها وعلمائها، ونالت من العناية والاهتمام ما لم يعهد في شريعة من الشرائع السابقة، ولا في نص من النصوص غير القرآن الكريم.

وكان الصحابة – رضوان الله عليهم – يتذاكرون دائما ما يسمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس بن مالك- رضي الله عنه -: كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الحديث، فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه. كما كان للنساء الصحابيات- رضوان الله عليهن- أثر عظيم في حفظ السنة وتبليغها، لا يقل عن أثر الصحابة- رضي الله عنهم- حتى إذا رأين الرجال قد غلبوهن على رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبن منه أن يعين لهن جلسات خاصة بهن، يسألنه فيها عن أمورهن، ويتعلمن أحكام الإسلام، وقد كان لهؤلاء الصحابيات أثر بالغ الأهمية في حمل الأحكام الخاصة بالنساء، وحياتهن الأسرية.

وبعد أن انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وانقطع الوحي لم يبق أمام الأمة إلا القرآن العظيم، والسنة المطهرة مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (( تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنتي)).( أخرجه الحاكم)

وتمسك الصحابة والتابعون بسنته- عليه الصلاة والسلام- إتباعا لأوامر الله- تعالى- بطاعته، وقبول حكمه في قوله تعالى: (( وما ءاتكم الرسول فخذوه ومانهكم عنه فانتهوا)).

( الحشر:7).

والاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة، وقد امتثل الصحابة لأوامر الله – تعالى- واجتناب نواهيه في عهد الرسول- عليه الصلاة والسلام- ونفذوها مخلصين، وحموا الشريعة بالمال والأرواح في حياته وبعد وفاته، وقوفا عند وصيته التي سمعها منه الصحابة- رضوان الله عليهم- ويرويها (العرباض بن سارية)- رضي الله عنه- فيقول: (( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله كأنها موعظة مودع، فأوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله- عز وجل-، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)).( رواه أبو داود والترمذي والدارمي)، فأخذوا بسنته- عليه الصلاة والسلام- وتمسكوا بها.

وقد عرف المسلمون السابقون سمو مكانة السنة، وتعمقها في أحكام الإسلام، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعرفوا مكانتها العظيمة في أنها شارحة للقرآن العظيم، ومفصله لمقاصده، بمقتضى قوله تعالى: (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم))(النحل:44). فكان حفظها حفظاً للقرآن الكريم والعناية بها عناية بالقرآن الكريم الذي ضمن الله تعالى بقائه مدى الدهر بقوله سبحانه : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ( الحجر: 9) لذا كانت محط أنظار طلاب العلم والمستفتين، ومرجعهم في كثير من أمور دينهم.

وقد أتاح الله – عز وجل – لهذه السنة النبوية أن يخدمها في كل عصر ومصر أئمة كرام بررة، وأعلام ثقات مهرة عرفوا قدرها ومكانتها، فرعوها حق رعايتها، وحفظوها في الصدور، وأودعوها سويداء القلوب، ودونوها في المصنفات والكتب، وحكموها في شؤونهم ، وكانوا بها متمسكين، وعلى نهجها سائرين.

وكان مما أثلج صدورنا، وفتح باب الأمل في شباب عصرنا حبهم للسنة، وحفظ طائفة منها، وبهذا ينتظمون في سلك المحبين للسنة، الذي بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة فيما روى الترمذي عن أنس- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( من أحب سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة)).

http://www.naifprize.org.sa/print.php?mid=308

=========

الحديث في عهد الصحابة رضي الله عنهم

الحديث في عهد الصحابة رضي الله عنهم

بعد وفاة النبي عليه الصلاة و السلام، قام الصحابة من بعده بحمل لواء الإسلام و تبليغ ما علموه منه صلى الله عليه و سلم. و لقد تميَّز الصحابة بخصائص و مميزات أهَّلتهم لحفظ الحديث في الصدور، و فيما يلي نورد أهم العوامل التي ساعدتهم لحفظ الحديث الشريف:

: عوامل حفظ الصحابة للحديث

1- صفاء أذهانهم و قوة قرائحهم و ذلك أنَّ العرب أمة أمِّية لا تقرأ و لا تكتب، و الأمّي يعتمد على ذاكرته فتنمو و تقوى لتسعفه حين الحاجة ، كما أنَّ بساطة عيشهم بعيداً عن تعقيد الحضارة جعلتهم ذوي أذهان نقية، لذلك عُرِفوا بالحفظ النادر و الذكاء العجيب حيث اشتهروا بحفظ القصائد من المرة الأولى و حفظ الأنساب …

2- قوة الدافع الديني لأنهم أيقنوا أن لا سعادة لهم في الدنيا و لا فوز في الآخرة إلا بهذا الإسلام، فتلقَّفوا الحديث النبوي بغاية الاهتمام و نهاية الحرص.

3- تحريض النبي صلى الله عليه و سلم على حفظ حديثه، قال زيد بن ثابت: ” سمعتُ رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فبلَّغها، فرُبَّ حامل فقه غير فقيه و ربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ” أخرجه أبو داود و الترمذي و ابن ماجه، و في رواية: نضَّر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلَّغه كما سمعه، فربَّ مبَلِّغ أوعى من سامع “، قال الترمذي حديث حسن صحيح. قال العلاَّمة القسطلاني: ” المعنى أنَّ الله تعالى خصَّه ( أي ناقل حديث النبي صلى الله تعالى عليه و سلم ) بالبهجة والسرور لأنه سعى في نضارة العلم و تجديد السنّة، فجازاه النبي صلى الله عليه و سلم في دعائه له بما يناسب حاله من المعاملة “. وبالفعل هذا ما نجده في وجوه المحدثين من نضارة ونور يعلو محياهم و حسن سمت يضفي عليهم هيبة و وقاراً.

4- اتباع النبي صلى الله عليه و سلم الوسائل التربوية في إلقاء الحديث على الصحابة و سلوكه سبيل الحكمة كي يجعلهم أهلاً لحمل الأمانة و تبليغ الرسالة من بعده، فكان من شمائله في توجيه الكلام:

أ- أنه لم يكن يسرد الحديث سرداً متتابعاً بل يتأنّى في إلقاء الكلام ليتمكَّن من الذهن، قالت عائشة رضي الله عنها فيما أخرجه الترمذي: ” ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يحفظه من جلس إليه “.

ب- لم يكن يطيل الحديث بل كان كلامه قصداً، قالت عائشة فيما هو متفق عليه: ” كان يحدِّث حديثاً لو عدَّه العادُّ لأحصاه “.

جـ- أنه كثيراً ما يعيد الحديث لتعيه الصدور، روى البخاري و غيره عن أنس فقال: ” كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعيد الكلمة ثلاثاً لِتُعقَل عنه “.

5- مواظبة الصحابة على حضور مجالس رسول الله صلى الله عليه و سلم التي كان يخصصها للتعليم و اجتهادهم في التوفيق بين مطالب حياتهم اليومية و بين التفرغ للعلم، فها هو عمر بن الخطاب يتناوب الحضور مع جار له من الأنصار على تلك المجالس، فقال عمر: ” كان ينزل صاحبي يوماً و أنزل يوماً فإذا نزلتُ جئتُه بخبر ذلك اليوم من الوحي و غيره و إذا نزل فعل مثل ذلك “، رواه البخاري.

6- مذاكرة الصحابة فيما بينهم، قال أنس: ” كنا نكون عند النبي صلى الله عليه و سلم فنسمع منه الحديث فإذا قمنا تذاكرناه فيما بيننا حتى نحفظه “.

7- أسلوب الحديث النبوي، فقد أوتي النبي صلى الله عليه و سلم بلاغة نادرة شغفت بها قلوب العرب وقوة بيان يندر مثلها في البَشَر ومن هنا سمى القرآن الكريم الحديث ” حكمة “.

8- كتابة الحديث و هي من أهم وسائل حفظ المعلومات ونقلها للأجيال . ورد في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو أنه قال: ” كنتُ أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه … “. وقد تناولت الكتابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قسماً كبيراً من أهم الأحاديث وأدقها لاشتمالها على أمهات الأمور وعلى أحكام دقيقة

===========

أمر بالتبليغ

وقد خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ يَبْلُغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ» وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لهم بأهلية الأداء فدل على عدالتهم وضبطهم

دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لحفظ حديثه و الدعاء لمن حفظه و بلغه

كما في الترمذي عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نضر الله امرأً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه. قال الترمذي: حديث حسن. ومعنى الحديث -والله أعلم- أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بالنضارة والبهجة والحسن..لمن سمع حديثه فحفظه حتى يبلغه لغيره، لأن مهمة تبليغ دين الله تعالى هي مهمة النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه، كما قال تعالى آمرا لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف: 108]. فكل من قام بحمل هذا العلم والدعوة إليه وتبليغه للآخرين ولو كانوا أفقه منه وأعلم، تتناوله هذه الدعوة من النبي صلى الله عليه وسلم بالنضارة والحسن والرونق والبهاء..

============
الضبط عند الصحابةِ .. وإقامة الحجة على المُدّعي !

الضبط عند الصحابةِ

أوّلًا : الهدفُ من الموضوع:

توضيحُ مغالطاتِ المحاور المخالِفِ وسياستُهُ في احكام مغالطاتِه .. ففي الحوار مع المخالِف الذي يُريد أن يتحرر من النص ليخدْم بها معتقدَهُ وغلطَه .. قد يستخدِمُ مغالطاتٍ من قبيل توهُمِ الصحابةِ (اتهام في ضبْطِهِم) , أو كذِبِهِم (اتهام في عدالتِهِم وأمانتهم) .. مما يُشغِّبُ بعدم الثقةِ في نقلِهِم وهذا مما لا يقول بهِ أهل السنةِ والجماعة .. وغرضُهُ أنه لو شكّك في الناقل (عدالته وضبطه) فإنهُ سيسْقُطُ المنقول بالتبْعِيّة .. ويرمي المخالِفُ بهذه الإدّعاءاتِ دون أي دليلٍ أو حجةٍ برهانيّةٍ يُثبِتُ بها افتراءَه .. فدوْمًا ينبغي التنبُه في الحوارات مع المخالِف لما يرْمي به من مغالطاتٍ , والوقوف على غرضِهِ منها .. وصدُّ محاولةِ التشْكيكِ في ضبْطِ الصحابةِ بالوهْم أو النسيان , أو التشكيك في عدالتهِم بالكذِبِ أو التجْريحِ .. وهذا دأب الغلاةُ في الطعن فى عدالة وضبْطِ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعين وتابعيهم ومن نقلوا لنا دين الله عز وجل ،كل يطْعَنُ لأجلِ هواه وبغيته ومراده , واتحد في هذه الغايةِ المبتدعة الرافضة (الطاعِنون في الصحابة) ، والخوارج ، والمعتزلة ، وتبِعَهُم القرآنيون والمستشرقون والملاحدة .. ويُحاوِلون جهْدَهُم الطعْن في عدالتِهِم وفي ضبْطِهِم .. فإن هم نجحوا في ذلِك فقد سقَطَ الدينُ الإسْلامي بالكُلية , ولا يبقى لهم إلا إملاء ما يُريدون .. وكما قلنا : إذا طعنوا في الناقل سقَطَ المنقول ..

ثانِيًا: أدلةُ وجوبِ التزام الضبْطِ من كتاب الله وسنة نبيِّه:

قولُهُ تعالى ” ولا تقْفُ ما ليْس لكَ بِهِ علم” , وقوله تعالى ” قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون”. ولقول الرسول صلى اللهُ عليهِ وسلّم في الحديثِ المتواتر” نَضَّرَ اللهُ إِمْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِيْ فَوَعَاهَا وَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا “.
ثالِثًا: ما هي قوادِحُ الضبْط وخوارِمُه , وكيْف يُختَبَرُ ضبْطُ الراوي؟

أما خوارم الضبْط :

1- ان يكون الراوي سيِّءُ الحِفْظ
2- أن يكونَ كثير الوهم.. ويُشترط الكثرة .. لأن الخطأ والنسيان والوهم لا يسلم منه أي بشر مع كونه موصوفاً بالضبط التامّ .. قال ابن معين: ((من لم يخطئ فهو كذاب)).. لكن الخطأ والوهم يكون نادراً من الثقة، ويُعيَّن ويُبيَّن للناس حتى لا يتتابعوا في الخطأ..

3- أن يكون كثير الغفلةِ والتساهُل في حديثِه عن رسول الله.
4- أن يكون كثير الغلط..
5- مخالفته للرواة الثقاةِ الآخرين.. والمخالفة تشمل أنواعاً:
1- أن يخالف الراوي في تغيير سياق الإسناد أو المتن فيسمى: المدرج.
2- أن يخالف الراوي بتقديم المتأخر وتأخير المتقدم في الإسناد أو المتن، فيسمى: مقلوباً.
3- أن يزيد راوياً في الإسناد ما لم يزده الآخرون فيسمى: المزيد في متصل الأسانيد.
4- أن يخالف الرواة بإبدال راوٍ براوٍ أو برواة في إسناد واحد، وكذلك إبدال شيء في متن الحديث الواحد مرة بلفظ ومرة بلفظ آخر، فيسمى: مضطرباً.
5- كذلك يخطئ في الكلمة فيغير سياقها فيسمى: المصحف والمحرف.

وأما كيفية معرفةِ ضبط الراوي:

أولا: بالشهرة والاستفاضة.. فالخبر المستفاضُ أو المشهور ينْدُر فيه الوهم أو قد يستحيل.
ثانيا: مقابلة مرويات الراوي بما هو محفوظ عن الثقات.
ثالثا: امتحان الراوي.. بعدة أوجُه:
1. قلب الأحاديث على الراوي: ومعناه أن يوضع اسناد حديث لمتن حديث آخر لينظر هل يتنبه على ذلك الراوي أم لا.
2. أن يسأل عن أحاديثه التي كان قد حدث بها من قبل.
رابِعًا: هل يجوزُ الوهْمُ على الصحابةِ ؟ وهل يؤثِّرُ في ضبْطِهِم؟!

الصحابةُ بشَر ويجوزُ عليْهِمُ الوهْمُ والخطأ والنسيان , كما يجوزُ على غيْرِهم .. قال ابن تيمية : ” وأما الغلط فلا يسلم منه أكثر الناس ، بل في الصحابة من قد يغلط أحياناً ” .. ولا يؤثِّرُ على ضبْطِهِم لقُرْب العهد بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وطريق تلقي العلم عنه ، بالسماع المباشر ، أو بالرؤية ، مع تكرار ورود العلم عليه ، وهذا يُضعف احتمال الوهم ، بخلاف من بعدهم بعدما كثرت الوسائط وتعددت.. كما أن توهُمَ الصحابي يُبينُهُ صحابيٌ آخر باسْتِدْراكِهِ عليْهِ .. ويُبين فيه الصحابيُّ أن الصحابي الآخر أخطأ أو توهّم..
خامِسًا: إذًا متى نحْكُم على صحابي بالوهم؟!..

لا يُمكِنُ الحُكْم على صحابيٍ أو راوٍ بالخطأ أو الوهْمِ في روايةٍ ما , إلا بدليلٍ أو بيِّنة تُبيِّنُ اسْتِدْراكِ صحابيٍّ على صحابيٍّ آخر .. وليْس الأمر متروكًا للهوى والظن .. كأن يروي الصحابيُ الخبرَ, فيروي صحابيٌ آخر بخلافِهِ ويُبين ما وهِمَ فيه الصحابي .. وهذا حادِثُ بيْن الصحابةِ رضوانُ اللهِ عليْهِم لاحتياطِهِم في التثبُت والتأكيد على صحةِ ما يُنْقَل عن رسول الله صلى اللهُ عليْهِ وسلّم .. وياتي تفصيلُهُ أدناه في الطريقة التاسعة من طُرُق التثبُت والضبْط عند الصحابةِ .. ونكتفي هنا بِمِثاليْن:
الأول : توهيم عائشة لابن عمر في تواريخ عمرات النبي صلى الله عليه وسلم .. فعن مجاهد ، قال : دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد ، فإذا عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة ، وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى ، قال : فسألناه عن صلاتهم ؟ فقال : بدعة ، ثم قال له : كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أربعاً ، إحداهن في رجب ، فكرهنا أن نرد عليه ، قال وسمعنا أستنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة ، فقال عروة : يأماه ، يا أم المؤمنين ، ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن ؟ قالت : ما يقول ؟ قال : يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات ، إحداهم في رجب ، قالت : يرحم الله أبا عبد الرحمن ، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده ، وما اعتمر في رجب قط”.

الثاني : توهيم سعيد بن المسيب لابن عباس في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من ميمونة وهو محرم . فعن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم . قال سعيد بن المسيب : وهم ابن عباس , وإن كانت خالته ، إنما تزوجها حلالاً”.

سادِسًا: وكيْف الرد على من اتهم ضبْط الصحابة بلا بيِّنةٍ أو برهان ؟!

اتهام الصحابةِ بقلةِ الضبْط , بحجةِ تحرُج الصحابي من أن يسْتدرِك على الآخر , أوبالتعميم أو غيرِ ذلِك .. غيرُ صحيح ولا برهان عليْهِ .. ولا يجوز .. فإننا نفعل كما فعل رسول اللهِ ونقطعُ بما فعل فالصحابة – رضي الله عنهم – لشدة خوفهم من الله تعالى وحرصهم على دينهم وتعظيمهم لسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم لم يكونوا ليحدثوا غيرهم من المسلمين بشيء من أمور الدين إلا بما علموا أنهم حفظوه وأتقنوه من الأحاديث .. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل خبرهم ..

وإن كان الأصْلُ هو قبول خبرِهِم كما قبلهُ رسول الله صلّى اللهُ عليْهِ وسلم منهم .. وهم الصحابةُ كانوا يقبلون أخبار بعضهم بعْضًا , فإنهُ مع ذلِكَ إذا قامت عند السامع قرينة على احتمال أن ذلك المخبر واهم في خبره ، فإنهُ يسْتدرِكُ عليْه كما استدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم – أيْضًا , وقد كان الصحابةُ والتابعون بمجرد أن يروي الصحابيُ روايةً يظهرُ فيها الخطأ يُسارِعون إما بالإسْتدراك عليْه وتصحيحِه والتثبُت من ذلِك بالشهود , أو إن كان يمنعهم التحرُج فإنهم يتوجهون إلى صحابيٍّ آخر يتكفّلُ بالردِ والإسْتدراك.. ورد بعضهم على البعض الآخر هو من أدلة كمال العدالة عندهم .. والوهم لو كان من بعضهم مع قلته, فان غالب الصحابة تأتي بالأدلة على مخالفة هذا الأمر أو من تكون له قرينة تزيد من قبول رأيه في مسألة معينة عن غيره. وما أقل ما روي من مثل هذه الوقائع.
سابِعًا: هل يُقسم الصحابة إلى ضبطٍ وغير ضابِط كما باقي الرواة , وما هو البرهان على ثبوتِ الضبْط للصحابةِ؟

لا يُقسّم الصحابةُ إلى ضابطٍ وغير ضابطٍ كباقي الرواة .. لأن برهانَ ثبوتِ الضبط لكل صحابي هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل أخبار الصحابة ، ولا يرد منها إلا ما عَلم صلى الله عليه وسلم أن ذلك المُخبِر واهم فيه ، وأيضا كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل آحاد الصحابة يبلغون عنه الناس أشياء سمعوها منه صلى الله عليه وسلم؛ وعلى ذلك جرى الصحابة والتابعون ، فإنهم كانوا يقبلون خبر الصحابي دون أن يقسموا الصحابة إلى أصحاب ضبط ، وغير ضابطين ، أو نحو ذلك ، إلا إذا قامت عند السامع قرينة على احتمال أن ذلك المخبر واهم في خبره ، فإنهُ يسْتدرِكُ عليْه. وعلى هذا استمر عمل علماء الإسلام إلى يومنا هذا، فلا يوجَدُ عالمُ من علماء الأمةِ ضعَّف أحداً من الصحابة – الذين هم عنده صحابة – لا من جهة عدالة ، ولا من جهة ضبط؛ والأُمة قد عملت بمقتضى توثيق جميع الصحابة وبَنَتْ دينَها على ذلك.

ثامِنًا: ما هي الأدلةُ على تثبُتِ الصحابةِ وضبْطِهِم لخبرِ رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم؟

وقبل أن نضرب الأمثلة على تثبت الصحابة رضوان الله عليهم وأرضاهم يجب أن نقف قليلا أمام الباعث الحقيقي الذي دعاهم إلى الالتزام بهذه الحيطة التامة في رواية أحاديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم – وسنته الغراء. إذا أنعمنا النظر في تلك الحوادث فسنجد أنهم كانوا يتثبتون من الحفظ وعدم النسيان ويريدون كذلك من وراء ذلك أن يزرعوا في قلوب تلاميذهم الهيبة والإكبار لسنة المصطفى – صلى الله عليه وسلم -. وإن الوصول إلى هذه الحقيقة ليس أمرا عسيرا لمن رزق السلامة في المقاصد والرزانة في النظر.

1- مثال ذلك ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: (كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور فقال استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال ما منعك؟ قلت استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع) فقال والله لتقيمن عليه ببينة أمنكم أحد سمعه من النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال أبي بن كعب والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ذلك). رواه البخاري/ كتاب الاستئذان/ باب الاستئذان ثلاثا/ رقم الحديث: 5776، ومسلم في كتاب الآداب/ رقم الحديث: 4010، وأبو داود في كتاب الأدب/ رقم الحديث: 4510، وأحمد في مسند الكوفيين/ رقم الحديث: 18689.
فعمر هنا – رضي الله عنه – إنما طلب البينة لا لأن أبا موسى غير مؤتمن عنده بل لأمر آخر يفصح عنه عمر نفسه، فقد جاء في رواية الإمام مالك لهذه القصة قول عمر – رضي الله عنه – (أما إني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله – صلى الله عليه وسلم ).الموطأ/ للإمام مالك/ كتاب الجامع/ رقم الحديث: 1520.
وقال ابن حجر في تعقيبه على هذه القصة (وفي رواية عبيد بن حنين… فقال عمر لأبي موسى: والله إن كنت لأمينا على حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ولكن أحببت أن أستثبت) ونحوه في رواية أبي بردة حين قال أبي بن كعب لعمر” لا تكن عذابا على أصحاب رسول الله فقال: سبحان الله، إنما سمعت شيئا فأحببت أن أستثبت)صحيح البخاري/ كتاب الاستئذان/ رقم الحديث. 5776
وقال الإمام النووي (وأما قول عمر لأبي موسى: (أقم عليه البينة) فليس معناه رد خبره من حيث هو خبر واحد ولكن خاف عمر مسارعة الناس إلى القول على النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى يتقول عليه بعض المبتدعين أو الكاذبين أو المنافقين ونحوهم ما لم يقل، وأن كل من وقعت له قضية وضع فيها حديثا على النبي – صلى الله عليه وسلم – فأراد سد الباب خوفا من غير أبي موسى لا شكا في رواية أبي موسى فإنه عند عمر أجل من أن يظن به أن يحدث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ما لم يقل بل أراد زجر غيره بطريقه فإن من دون أبي موسى إذا رأى هذه القضية أو بلغته وكان في قلبه مرض أو أراد وضع حديث خاف من مثل قضية أبي موسى فأمتنع من وضع الحديث والمسارعة إلى الرواية بغير يقين. ومما يدل على أن عمر لم يرد خبر أبي موسى لكونه خبرا واحدا إنه طلب منه أخبار رجل آخر حتى يعمل بالحديث ومعلوم أن خبر الاثنين خبر واحد وكذا ما زاد حتى بلغ التواتر). شرح النووي على صحيح مسلم/ كتاب الآداب/ رقم الحديث: 4010.
وقال ابن حبان: (قد أخبر عمر بن الخطاب أنه لم يتهم أبا موسى في روايته وطلب البينة منه على ما أراد تكذيبا له، وإنما كان يشدد فيه لأن يعلم الناس أن الحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شديد) كتاب المجروحين / ابن حبان ج1: 8.

2- وكذلك تعلق بعض الواهين بما روي عن علي – رضي الله عنه – من إنه كان يستحلف الرواة إذا حدثوه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وحملوا فعله هذا على أنه ارتياب وشك من علي – رضي الله عنه – فيمن يحدثه عن النبي – صلى الله عليه وسلم -. فقد أخرج الحميدي بسنده عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أنه قال: (كنت إذا سمعت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثا نفعني الله بما شاء أن ينفعني منه، وإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته). مسند الحميدي/ ج1/ ص2/ رقم الحديث: 1
وظاهر أن عليا – رضي الله عنه – لم يكن يريد من استحلافهم أن يتأكد من صدقهم لأنهم لو كانوا متهمين عنده لأحتاج في توثيقهم إلى من يوثقهم له ولا يصح عندئذ أن يعتمد على يمينهم في تزكية أنفسهم من الكذب. وإنما كان مراده والله أعلم أن يتأكد من أن ما رووه رووه باليقين وليس بالظن الغالب كما أخبر بذلك صاحب الروض الباسم حينما قال: (وعلي لم يتهم الراوي بتعمد الكذب لأنه لو اتهمه بذلك لأتهمه بالفجور باليمين ولم يصدقه إذا حلف وإنما أتهمه بالتساهل في الرواية بالظن الغالب فمع يمينه قوي ظنه بأنه متقن لما رواه حفظا)الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم/ ابن الوزير: 1/52.

3- ومما يشهد لنا بأن تثبت الصحابة – رضي الله عنه – كان حول ضبط الراوي وحفظه ما رواه البخاري بسنده عن عروة انه قال: (حج علينا عبد الله بن عمرو فسمعته يقول: سمعت النبي صلى اله عليه وسم يقول: إن الله لا ينزع العلم بعد إن أعطاكموه انتزاعا ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون. فحدثت به عائشة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم إن عبد الله بن عمرو حج بعد فقالت: يا ابن أختي انطلق إلى عبد الله فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه فجئته فسألته فحدثني به كنحو ما حدثني، فأتيت عائشة فأخبرتها، فعجبت فقالت: والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو) صحيح البخاري/ كتاب الاعتصام/ باب ما يذكر من ذم الرأي/ رقم الحديث: 6763.
فقول عائشة في نهاية الحديث (لقد حفظ عبد الله بن عمرو) نص ظاهر أن كل ذلك الاستثبات والاختبار لأجل التأكد من الحفظ وليس فيه ما يدل على الارتياب والتشكيك بالعدالة لا من قريب ولا من بعيد. وإنما (كل ذلك خوفا من الزيادة والنقصان أو السهو والنسيان واحتيطا للدين وحفظا للشريعة وحسما لطمع طامع أو زيغ زائغ أن يجترئ فيحكي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما لم يقل)تحذير الخواص من أكاذيب القصاص/ السيوطي: 84 .

تاسِعًا: ماهي طُرُق التثبُت من ضبْطِ الصحابةِ لحديثِ رسول الله بعضِهِم بعْضًا؟

بعد هذا نستطيع أن نذكر ما نشاء من نصوص التثبت والاحتياط لدى الصحابة الكرام ونحن آمنون إنها لن تفسر تشكيكا من قبل بعضهم للبعض الآخر. إذا كنا نتحرى الحق والصواب فيما نقول أو نسمع. وبعد إمعان النظر في هذه النصوص تبين أن:

التثبت عند الصحابة الكرام كان له تسع طرق كلها توصل إلى الطمأنينة على أحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم -.

الطريقة الأولى: وهي طريق الاستشهاد على رواية الراوي برواية أخرى.

ادلتها:

(1) – رأينا كيف أن عمر – رضي الله عنه – طلب من أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – بأنه قد سمع الحديث هو أيضا من رسول الله – صلى الله عليه وسلم “أنظر البخاري/ كتاب الاستئذان/ باب الاستئذان ثلاثا/ رقم الحديث: 5776.”.
(2) وروى الإمام مالك بسنده عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها، فقال لها أبو بكر ما لك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شيئا فارجعي حتى اسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر)الموطأ/ الإمام مالك/ كتاب الفرائض/ ميراث الجدة/ رقم الحديث: 953، وسنن الترمذي/ كتاب الفرائض عن رسول الله/ رقم الحديث: 2027، وسنن أبي داود كتاب الفرائض/ رقم الحديث: 2507.
(3) ويمثل له بما روى البخاري بسنده عن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – أنه قال: (سأل عمر بن الخطاب عن إملاص المرأة هي التي يضرب بطنها فتلقي جنينا فقال: أبكم سمع من النبي – صلى الله عليه وسلم – فيه شيئا؟ فقلت: أنا، فقال: ما هو؟ قلت سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: (فيه غرة عبد أو أمة)، فقال: لا تبرح حتى تجيئني بالمخرج فيما قلت، فخرجت فوجدت محمد بن مسلمة، فجئت به، فشهد معي أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: فيه غرة عبد أو أمة)رواه البخاري/ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة/ باب ما جاء في اجتهاد القضاء/ رقم الحديث: 6773، ومسلم في كتاب التسامة والمحاربين/ رقم الحديث: 3188، والنسائي في سنته في كتاب القسامة/ رقم الحديث: 4740، والدارمي في مقدمة سنته تحت رقم: 640.
فالباعث على السؤال هنا هو الرغبة في التثبت من الحفظ وأن الحديث جاء على هذا المعنى احتياطا من السهو والخطأ وليس الأمر داخلا في دائرة الخوف من التقول على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأنه لو كان احتمال التقول قائما لما أمكن دفعه بشهادة رجل من صغار الصحابة كأبي سعيد الخدري أو محمد بن مسلمة رضي الله عنهم وأرضاهم.
الطريقة الثانية: وهي التأكيد على الراوي بسؤاله:

وقد اعتمد هذه الطريقة كثير من الصحابة والتابعين فحين يسمعون حديثا لم يسمعوه من قبل فإنهم يؤكدون على الراوي ويستثبتونه استشعارا منهم لأهمية الأمر..

أدلتها:

(1) روى الإمام مسلم بسنده عن ابن عمارة بن رؤيبة عن ابيه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (لا يلج النار من صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وعنده رجل من أهل البصرة فقال أنت سمعت هذا من النبي – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم أشهد به عليه وأنا أشهد لقد سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول بالمكان الذي سمعته منه) صحيح مسلم/ كتاب المساجد ومواضع الصلاة/ باب فضل صلاتي الصبح والعصر/ رقم الحديث: 1004، وسنن أي داود في كتاب الصلاة/ رقم الحديث: 363، ومسند الإمام أحمد/ مسند الشاميين/ رقم الحديث: 16588.
(2) وكذلك روي مسلم عن أبي هريرة أنه قال لكعب الاحبار أن النبي الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (لكل نبي دعوة يدعوها وأنا أريد ان شاء الله أن اختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فقال كعب لأبي هريرة: أنت سمعت هذا من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال أبو هريرة: نعم) صحيح مسلم/ كتاب الإيمان/ اختباء النبي دعوته الشفاعة لأمته/ رقم الحديث: 295.وصحيح البخاري/كتاب التوحيد/رقم الحديث6920
(3) وروى النسائي بسنده عن ابن أبي عمار قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع فأمرني بأكلها قلت: أصيد هي ؟ قال: نعم، قلت: أ سمعته من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟، قال: نعم) سنن النسائي/ كتاب مناسك الحج/ باب ما لا يقتله المحرم/ رقم الحديث: 2787.
وفي لفظ الترمذي (قال قلت لجابر الضبع أصيد هي، قال: نعم، قال: قلت : آكلها ؟ قال: نعم، قال: قلت: أقاله رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم) سنن الترمذي/ كتاب الحج عن رسول الله/ رقم الحديث: 779.وقال حديث حسن صحيح.
فهذه الأحاديث وعشرات غيرها أدلة قاطعة على عمق منهج التثبت في حياة الصحابة وتلاميذهم وأنهم إنما يثبتون من حفظ الراوي وأدائه ليس إلا بدليل اكتفائهم بعد ذلك بالتأكيد على الراوي نفسه ولو تعدى الأمر هذا لما جاز أن يكون كلام الراوي نفسه دليل توثيق وحجة على صحة الرواية.

الطريقة الثالثة: استحلاف الراوي على روايته:

ومن أبرز من سار على هذا الخط سيدنا علي رضي الله عنه

أدلتها:

(1) – أخرج الترمذي بسنده إلى أسماء بن الحكم الفزاري قال: سمعت عليا يقول: إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني وإذا حدثني رجل من أصحابه أستحلفته فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له ثم قرأ هذه الآية ” وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ”. سنن الترمذي/ كتاب التفسير عن رسول الله/ باب ومن سورة آل عمران/ رقم الحديث: 2932.قال الترمذي:هذا حديث رواه شعبة وغير واحد عن عثمان بن المغيرة فرفعوه ورواه مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة فلم يرفعاه ثم قال ولا نعرف لاسماء ابن الحكم حديثا الا هذا.

(2) وقد كان سيدنا علي – رضي الله عنه – هو نفسه يحلف على روايته لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، لأن ما يريده من الناس لا يجوز له أن يمنع الناس عنه من التثبت والاستيقان. يشهد على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن زيد بن وهب الجهني، أنه كان في الجيش الذي كان مع علي – رضي الله عنه – الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي – رضي الله عنه -: أيها الناس إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقبهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم – صلى الله عليه وسلم -. لا تكلوا عن العمل واية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض، فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكون هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وإنما رواخي سرح الناس فسيروا على اسم الله… (وفي نهاية الحديث) فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا الله هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ؟فقال أي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفته ثلاثا وهو يحلف له) صحيح مسلم/ كتاب الزكاة/ باب التحريض على قتل الخوارج/ رقم الحديث: 1773

(3) وقد كان عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – يحلف لتلاميذه وهو يحدثهم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو غير متهم عندهم فقد أخرج البخاري بسنده إلى عبد الله بن مسعود قوله: (والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة في كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه) صحيح البخاري/ كتاب فضائل القرآن/ باب القراء من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم -/ رقم الحديث: 4618.

(4) وأخرج مسلم عن عبدة بن زر حبيش قال سمعت أبي بن كعب يقول وقيل له: ان عبد الله بن مسعود يقول من قام السنة أقام ليلة القدر فقال أبي: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع فيها) صحيح مسلم/ كتاب صلاة المسافرين وقصرها/ باب الترغيب في قيام رمضان/ رقم الحديث: 1272.

الطريقة الرابعة: طريقة اختبار الراوي:

ومن طرق تثبت الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا إذا سمعوا حديثا عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يرويه راويه على جهة ما فإنهم كانوا يرسلون إليه بعد فترة من يسمع مرة أخرى فيوازنون بين الروايتين ليتأكدوا من حفظ ذلك الراوي.

أدلتها:

(1) فقد أخرج البخاري عن عروة قوله: ((حج علينا عبد الله بن عمرو فسمعته يقول سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعا ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى أناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون فحدثت به عائشة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم أن عبد الله بن عمرو حج بعد فقالت يا ابن أختي انطلق إلى عبد الله فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه فجئته فسألته فحدثني به كنحو ما حدثني فأتيت عائشة فأخبرتها فعجبت فقالت: والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو)) صحيح البخاري/ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة/ باب ما يذكر من ذم الرأي والأخذ بالقياس/ رقم الحديث: 6763.
وقد جرى تلامذتهم على هذا المنحى فطالما استثبتوا من راوي الحديث بعد أن يحدثهم.
(2) أخرج البخاري بسنده إلى ابن جريج قال: أخبرني نافع قال: حدثنا عبد الله ابن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شغل عنها- أي صلاة العشاء- ليلة فأخرها حتى رقدنا في المسجد ثم أستيقظنا ثم رقدنا ثم استيقظنا ثم خرج علينا النبي – صلى الله عليه وسلم – ثم قال: (ليس أحد من أهل الأرض ينتظر الصلاة غيركم وكان ابن عمر لا يبالي أقدمها أم أخرها إذ كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها وكان يرقد قبلها قال ابن جريج قلت لعطاء وقد سمعت ابن عباس يقول أعتم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليلة بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا فقام عمر بن الخطاب فقال الصلاة فقال عطاء قال ابن عباس فخرج نبي الله – صلى الله عليه وسلم – كأني أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماء واضعا يده على رأسه فقال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوا هكذا فاستثبت عطاء كيف وضع النبي – صلى الله عليه وسلم – على رأسه يده كما أنبأه ابن عباس فبدد لي عطاء بين أصابعه شيئا من تبديد ثم وضع أطراف أصابعه على قرن الرأس ثم ضمها يمرها كذلك على الرأس حتى مست إبهامه من طرف الأذن مما يلي الوجه على الصدغ وناحية اللحية لا يقصر ولا يبطش إلا كذلك وقال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوا هكذا) صحيح البخاري/ كتاب مواقيت الصلاة/ باب النوم قبل العشاء/ رقم الحديث: 537.
الطريقة الخامسة: الرجوع إلى صاحب الشأن في الرواية:

ومن طرائق تثبت الصحابة رضي الله عنهم الرجوع إلى صاحب الشأن في الرواية وهو ما يعرف عند المحدثين بطلب إسناد العالي اختصارا لطريق الرواية الأمر الذي يقلل بدوره من احتمال الوهم والنسيان؛

أدلتها:

(1) روى الترمذي بسنده إلى أنس بن مالك قال: كنا نتمنى أن يأتي الاعرابي العاقل فيسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – ونحن عنده، فبينا نحن كذلك إذا أتاه إعرابي فجثا بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا محمد ان رسولك أتانا فزعم لنا أنك تزعم لنا ان الله أرسلك فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: فبالذي رفع السماء وبسط الأرض ونصب الجبال. الله أرسلك؟ فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: فإن رسولك زعم لنا أنك تزعم أن علينا خمس صلوات في اليوم والليلة فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: فإن رسولك زعم لنا أنك تزعم ان علينا صوم شهر في السنة فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: صدق، قال: فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: فإن رسولك زعم لنا أنك تزعم أن علينا في أموالنا الزكاة، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: صدق، قال: فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: فإن رسولك زعم لنا أنك تزعم أن علينا الحج إلى البيت من استطاع إليه سبيلا، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: نعم، قال: والذي بعثك بالحق لا أدع منهن شيئا ولا أجاوزهن ثم وثب، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: إن صدق الإعرابي دخل الجنة)أخرجه البخاري في كتاب العلم/ باب ما جاء في العلم وقوله ((وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً))/ رقم الحديث: 61. ومسلم في كتاب الايمان /رقم الحديث : 13 و الترمذي في كتاب الزكاة عن رسول الله/باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك/ رقم الحديث: 562
فأنظر إلى هذا الإعرابي الذي قطع الفيافي والقفار ولم يكتف بما أخبره به رسولٌ من عندِ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – من أجل أن يصل إلى برد اليقين وبر الأمان زيادة منه في التثبت واستشعارا لعظم ما يترتب على هذا الحديث. لأن المسألة مسألة جنة أو نار فأما سعادة الأبد وأما شقاء الأبد. فأقره رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم ينكر عليه.

(2) وأخرج الإمام مالك بسنده عن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه قالت: فسألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة قالت فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: نعم قالت : فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو أمر بي فنوديت له فقال كيف قلت؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي فقال امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا قالت فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فأتبعه وقضى به) موطأ الإمام مالك/ كتاب الطلاق/ باب مقام المتوفي عنها زوجها في بيتها حتى نحل/ رقم الحديث: 1081، وسنن الترمذي/ كتاب الطلاق واللعان عن رسول الله/ رقم الحديث: 1125، وقال حديث حسن صحيح ،ومسند أحمد بن حنبل/ باقي مسند الأنصار/ رقم الحديث: 25840.
فإرسال عثمان إلى الفريعة، وسؤاله منها عن الحديث الذي قال المصطفى لها يعني أنه أراد أن يسمع الحديث ممن سمعه مباشرة من النبي – صلى الله عليه وسلم – أو صاحب الواقعة… وكان الدافع لسؤاله التثبت من حفظ الحديث وطلب الإسناد العالي، وليس الباعث على سؤاله الريبة أو الخوف من كذب الرواة في الحديث النبوي.

(3) وأخرج النسائي بسنده عن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول: ذكر مروان في إمارته على المدينة أنه يتوضأ من مس الذكر إذا أفضى إليه الرجل بيده فأنكرت ذلك وقلت لا وضوء على من مسه فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذكر ما يتوضأ منه فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويتوضأ من مس الذكر، قال عروة: فلم أزل أماري مروان حتى دعا رجلا من حرسه فأرسله إلى بسرة فسألها عما حدثت مروان فأرسلت إليه بسرة بمثل الذي حدثني عنها مروان) اخرجه النسائي في كتاب الطهارة/ باب الوضوء من مس الذكر/ رقم الحديث: 164والترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله رفم الحديث 77 وقال حديث حسن صحيح وابو داود.في كتاب الطهارة رقم الحديث 154وابن ماجة في كتاب الطهارة وسننها رقم الحديث472

(4) وأخرج النسائي كذلك بسنده إلى محمد بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: (أتينا جابرا فسألناه عن حجة النبي – صلى الله عليه وسلم – فحدثنا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة فمن لم يكن معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة وقدم علي – رضي الله عنه – من اليمن بهدي وساق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من المدينة هديا وإذا فاطمة قد لبست ثيابا صبيغا واكتحلت قال فانطلقت محرشا-أي مستميلًا رسول الله في عقابِها أو نهيها – أستفتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقلت يا رسول الله أن فاطمة لبست ثيابا صبيغا واكتحلت وقالت: أمرني به أبي – صلى الله عليه وسلم – قال: صدقت، صدقت، صدقت أنا أمرتها) اخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج/ باب الكراهية في الثياب المصبغة للمحرم/ رقم الحديث: 2664.
فهذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يغضب لأن عليا يستوثق من كلام فاطمة رضي الله عنها إذ الأمر كما قلت آنفا رائده الحرص الشديد على الدين.

الطريقة السادسة: سؤال الصحابة رضي الله عنهم عن رواية الراوي:

ومن طرق تثبيت الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا شكوا في حفظ راوٍ في مسألة معينة سألوا فيها من يعتقد فيه العلم والإحاطة بمثلها امتثالا لقوله تبارك وتعالى ( فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).

أدلتها:

(1) ما أخرجه الترمذي عن الحسن عن سمرة قال “سكتتان حفظتهما من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأنكر ذلك عمران بن حصين وقال حفظنا سكتة فكتبنا إلى أبي بن كعب فكتب أبي أن حفظ سمرة) سنن الترمذي/ كتاب الصلاة/ ما جاء في السكتتين/ رقم الحديث: 233.وقال حديث حسن ،وسنن ابي داود/كتاب الصلاة/رقم الحديث660،وسنن ابن ماجة/كتاب اقامة الصلاة والسنة فيها/رقم الحديث 835
(2) وما أخرجه مسلم بسنده إلى عبد الله بن مسعود أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم أنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل، قال أبو رافع فحدثت عبد الله بن عمر فأنكره علي فقدم ابن مسعود فنزل بقناة فاستتبعني إليه عبد الله بن عمر يعوده فانطلقت معه فلما جلسنا سألت ابن مسعود عن هذا الحديث فحدثني كما حدثته ابن عمر) صحيح مسلم/ كتاب الإيمان/ باب كون النهي عن المنكر من الإيمان/ رقم الحديث: 71.ومسند احمد /سند المكثرين من الصحابة /رقم الحديث 4148
فأنظر إلى حيطة الصحابة رضي الله عنهم كيف أنهم كتبوا إلى أبي ابن كعب من أجل أن يتثبتوا من سنة من سنن المصطفى فكان كلامه هو الفصل والدليل على أن سمرة قد حفظ .. وكذلك الحال مع أبي رافع قدم دليل حفظه بسؤاله لعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم.

الطريقة السابعة: شهادة بعضهم لبعض رضي الله عنهم:

ومن وسائل التثبت عند الصحابة رضي الله عنهم انهم كانوا إذا سمعوا حديثا لهم به علم شهدوا لذلك الراوي بالصدق والحفظ

أدلتها:

(1) ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ” من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال أمرىء مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان قال: فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن قالوا: كذا وكذا قال: صدق أبو عبد الرحمن في نزلت، كان بيني وبين رجل أرض باليمن فخاصمته إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال هل لك بينة؟ فقلت لا قال فيمينه قلت: إذن يحلف فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – عند ذلك من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال أمرىء مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان فنزلت ((إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))”. صحيح مسلم/ كتاب الإيمان/ باب وعيد من أقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار/ رقم الحديث: 197.والبخاري كتاب المساقاة /باب الخصومة في البئر /رقم الحديث / 2185
فشهادة الأشعث بن قيس لعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما هنا وتوافُقُ روايتهما دليل على ضبط عبد الله بن مسعود وإتقانه لشروط رواية الحديث.
الطريقة الثامنة: استدراك بعضهم على بعض في رواية الحديث:

ومن أمثلة التثبت في الحديث عند الصحابة رضي الله عنهم استدراك بعضهم على بعض في رواية الحديث إذا علم أحدهم أن هناك حديثا يروي على غير وجهه الصحيح. وكان الصحابة رضي الله عنهم يُسارِعون بالإسْتدراكِ على بعضهم بعضًا – برغم قلة ما رويَ في هذه الوقائِع – لأن أحدهم لم يدع العصمة لنفسه، وما كان يمنعهم التحرُجُ عن قولِ الحق وتبيانِهِ وتوضيحِه … ولعلمهم إن تركهم لهذا الأمر يجعل العالم منهم كاتما للعلم وهو ما توعد عليه الشارع الحكيم على لسان رسوله الكريم.
ومن الجدير بالذكر أنه ليس بالضرورة ان يكون المستدرك أعلى مرتبة من المستدرك عليه بل الأمر مرهون بالحفظ والسماع فمن حفظ فهو حجة على من لم يحفظ. وكان الصحابة رضي الله عنهم يتقبلون ذلك بكل رحابة وانبساط لأن (الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها) سنن الترمذي/ كتاب العلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم/ باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة/ رقم الحديث: 2611، وقال هذا حديث غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه وسنن ابن ماجة/ كتاب الزهد/ باب الحكمة/ رقم الحديث: 4159.
وممن اشتهر من الصحابة رضي الله عنهم بكثرة استدراكاته: عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين وزوج النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى إن الإمام بدر الدين الزركشي (ت 794هـ) قام بجمع استدراكات عائشة رضي الله عنها على الصحابة وجعلها في كتاب مستقل أسماه (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة) قام بتحقيقه والتعليق عليه الدكتور سعيد الأفغاني.

أدلتها:

(1) ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي مليكة قال: توفيت ابنة لعثمان – صلى الله عليه وسلم – بمكة وجئنا لنشهدها وحضرها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وإني لجالس بينهما أو قال جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلى جنبي فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان ألا تنهى عن البكاء فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه فقال ابن عباس رضي الله عنهما قد كان عمر – رضي الله عنه -يقول بعض ذلك ثم حدث قال: صدرت مع عمر – رضي الله عنه – من مكة حتى إذا كنا بالبيداء إذا بركب تحت ظل سمرة فقال: اذهب فأنظر من هؤلاء الركب قال فنظرت فإذا صهيب فأخبرته فقال أدعه لي فرجعت إلى صهيب فقلت ارتحل فالحق أمير المؤمنين فلما أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول وا أخاه واصاحباه فقال عمر: يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه فقال ابن عباس رضي الله عنهما: فلما مات عمر رضي الله عنه ذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها فقالت: رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ولكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه وقالت: حسبكم القرآن ” وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى”. قال ابن عباس رضي الله عنهما عند ذلك: والله ” هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى” ، قال ابن أبي مليكة (والله ما قال ابن عمر رضي الله عنهما شيئا).صحيح البخاري/كتاب الجنائز/باب قول النبي يعذب الميت ببكاء اهله عليه/رقم الحديث 1206،وصحيح مسلم كتاب الجنائز/باب يعذب الميت ببكاء اهله عليه/رقم الحديث:1543
فلا يعترض هنا على عائشة باستدراكها على عمر رضي الله عنهما بعلو شأن أمير المؤمنين وشدة تمسكه لأنه ما من صحابي إلا وفاته شيء من سنته – صلى الله عليه وسلم – فكان الشاهد منهم يبلغ الغائب كما أمرهم بذلك – صلى الله عليه وسلم -.

(2) ومن أمثلة ذلك ما استدركت به عائشة رضي الله عنها على أبي هريرة في مسألة صحة صيام من أصبح جنبا في رمضان. فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي بكر بن عبد الرحمن ” أنه أتى عائشة فقال: أن أبا هريرة يفتينا أنه من أصبح جنبا فلا صيام له فما تقولين في ذلك فقالت: لست أقول في ذلك شيئا، قد كان المنادي ينادي بالصلاة فأرى حدر الماء بين كتفيه ثم يصلي الفجر ثم يظل صائما”. مسند احمد/باقي مسند الانصار/رقم الحديث24295

(3) وأخرج كذلك في مسنده عن الحارث بن نوفل قال: ” صلى معاوية بالناس العصر فألتفت فإذا أناس يصلون بعد العصر فدخل ودخل عليه ابن عباس وأنا معه فأوسع له معاوية على السرير فجلس معه قال: ما هذه الصلاة التي رأيت الناس يصلونها ولم أر النبي – صلى الله عليه وسلم – يصليها ولا أمر بها قال: ذاك ما يفتيهم ابن الزبير فدخل ابن الزبير فسلم فجلس فقال معاوية: يا ابن الزبير ما هذه الصلاة التي تأمر الناس يصلونها لم نر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صلاها ولا أمر بها، قال: حدثتني عائشة أم المؤمنين أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صلاها عندها في بيتها قال: فأمرني معاوية ورجل آخر أن نأتي عائشة فنسألها عن ذلك قال: فدخلت عليها فسألتها عن ذلك فأخبرتها بما أخبر ابن الزبير عنها فقالت: لم يحفظ ابن الزبير إنما حدثته عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صلى هاتين الركعتين بعد العصر عندي فسألته فقلت إنك صليت ركعتين لم تكن تصليهما قال: إنه كان قد أتاني شيء فشغلت في قسمته عن الركعتين بعد الظهر وأتاني بلال فناداني بالصلاة فكرهت أن أحبس الناس فصليتهما قال: فرجعت فأخبرت معاوية” مسند احمد/باقي مسند الانصار/رقم الحديث/24331

وغير ذلك كثير مما حفلت به كتب السنن والآثار من صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – تقضي بأنهم كانوا أمناء الله على سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – أختارهم الله بعلم لتبليغ أحداث عصر الرسالة إلى الأمة الإسلامية بكل أمانة وصدق.
الطريقة التاسعة: الرحلة في طلب الحديث بنية التثبت:
وأخيرا نختم هذا المبحث بذكر طرف مما تحمله الصحابة رضي الله عنهم في سبيل حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو الرحلة والسعي من اجل التثبت من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهي الطريقة التاسعة التي مشى بها الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم متحملين في ذلك مشاق عظيمة لا يمكن أن تهون إلا على ذوي الهمم العالية والنفوس الكبيرة.

أدلتها:

(1) أخرج الإمام أبو داود في سنته عن عبد الله بن بريدة ” أن رجلا من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر فقدم عليه فقال: أما إني لم آتك زائرا ولكني سمعت أنا وأنت حديثا عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجوت ان يكون عندك منه علم قال: وما هو؟ قال: كذا وكذا قال: وما لي أراك شعثا وأنت أمير الأرض؟ قال: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان ينهانا عن كثير من الأرفاه، قال: فما لي لا أرى عليك حذاء، قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأمرنا أن نحتفي أحيانا”. سنن أبي داود/ كتاب الترجل/ رقم الحديث: 3629، وأخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار/ رقم الحديث: 22844.
(2) وأخرج الدارمي في سننه عن ابن عباس قال: ” لما توفي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قلت لرجل من الأنصار: يا فلان هلم فلنسأل أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فإنهم اليوم كثر فقال: واعجبا لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من ترى؟ فترك ذلك وأقبلت على المسألة فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه فتسفي الريح على وجهي التراب فيخرج فيراني فيقول يا ابن عم رسول الله ما جاء بك ألا أرسلت إلي فآتيك فأقول لا، أنا أحق أن آتيك فأسأله عن الحديث، فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي فقال: كان هذا الفتى أعقل مني”. سنن الدارمي/ المقدمة/ باب الرحلة في طلب العلم واحتمال العناء فيه/ رقم الحديث: 569.
وقد استطاع الصحابة رضي الله عنهم أن يزرعوا هذا المبدأ الأصيل في نفوس تلاميذهم من التابعين فكانت الرحلة في طلب الحديث على أشدها وشاعت حتى أصبحت منهجا ثابتا في طلب العلم إذ هي تطبيق واقعي لحديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة” سنن ابي داود/كتاب العلم /رقم الحديث:3157 ، سنن ابن ماجة/ المقدمة/ باب فضل العلم والعلماء/ رقم الحديث: 346
فقد أخرج الدرامي عن بسرة بن عبد الله انه قال: ((إن كنت لأركب إلى مصر من الأمصار في الحديث الواحد لأسمعه)) سنن الدارمي/ المقدمة/ باب الرحلة في طلب العلم/ رقم الحديث: 562.
الطريقة العاشرة : عرض السنة على السنة

ومن الوسائل التي اتخذها الصحابة رضي الله عنهم كأساس من اسس توثيق السنة وتمييز الحديث الصحيح من غيره عرض السنة على السنة

أدلتها:

(1) ومن ذلك ما رواه ابو مسلم بن عبد الرحمن قال :”دخلت على عائشة فقلت يا اماه ان جابر بن عبدالله يقول : ” الماء من الماء” صحيح مسلم, فقالت ” اخطأ , جابر اعلم مني برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمعته يقول اذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل)” سنن الترمذي / كتاب الطهارة عن رسول الله /باب اذا التقى الختانان / رقم الحديث / 102 ، ومسند احمد /باقي مسند الانصار / حديث عائشة / رقم الحديث / 23514.

الطريقة الحادية عشرة :عرض الحديث على القياس:

ومن الطرق التي اتبعها الصحابة في التثبت في الحديث : عرض الحديث على القياس.
أدلتها:

(1)فقد اخرج الترمذي عن ابي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء مما مست النار ولو من ثور اقط ، فقال له ابن عباس :انتوضأ من الدهن انتوضأ من الحميم ) سنن الترمذي / كتاب الطهارة عن لسول الله / باب نا جاء في الوضوء مما مست النار / رقم الحديث / 74 ، وقال حديث حسن صحيح .

(2) ومن ذلك ايضا ما روى ابن ماجة عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن غسل ميتا فليغتسل ) سنن ابن ماجة كتاب ما جاء في الجنائز / باب ما جاء في غسل الميت / رقم الاحديث / 1452 ،وسنن الترمذي / كتاب الجنائز / رقم الحديث / 914 ،وسنن ابي داود / كتاب الجنائز / رقم الحديث / 2749
وقدر ابن عباس ذلك قياساعلى طهارة المسلم في حال حياته فقال : “أنجاس هم فتغتسلون منهم؟!” السنن الكبرى / البيهقي /كتاب الطهارة / باب الغسل من غسل الميت / رقم الحديث / 1357
الطريقة الثانية عشرة : يمين الراوي على صدق روايته

ومن الطرق التي اتبعها الصحابة والتابعون رضي الله عنهم وهم يرسخون منهج التثبت ؛ يمين الراوي على صدق روايته ،لكي تطمئن النفوس الى ما يروى .

أدلتها:

فهل لنا بعد هذا إلا أن نقول إن التثبت الذي حض الله تعالى عليه في القرآن الكريم وسنّهُ لنا نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – قد أتى أكله كأطيب ثمار في جيل الصحابة الذين تربوا على يد النبي الخاتم – صلى الله عليه وسلم – فكانوا مصابيح الهدى والنبراس المقتدى الذي يشع على الدنيا لكي يعلمها كيف كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يريد لهذه الأمة أن تكون متيقظة ومتثبتة في كل ما يصدر من أقوال أو تصرفات. لأن الله يريد لهم أن يكونوا أمة وسطا ويكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليهم شهيدا .

(1) فمن ذلك ما اخرجه البخاري عن مسروق عن عائشة ( ذكر عندها مايقطع الصلاة ؛ الكلب والحمار والمرأة فقالت شبهتمونا بالحمر والكلاب ،والله لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي واني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة فتبدو لي الحاجة فأكره ان اجلس فأوذي النبي صلى الله عليه وسلم فأستل من عند رجليه ) صحبح البخاري / كتاب الصلاة / باب من قال لا يقطع الصلاة شىء / رقم اتلحديث / 484

(2) ومنه ايضا ما اخرجه النسائي بسنده الى ابي عبدالرحمن الاوزاعي انه سمع المطلب بن عبد الله يقول : قال ابن عباس :”اتوضأ من طعام اجده في كتب الله حلالا لان النار ميته” ؟ فجمع ابو هريرة حصى فقال : “اشهد عدد هذه الحصى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( توضئوا مما مست النار) سنن النسائي / كتاب الطهارة / باب الوضوء مما غيرت النار / رقم الحديث / 174

(3) وروى الامام احمد عن عمارة بن رويبة عن ابيه قال ” سأله رجل من اهل البصرة قال : اخبرني ما سمعت من رسول الله يقول ؟ ( قال سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يلج النار احد صلى قبل طلوع الشمس وقبل ان تغرب ) قال انت سمعته منه ؟ قال : سمعت اذناي ووعاه قلبي فقال الرجل :”والله لقد سمعته يقول ذلك ) مسند احمد / اول مسند الكوفيين / حديث عمارة بن رويبة / رقم الحديث / 17580

عاشِرًا: كيفيةُ الرد على رافِضيٍّ يتهِمُ صحابيًا بالوهم؟

أولًا: يُطالَبُ بالدليل .. وهو الإتيانُ بروايةٍ مخالفةٍ يؤكِّدُ فيها الراوي توهُمَ الصحابي.. فيعْجزُ فتُقام الحُجّةُ عليْه.
ثانِيًا: وبعْدَ أن يعْجَز يُمكِنُ الإسْتشهادُ بالشهرةِ أو الإستفاضةِ إن توافرت عن أكثر من صحابيٍ يؤكِّدُ ما قالهُ الصحابي الأول .. فتنتهي القضيةُ بالإفحام.. أو يُرد عليْهِ عقلًا: بأن رمْي الراوي بالوهم دونَ بيِّنةٍ يهدِمُ أصول وفروعَ معتقدِهِ بالكلية , فيُمكِن اعتبار الوهم في كل روايةٍ من رواياتِ أئِمتِهِ وأهل ملتِه .. وهو ما لا يقول بِهِ فيقع في مناقضةِ مذهبِهِ عقلًا ونقْلًا.

ومثال ذلِك : انكار الرافضي لنسْخِ التلاوة عندَ المسْلمين محتجًا بالوهم .. فهذا اتِّهامٌ لضبْط الصحابي .. فإن طولِب بالدليل على توهُم الصحابي .. أي طولِب بأن يستشْهِد باستدراكٍ لأحد الصحابةِ يُخطىء هذا الصحابي .. فإن عجز عن إيراد هذا الدليل تبْطُل دعواه .. وإن قام المحاور السُنِّيُّ باثباتُ نسْخ التلاوةِ عن أكثر من صحابيٍّ بحيْثُ تشتهر او تستفيض الرواياتُ أو تتواتر .. يسقُطُ دعوى التوهُم بالكلية وتنتهي القضيّةُ بالإفْحام .. وهذا ينفي الوهم لأن نسبة الغلط أو الوهم إلى الواحد أرجح من نسبته إلى الجمع الكثير .. وكيْف لا يخْرُج صحابي على الإطلاق فيقول بخلافِ ما قال الصحابةُ الباقون ؟!! .. وهنا لا مجال للقول أن السكوت لا يعني عدم قولِهِم , فما من صغيرةٍ او كبيرةٍ إلا بينوها وفصلوها تفصيلاً , وما من خطا أخطأه صحابيٌ إلا وجلّوه وصححوه ونقلوه لنا .. وزعمُ سكوتِهِم جميعًا على أمرٍ كهذا , هو منافٍ للعقل , ومنافٍ لعدالة هؤلاء .. وكيْف يسْكُت أئِمة الشيعة الإثنى عشرية عن هذا الأمر الجلل؟!! .. أيتهم أئِمتهُ أيْضًا بالوهم أو الكذبِ أو الإفتراء .. أو السكوتِ عن الحق؟! .. فكيف لهؤلاء أن يحاجوا ؟!… فقد انتفى التوهم والخطأ يقينًا .. كما أننا لا نحتجُ باجماع سكوتِهِم بل نحتجُ على من زعم أن صحابة الرسول, أو حتى أئِمة الشيعة سكتوا عن الحق, كيف لأئمة الشيعة الإثنى عشرية أن يسكتوا عن الحق فلم ينقلوا خبرًا يُكذب نسْخ التلاوة وينفي وقوعه ..؟!! وكيْفَ يُظن في صحابةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم غمْطُ الحق , والسكوت عن تبيانِهِ لو أنه توهّمَ أحدُهُم؟… فكُتُب السنةِ كلها صحيحها وضعيفها لا يوجد فيها قولٌ واحِدٌ ينفي وقوعَ نسْخ التلاوة الذي رواهُ صحابةُ رسول الله صلى الله عليْهِ وسلّم .. فإن علمنا ذلِك تبيّن أن مُدّعي التوهُمِ يقودُهُ الهوى والتعصُّب لا الدليل والحُجّةُ والبرهان.. بل إن أفلَجَ حُجّةٍ على هؤلاء هو سكوتُ الصحابةِ الذين عدّلوهُم , وصمتُ أئِمّتِهِم والذين بصمْتِهِم خذلوهم , بل منهم من أكد نسْخ التلاوة وإن كان اسنادُ الحديثِ عند أهل السنة فيه ضعْف .. وأضعفُ حديثٍ عند أهل السنة أصحُّ من الصحيحِ عندهم.. فهل يتّهِمُ هذا الدعيُ أئِمّتهُ بالسكوت عن الحق وعدم الصدْحِ به؟!!

ولله الحمدُ والمنة.

منقول من موقع حراس العقيدة

====================

نقد المتون عند المحدثين

الشيخ سعد بن فجحان الدوسري

الحمد لله المستحق الحمد لآلائه، المتوحد بعزه وكبريائه، والصلاة والسلام على محمد خاتم رسله من أنبيائه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا. أما بعد،،،

فإن الله تعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وجعل هذه الرسالة قائمة على أصلين عظيمين بهما قوام الدين، وصلب الإسلام، كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والسنة في أهميتها وحاجة الناس إليها لا تعدو أهمية من القرآن، وإن كانت ليست مثله في التعبد والتلاوة، إلا أنها تبين القرآن فتفصل مجمله، وتبين مبهمة، بل وتزيد عليه أحكاما شرعية كثيرة.

والسنة حظيت بالعناية والاهتمام من العصور الأولى، في التدوين والتدقيق والحفظ، إلا أنها في سالف الأمر زاد الاهتمام بها تدويناً وحفظاً وضبطا وتنوعا.

لذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يحتاطون في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشددون في ضبطه، حتى إن عمر رضي الله عنه يمنع من التحديث بالحديث إذا لم يكن مشتهراً ومعروفا عند الصحابة كما في حديث أبي سعيد في استئذان أبي موسى الأشعري على عمر رضي الله عنه.

وأخبارهم في ذلك مشهورة معروفة. وما ذلك منهم إلا حفظاً لجناب الشريعة، وصوناً لها من الدخيل أو الوهم والغلط. فهم يريدون أن تروى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كما قالها، لا ينقصون ولا يزيدون فيها حرفاً، وقد كانت عائشة رضي الله عنها تختبر ضبط الصحابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسؤالهم عنه وطلب ضبطه، كما طلبت من عبد الله بن عمرو بن العاص.

كما قد تورع بعضهم من التحديث لعدم أمنهم من التغيير في الحديث عند ذكره، وممن نقل عنه ذلك عمرو بن العاص ولما سئل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار)، فقيل له إنما قال: (من كذب علي متعمداً) بمعنى: أنه يجوز لك روايته والتوسع فيه إذا لم تتعمد الخطا، فقال: لا، هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن ذلك كله نشأ في عصر الصحابة ما يعرف عندنا بنقد المتون، فقد كثر ذلك عندهم رضي الله عنهم لحاجتهم إليه لأن صحة السند مفروغ منها، حيث إن جميع الرواة الذين يروون الحديث في وقتهم عدول ثقات، لا شك في ذلك أحد.

ولعل أكثر من اشتهر عنه ذلك من الصحابة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فإن الأخبار التي ردتها لنكارة متونها كثير، لا تكاد تخفي على أحد، حتى إن الحافظ الزركشي جمع في ذلك كتاباً حافلاً أودعه عشرات الأمثلة، وسماه (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)، اختصره السيوطي فيما بعد وزاد عليه.

وممن نقل عنه نقد المتون أيضاً عمر وابنه وابن عباس وعلي رضي الله عنهم. انظر كتاب مقاييس نقد متون السنة للدميني (ص/62).

ثم كانت هذه الطريقة هي طريقة من بعدهم من التابعين، فهذا الربيع ابن خثيم (61هـ) رحمه الله يقول: (إن من الحديث حديثاً له ضوء كضوء النهار، نعرفه به، وإن من الحديث حديثاً له ظلمة كظلمة الليل نعرفه بها) انظر معرفة علوم الحديث (ص/62).

ولما نقل لعروة بن الزبير (ت94) رحمه الله حديث (الصخرة عرش الله الأدنى) أنكر ذلك وقال: سبحان الله يقول الله: (وسع كرسيه السماوات والأرض) وتكون الصخرة عرشه الأدنى انظر المنار المنيف (ص/86)، مما يعلم بذلك استخدامهم لنقد المتن عند الحكم على الحديث.

كما أن هذه الطريقة وجدت فيمن جاء بعدهم، فهذا الإمام أحمد رحمه الله يأمر بالضرب على حديث أبي هريرة (أهلك أمتي هذا الحي من قريش) قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: (لو أن الناس اعتزلوهم)، لأنه خلاف الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني قوله (اسمعوا وأطيعوا). واستدل الحافظ أبو موسى المديني بهذه القصة على أن الإمام أحمد لم يورد في المسند إلا ما صح عنده واحتاط فيه إسناداً ومتناً. انظر مقدمة المسند لأحمد شاكر (1/24).

وهذا الإمام البخاري يعرض عن إخراج رواية (أفلح وأبيه إن صدق) مع إخراجه لأصل الحديث، لعلمه بمعارضتها الأدلة الكثيرة من تحريم الحلف بغير الله.

وقد استخدم بعض المحدثين هذه الطريقة في نقد الأخبار دون النظر إلى أسانيدها، كالخطيب البغدادي فأنه أبطل الكتاب الذي ادعى فيه اليهود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسقط الجزية عن يهود خيبر، لأن فيه شهادة بعض الصحابة ممن لم يحضر خيبراً، أو مات قبلها، انظر سير أعلام النبلاء (18/280).

حتى إنه بهذه الطريقة لم يسلم بعض ألفاظ الصحيحين من نقد المحدثين، ومن ذلك حديث الإسراء في بعض ألفاظه (ليلة أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة، أنه جاءه نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام..) وهذا يخالف المعروف عند المسلمين جميعاً أن الإسراء كان بعد البعثة، لذلك غلط المحدثون الراوي في هذا اللفظ، ولا يعني ذلك ضعف الحديث كله أو أن في الصحيحين أحاديث ضعيفه، ولكن في الجملة لا يسلم من النقد لفظة أو لفظتين من مجموع الأحاديث، كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية.

وممن اهتم بهذه الطريقة وبينها بياناً شافياً، بل ووضع قواعد لمعرفة الوضع والوهم والغلط في متون الأحاديث الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه العظيم (المنار المنيف).

ومن المعلوم الذي يجب القول به أن منهج نقد المتون كان استخدامه من قبل المحدثين قليلا بالنسبة لاستخدامهم لنقد الأسانيد والحكم على الرجال.

ويمكن أن يقال أن ذلك لعدة أسباب:

1- إن اعتناء المحدثين بالإسناد ليس لذاته وانما لمصلحة المتن، فمتى كان رواة الحديث من الثقات الاثبات كان الاطمئنان إلى صحة ما نقلوه أكثر. 2- أن نقد السند طريقة مختصرة للحكم على الحديث لان الراوي المتكلم فيه يتوقع منه الغلط والوهم بل وحتى الكذب.

3- أن نقد المتن قد تختلف فيه وجهات النظر لاسيما وهو مسلك وعر، ومنعطف زلق يحتاج عند استعماله إلى علم واسع وتيقظ تام، بخلاف الكلام في الرجال ونقد الأسانيد، وان كان في بعض حالات الأسانيد من ذلك الأمر كالعلل الخفية.

ومن الأمثلة على اختلاف الآراء ما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما لما سمع أبا هريرة يحدث بحديث: (الوضوء مما مست النار)، أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من الحميم؟ فقال أبو هريرة: (يا ابن أختي إذا سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تضرب له مثلاً) سنن الترمذي (1/114).

وهنا مسألة وهي ما هو الفرق بين نقد المتون عند المحدثين وبين نقده عند المستشرقين؟

خرج في هذا العصر ما يسمى بالمستشرقين وهم الذين يدرسون علوم الشرق (العرب والمسلمين)، فقرءوا القرآن وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وأرادوا أن يشككوا فيه وفي نقلته طعناً منهم وصداً عن سبيل الله، فجعلوا يوردون الشبه في الأحاديث، ويخالفونها بعقولهم، زعما منهم أن ذلك نقدا وتمحيصا للأحاديث ومن هؤلاء المستشرق جولد سيهر ومن تبعه ممن ينتسبون للإسلام كأحمد أمين وأبي ربة والغزالي والترابي وغيرهم.

والفرق بين ما يوردون وينقدون وبين ما يورده الأئمة من النقد، أن نقد المستشرقين هو شبه وظنون تحتاج إلى إجابة وإزالة إشكال، وقد تكون معروفة عند المسلمين مسلما بها عندهم كالإيمان بالمعجزات والآيات على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أن الصحابة قد اعتنوا بالقرآن ودونوه، ولكن كما قيل:

ومن يك ذا فم مر مريض يجد مراً به الماء الزلالا

أما نقد المتون عند الأئمة فهي واضحة جلية إذا عرضت على باقي النصوص والأدلة. ومما يجدر التنبيه عليه أن نقد المتن يجب أن يرجع فيه إلى الإسناد، بمعنى أن كل علة ونكارة في المتن يجب أن يكون لها أصلاً في الإسناد، لأن ناقل المتن وراويه إنما هو من سلسلة الإسناد، ويعرف ذلك بجمع طرق الحديث وبيان القول في الرواة لمعرفة من الذي يمكن أن يأتي منه الوهم، حتى أن بعض المحدثين يلجئون في هذه الحالة إلى التعليل بما ليس بعلة كالعنعنة واحتمال الخطأ والظن أن الحديث أدخل على الشيخ بلا دليل واضح على ذلك.

(حجتهم في هذا أن عدم القدح بتلك العلة مطلقاً إنما بني على أن دخول الخلل من جهتها نادر، فإذا اتفق أن يكون المتن منكراً يغلب على ظن الناقد بطلانه فقد يحقق وجود الخلل وإذ لم يوجد سبب له إلا تلك العلة والظاهر أنها هي السبب، وأن هذا من ذلك النادر الذي يجئ الخلل فيه من جهتها). انظر مقدمة تحقيق الفوائد المجموعة للمعلمي (ص/11).

وبعد هذا الاستعراض السريع لهذه المسألة المهمة، فإنه يجدر بطالب العلم عند تخريج الحديث والحكم عليه مع الاعتناء بالسند الاعتناء بالمتن، والاهتمام بالنظر في ألفاظه مع محاولته إيجاد حكم على الحديث من الأئمة السابقين في نقده، لأنهم أعمق في هذا العلم، وأثقب نظراً وبخاصة المتقدمين منهم كالبخاري وأحمد وأبي ذرعة والدارقطني وغيرهم لأنهم أولو هذا المنهج وهذه الطريقة عناية تامة واهتماماً بالغاً، بخلاف غيرهم من المتأخرين كمن هم في عصرنا،فتجده يخرج الحديث تخريجا موسعا ويتكلم على رواته ثم يصدر حكمه فيه دون النظر إلى متنه حتى أن بعضهم نقل عد الحكم على الحديث الاكتفاء بالنظر إلى السند فقط دون النظر إلى المتن، ومن ثم وجدت أحاديث كثيرة حكم عليها المتأخرون بحكم خالفوا فيه المتقدمين.

===========

عوامل تثبت الصحابة في الكتاب والسنة

الآن وقد فرغنا من عوامل حفظ الصحابة للكتاب والسنة نعرج على عوامل تثبتهم رضوان الله عليهم فيهما فنذكر أن الناظر في تاريخ الصحابة يروعه ما يعرفه عنهم في تثبتهم أكثر مما يروعه عنهم في حفظهم لأن التثبت فضيلة ترجع إلى الأمانة الكاملة والعقل الناضج من ناحية ثم هو في الصحابة بلغ القمة من ناحية أخرى إذ كان تثبتا بالغا وحذرا دقيقا وحيطة نادرة وتحريا عميقا لكتاب الله تعالى وهدى رسوله في كل ما يتصل بهما عن قرب أو بعد ولهذا التثبت النادر في دقته واستقصائه بواعث ودواع أو أسباب وعوامل يجمل بنا أن نقدمها إليك كأسلحة ماضية تنافح بها عن الكتاب والسنة وعن الصحابة في أدائهم للكتاب والسنة العامل الأول أن الله تعالى أمر في محكم كتابه بالتثبت والتحري وحذر من الطيش والتسرع في الأنباء والأخبار بله القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف فقال سبحانه يأيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهلة فتصبحوا على ما فعلتم ندمين 49 الحجرات 6 وكذلك نهى الله عن اتباع ما لا دليل عليه إلا أن تسمع الأذن أو ترى العين أو يعتقد القلب عن برهان فقال عز من قائل ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا 17 الإسراء 36 وقد عاب القرآن على من يأخذون بالظن فيما لا يكفي فيه الظن فقال الله جل شأنه

(1/219)

إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا 53 النجم 28 إلى غير ذلك من أدلة كثيرة في الكتاب والسنة تأمر بالنظر وكان الصحابة هم المخاطبين بهذه التعاليم والمشافهين بها فلا ريب أن تكون تلك الآداب الإسلامية من أهم العوامل في تثبتهم وحذرهم خصوصا فيما يتصل بكتاب ربهم وسنة نبيهم وبعيد كل البعد بل محال كل الاستحالة أن يكونوا قد أهملوا هذا النصح السامي وهم خير طبقة أخرجت للناس العامل الثاني ما سمعوه من الترهيب الشديد ومن التهديد والوعيد لمن يكذب على الله أو يفتري على رسوله ومصطفاه قال الله سبحانه ومن أظلم ممن أفترى على الله كذبا أو قال أوحى إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله 6 الأنعام 93 فانظر كيف سلك الله من افترى الكذب عليه في سلك من قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ثم انظر كيف قدمه عليهما في الذكر وصدره في الوعيد ونعته أول من نعت بالإغراق في الظلم وقال سبحانه ومن أظلم ممن أفترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلم 61 الصف 7 وقال سبحانه ويوم القيمة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين 39 الزمر 60 ونقرأ في السنة النبوية أنه قال من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وهو حديث مشهور بل متواتر ورد أنه قد رواه اثنان وستون صحابيا منهم العشرة المبشرون بالجنة ولا يعرف حديث اجتمع عليه العشرة المبشرون بالجنة إلا هذا ولا حديث يروى عن أكثر من ستين صحابيا إلا هذا ولقد سمع الصحابة هذه الترهيبات وأمثالها وما أمثالها في القرآن والسنة بقليل بل لقد سمع الأصحاب نهي رسول الله عما دون الكذب وما كان أقل من التزيد إذ حذرهم رواية الضعفاء والمدخولين فقال سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم رواه مسلم بل حذرهم رواية المجهولين فقال إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم الكذب فيتفرقون فيقول الرجل منهم سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أعرف اسمه يحدث كذا وكذا رواه مسلم فهل يستبيح عاقل منصف لنفسه أن يقول إن الصحابة الذين سمعوا هذه النصائح وتلك الزواجر عن التزيد والافتراء يقدمون على كذب في القرآن والسنة أو يقصرون في التثبت والتحري والاحتياط في نقل الذكر الحكيم والهدي النبوي الكريم

(1/220)

العامل الثالث أن الإسلام أمرهم بالصدق ونهاهم عن الكذب إطلاقا فقال سبحانه يأيها الذين أمنوا أتقوا الله وكونوا مع الصدقين 9 التوبة 119 وأنت خبير بأن هذا الخطاب بهذه الصيغة في هذا المقام مع تقديم الأمر بالتقوى فيه إشارة إلى أن الصدق المأمور به من مقتضيات الإيمان ومن دعائم التقوى ويفهم من هذا أن من كذب وافترى فسبيله سبيل من كفر وطغى كما صرح سبحانه بذلك في قوله إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بأيت الله وأولئك هم الكذبون 16 النحل 105 ويقول النبي عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار رواه ابن ماجه وعن صفوان بن سليم رضي الله عنه قال قلنا يا رسول الله أيكون المؤمن جبانا قال نعم قلنا أفيكون بخيلا قال نعم قلنا أفيكون كذابا قال لا أخرجه مالك فانظر إلى الحديث الأول كيف جعل الصدق هاديا إلى البر وإلى الجنة وجعل الكذب هاديا إلى الفجور وإلى النار ثم انظر إلى الحديث الثاني كيف اعتبر الكذب أفحش من الجبن والبخل وأخرجه في هذه الصورة الشنيعة التي لا تجتمع هي والإيمان في نفس واحدة أبدا وستقضي العجب حين تعلم أن الرسول بالغ في تقبيح الكذب حتى في توافه الأشياء ومحقرات الأمور استمع إليه وهو ينهى عن الكذب في المزاح بهذه الطريقة الرادعة فيقول ويل للذي يحدث ليضحك منه القوم فيكذب ويل له ويل له رواه أبو داود والترمذي ثم استمع إليه وهو يتوعد من يكذب في منامه ويقول من كذب في حلم كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد بينهما أبدا قل لي بربك هل تلك الطبقة الأولى الممتازة التي سمعت ذلك وأضعاف ذلك بآذانها من فم رسولها والتي اعتنقت الإيمان بعد البحث والنظر واعتقدته طريقا إلى سعادتها وعزها والتي باعت أنفسها وأموالها لله بأن لها الجنة في نعيمها وخلودها نقول هل تلك الطبقة الكريمة ترضى بعد ذلك كله أن تركب رأسها وتنكص على أعقابها فتكذب على الله ورسوله أو لا تتحرى الصدق في كتاب الله وسنة رسوله ذلك شطط بعيد لا يجوز إلا على عقول المغفلين العامل الرابع أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا مغرمين بالتفقه والتعلم مولعين بالبحث

(1/221)

والتنقيب مشغوفين بكلام الله وكلام رسول الله يعقدون المجالس لمدارسة القرآن وفهمه ويركبون ظهور المطايا لطلب العلم وأخذه وكانت عناية الرسول بتعليمهم القرآن تفوق كل عناية يقرؤه عليهم ويخطبهم به ويزين إمامته لهم بقراءته في صلاته وفي دروسه وعظاته وكان فوق ذلك يحب أن يسمعه منهم كما يحب أن يقرأه عليهم روى البخاري ومسلم أن ابن مسعود قال قال لي رسول الله اقرأ علي القرآن قلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا 4 النساء 41 قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان وكذلك كان الصحابة همتهم أن يقرؤوا القرآن ويستمعوه روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالليل حين يدخلون وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار وروى الدارمي وغيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقول لأبي موسى الأشعري ذكرنا ربنا فيقرأ عنده القرآن قال النووي وقد مات جماعات من الصالحين بسبب قراءة من سألوه القراءة وقد سبق في عوامل حفظ الصحابة للسنة مدى عنايتهم بالإقبال عليها والاهتمام بلقاء رسول الله للتعلم منه والأخذ عنه وروى مكحول عن عبد الرحمن بن غنم أنه قال حدثني عشرة من أصحاب رسول الله قالوا كنا ندرس العلم في مسجد قباء إذ خرج علينا رسول الله فقال تعلموا ما شتئم أن تعلموا فلن يأجركم الله حتى تعملوا رواه الدارمي موقوما على معاذ بسند صحيح وكلمة العلم في هذا الحديث شاملة لعلم الكتاب وعلم السنة أليس هذا الولوع بالكتاب والسنة من دواعي تثبتهم فيهما كما هو من دواعي حفظهم لهما لأن اشتهار الشيء وذيوعه ولين الألسنة به يجعله من الوضوح والظهور بحيث لا يشوبه لبس ولا يخالطه زيف ولا يقبل فيه دخيل العامل الخامس يسر الوسائل لدى الصحابة إلى أن يتثبتوا وسهولة الوصول عليهم إلى أن يقفوا على جلية الأمر فيما استغلق عليهم معرفته من الكتاب والسنة وذلك لمعاصرتهم رسول الله يتصلون به في حياته فيشفي صدورهم من الريبة والشك ويريح قلوبهم بما يشع عليهم من أنوار العلم وحقائق اليقين

(1/222)

أما بعد غروب شمس النبوة وانتقاله إلى جوار ربه فقد كان من السهل عليهم أيضا أن يتصلوا بمن سمعوا بآذانهم من رسول الله والسامعون يومئذ عدد كثير وجم غفير يساكنونهم في بلدهم ويجالسونهم في نواديهم فإن شك أحدهم في آية من كتاب الله أو خبر عن رسول الله أمكنه التثبت من عشرات سواه دون عنت ولا عسر العامل السادس شجاعة الأصحاب شجاعة فطرية وصراحتهم صراحة طبيعية نشؤوا عليهما منذ حداثتهم وطبعوا عليهما بفطرتهم وبيئتهم كأمة متبدية لا تعرف ختل الحضارة الملوثة ولا تألف نفاق المدنية المذبذبة ثم جاء الإسلام فعزز فيهم هذا الخلق الفاضل وزادهم منه وبنى حضارته الصحيحة ومدنيته الطاهرة عليه بمثل ما سمعت في أصدق الحديث وخير الهدى حتى لقد كان الرجل منهم يقف في وسط الجمهور يرد على أمير المؤمنين وهو يلقي خطاب عرشه ردا قويا صريحا خشنا بل كانت المرأة تقف في بهرة المسجد الجامع فتقاطع خليفة المسلمين وهو يخطب وتعارض رأيه برأيها وتقرع حجته بحجتها فيما تعتقد أنه أخطأ فيه شاكلة الصواب وأمير المؤمنين في الحالين يغتبط بهاتيك الصراحة ويسر بتلك الشجاعة ويعلن اغتباطه بموقف ذلك العربي الخشن الذي رد عليه كما يعلن رجوعه عن رأيه إلى رأي هذه السيدة التي حاجته بين يديه وما أمر عمر ببعيد عنكم ولا مجهول لكم لا عند ولايته الخلافة وهو قائم يلقي خطاب عرشه ولا عند ما وقف على منبره ينهى عن التغالي في مهور النساء فهل يرضى العقل والمنطق أن تجرح هذه الأمة الصريحة القوية وتتهم بالكذب أو بالسكوت على الكذب في كلام الله وفي سنة رسول الله ثم ألا يحملهم هذا الخلق المشرق فيهم على كمال التثبت ودقة التحري في كتاب الله وسنة رسول الله لقد أسفر الصبح لذي عينين العامل السابع تكافل الصحابة تكافلا اجتماعيا فرضه الإسلام عليهم فجعل عيونهم مفتحة لكل من يكذب على الله أو يفتري على رسول الله أو يخوض في الشريعة بغير علم أو يفتي في الدين بغير حجة أجل لقد كان كل واحد منهم يعتقد أنه عضو في جسم الأمة عليه أن يتعاون هو والمجموع في المحافظة على الملة ويعتقد أنه لبنة في بناء الجماعة عليه أن يعمل على

(1/223)

سلامتها من الدغل والزغل والافتراء والكذب خصوصا في أصل التشريع الأول وهو القرآن وأصله الثاني وهو سنة الرسول عليه الصلاة و السلام وبين يديك الكتاب والسنة فاقرأ فيهما إن شئت أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجدها كثيرة متآخذة تقرر ذاك التكافل الاجتماعي الإسلامي بين آحاد الأمة بما لا يدع مجالا لمفتر على الله ولا يترك حيلة لحاطب ليل في حديث رسول الله استمع إلى كلام الحق وهو يحض على دعوة الخير وفضيلة النصح إذ يقول سبحانه وتعالى في سورة آل عمران ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينت وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه 3 آل عمران 104 – 106 إلى أن قال جل ذكره كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله 3 آل عمران 110 وهكذا قدم الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان به تنويها بجلالتهما وحثا على التمسك بحبلهما وإشارة إلى أن الإيمان بالله لا يصان ولا يكون إلا بهما وتدبر قول الله تعالى في سورة المائدة لعن الذين كفروا من بني إسرءيل على لسان داود وعيسى أبن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون 5 المائدة 78 79 ثم تأمل حكم الله على بني الإنسان جميعا بأنهم غريقون في الخسران إلا من جمع عناصر السعادة الأربعة وهي الإيمان والعمل الصالح والتوصية بالحق والتوصية بالصبر في قوله سبحانه والعصر إن الإنسن لفي خسر إلا الذين أمنوا وعملوا الصلحت وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر 103 العصر 1 – 3 سمع أصحاب رسول الله ذلك وشوفهوا بخطابه من فم رسول الله عن جبريل عن الله ثم سمعوا بعد ذلك من كلام رسول الله أمثال ما يأتي 1 – يقول والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يبعث الله عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم رواه الترمذي بسند حسن عن حذيفة رضي الله عنه 2 – وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى ألا ننازع الأمر

(1/224)

أهله إلا أن تروا كفرا بواحا أي ظاهرا عندكم من الله تعالى فيه برهان وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم رواه الشيخان فهل بعد هذا كله يعقل أن يعبث الصحابة أو يقروا من يعبث بكتاب الله تعالى وسنة رسوله العامل الثامن تعويدهم الصدق وترويضهم عليه عملا كما أرشدوا إليه وأدبوا به فيما سمعت علما وأنت خبير بأن التربية غير التعليم وأن العلم غير العمل وأن نجاح الفرد والأمة مرهون بمقدار ما ينهلان من رحيق التربية وما يقطفان من ثمرات الرياضة النفسية والقوانين الخلقية أما العلم وحده فقد يكون سلاح شقاء ونذير فناء كما نرى ونسمع ويا لهول ما نرى وما نسمع ولقد أدرك الإسلام هذه الناحية الجليلة في بناء الأمم فأعارها كل اهتمام وعني بالتنفيذ والعمل أكثر مما عني بالعلم والكلام ولعلك لم تنس أنه قال لمن يدرسون العلم في مسجد قباء تلك النصيحة الذهبية الحكيمة تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن يأجركم الله حتى تعملوا ولعلك لم تنس أيضا أن الإسلام شرع عقوبة من أشنع العقوبات لمن أقترف نوعا من الكذب وهو نوع الخوض في الأعراض تلك العقوبة هي حد القذف الذي يقول الحق جل شأنه فيه من سورة النور والذين يرمون المحصنت ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهدة أبدا وأولئك هم الفاسقون 24 النور 4 فتأمل كيف عاقب هذا القاذف الكاذب بالجلد ثمانين ورد شهادته وحكم بأنه من الفاسقين بل قال وأولئك هم الفاسقون أي لا فاسق سواهم ولا خارج عن حدود الدين والأدب إلا هم ثم شنف مسمعيك بما يرويه أبو داود في سننه من أن عبد الله بن عامر قال جاء رسول الله إلى بيتنا وأنا صبي صغير فذهبت لألعب فقالت أمي تعال حتى أعطيك فقال وما أردت أن تعطيه قالت تمرا فقال أما إنك لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبة تصور في هذه التربية السامية كيف لم يسمح الرسول لأم أن تعد طفلها الصغير وعدا غير صادق بل يسائلها ما الذي كانت تعطيه لو جاء ثم يقرر أنها لو خاست

(1/225)

بعهدها هذا لكتبها الله عليها كذبة وهكذا يكتفي بذكر كلمة كذبة في هذا المقام ردعا لها وزجرا ومنه تعلم أن لفظ الكذب كان سوط عذاب يخيف الصحابة رجالا ونساء وذلك لما يسمعون عنه من شناعة ولما يعرفون فيه من بشاعة ولما تأصل في نفوسهم من فضيلة الصدق وشرف الحق أفبعد هذه التربية العالية يصح أن يقال إن الصحابة يكذبون على الله ورسوله ولا يتثبتون ألا إن هؤلاء من إفكهم ليهرفون بما لا يعرفون ويسرفون في تجريح الفضلاء واتهام الأبرياء ولا يستحون فويل لهم من يومهم الذي يوعدون العامل التاسع القدوة الصالحة والأسوة الحسنة التي كانوا يجدونها في رسول الله ماثلة كاملة جذابة أخاذة ولا يعزبن عن بالك أن القدوة الصالحة خير عامل من عوامل التعليم والتربية والتأديب والتهذيب خصوصا بين نبي ومتبعيه وأستاذ ومتعلميه ورئيس ومرؤوسيه وراع ورعيته وها نحن أولاء نرى علماء النفس والاجتماع وأقطاب التربية والتعليم وبناة الأخلاق والأمم نراهم لا يزالون يتحدثون في القدوة الصالحة ويوصون بالقدوة الصالحة ويبحثون عن القدوة الصالحة وذلك لمكانتها من التأثير والإصلاح والتقويم والنجاح في الأفراد والأمم على سواء ولم يعرف التاريخ ولن يعرف قدوة أسمى ولا أسوة أعلى ولا إمامة أسنى من محمد في كافة مناحي الكمال البشري خصوصا خلقه الرضي وأدبه السني ولا سيما صدقه وأمانته وتحريه ودقته أجل فقد كان مشهورا بالصدق معروفا بالأمانة حتى من قبل بعثته ورسالته فكان إذا سار أشاروا إليه بالبنان وقالوا هذا هو الصادق وإذا حكم رضوا حكومته وقالوا هذا هو الأمين وكانت هذه الفضائل المشرقة فيه من بواعث إيمان المنصفين من أهل الجاهلية به ولقد اضطر أن يشهد له بها أعداؤه الألداء كما آمن بها أتباعه الأوفياء فهذا أبو سفيان بن حرب زعيم حزب المعارضة له يقر بين يدي قيصر الروم بصدق محمد وأنهم لم يحفظوا عليه كذبة واحدة قبل رسالته ويكاد يؤمن القيصر متأثرا في جملة ما تأثر بهذه الشهادة التي انطلق بها لسان ألد خصوم محمد يومئذ ثم يقول في التعليق على كلام أبي سفيان والتنويه بصدق محمد عليه الصلاة و السلام ما كان أي محمد ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله والحديث طويل مشهور يرويه البخاري في صحيحه فراجعه إن شئت

(1/226)

وهذا قائل قريش يقول للنبي في معرض من المعارض إنا لا نكذبك ولكن نكذب ما جئت به وبسبب ذلك أنزل الله تعالى قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظلمين بأيت الله يجحدون 6 الأنعام 33 ومما يذكر بالإعجاب والفخر لنبي الإسلام أنه عرض الإسلام على بني عامر بن صعصعة وذلك قبل الهجرة وقبل أن تقوم للدين شوكة فقال كبيرهم أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك فأجابه بتلك الكلمة الحكيمة الخالدة الأمر لله يضعه حيث يشاء فقال له كبيرهم أفتهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك وهنا تتجلى سياسة الإسلام وأنها سياسة صريحة مكشوفة ورشيدة شريفة لا تعرف اللف والدوران ولا تعتمد الكذب والتضليل كما تتجلى صراحة نبي الإسلام وصدق نبي الإسلام وشرف نبي الإسلام عليه الصلاة و السلام نعم لقد كان محمد في ضيق أي ضيق يحتاج إلى أقل معاونة من عدو أو صديق وهذا حي من العرب يستطيع أن يكتسبه ويتقوى به ولكنه عليه الصلاة و السلام لا يستطيع أن يعد فيخلف ولا أن يحدث فيكذب ولا أن يعاهد فيغدر يسألونه أن يكونوا الخلفاء من بعده إذا أسلموا فيقول بملء فيه الأمر لله يضعه حيث يشاء ولو أنه قال إن شاء الله مثلا لدانوا له أجمعين وأصبحوا من حزبه وجنده المسلمين مرحى مرحى لسياسة الإسلام وأخلاق نبي الإسلام وإذا كانت هذه الأخلاق العليا هي منار القدوة للصحابة في رسول الله فكيف لا يقتبسون من هذه الأنوار ولا يضربون في حياتهم على هذه الأوتار فضلا عن أن يقال عنهم إنهم يكذبون أو لا يتحرون في كتاب الله وسنة رسول الله سبحنك هذا بهتن عظيم 24 النور 16

(1/227)

العامل العاشر سمو تربية الصحابة على فضائل الإسلام كلها وكمال تأدبهم بآداب هذا الدين الحنيف وشده خوفهم من الله وصفاء نفوسهم إلى حد لا يتفق والكذب خصوصا الكذب على الله تعالى والتجني على أفضل الخليقة صلوات الله وسلامه عليه يقول علماء الأخلاق والمشتغلون بعلم النفس وعلوم الاجتماع إن الكذب جناية قبيحة لا يمكن أن يصدر إلا عن نفس ساقطة لم تتأدب ولا يتصور أن يفشوا إلا في شعب شاذ لم يتهذب ونحن إذا استعرضنا تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم نشاهد العجب في عظمة تأديب الإسلام لهم وتربيته إياهم تربية سامية جعلتهم أشباه الملائكة يمشون على الأرض لا سيما ناحية الصدق والأمانة والتثبت والتحري والاحتياط وذلك من كثرة ما قرر القرآن فيهم لهذه الفضائل ومن عناية الرسول بهم علما وعملا ومراقبة حتى أصبحوا بنعمة من الله وفضل منطبعة قلوبهم على هذه الجلائل متشبعة نفوسهم بمبادىء الشرف والنبل تأبى عليهم كرامتهم أن يقاربوا الكذب أو يقارفوا التهجم لا سيما التهجم على مقام الكتاب العزيز وكلام صاحب الرسالة قالت عائشة رضي الله عنها ما كان خلق أشد على أصحاب رسول الله من الكذب ولقد كان رسول الله يطلع على الرجل من أصحابه على الكذب فما ينجلي من صدره حتى يعلم أنه أحدث توبة لله عز و جل رواه مسلم في مقدمة صحيحه عوامل أخرى إذا استعرضت بعض العوامل السابقة في حفظ الصحابة للكتاب والسنة تجد منها عوامل صالحة أيضا لأن تكون دواعي تثبتهم في الكتاب والسنة ولهذا اكتفي بالاشارة إليها دون إعادتها 1 – فذكاء العرب وقوة حوافظهم وصفاء طبعهم إلى آخر ما ذكرنا في العامل الثاني هناك لا شك أنه داعية من دواعي تثبتهم أيضا لأن الشأن فيمن نشأ على هذه الصفات أن يكون واثقا مما حفظ فلا يحتاج إلى تزيد ولا يقع في تهجم 2 – وحب الصحابة لله ولرسوله عامل كذلك من عوامل التثبت لأن المحب الصادق لا يقنع إلا بما يثق أنه كلام حبيبه من غير لبس ولا شك ولا يرضى أن يفتري الكذب على حبيبه ولا يقبل أن يتقول عليه أو يتهجم في كلامه خصوصا إذا عرف أنه يكره ذلك منه انظر العامل الرابع من عوامل الحفظ

(1/228)

3 – وموقف الصحابة في محراب الفصاحة والبيان وعلو كعبهم في نقد الكلام وكمال ذوقهم في إدراك إعجاز القرآن وبلاغة النبي عليه الصلاة و السلام كل أولئك ييسر عليهم التثبت ويهون عليهم أن يردوا ما ليس من كلام الله وكلام رسوله ضرورة أنهم يدركون الفوارق بين الأساليب الفاضلة والمفضولة ويزنون كلامهم بموازينهم البلاغية الصادقة انظر العامل الخامس من عوامل الحفظ 4 – وعلم الصحابة بمنزلة الكتاب والسنة من الدين يجعلهم بلا شك يهتمون بالتثبت منهما والحيطة لهما انظر العامل السابع من عوامل الحفظ 5 – واقتران الكتاب بالإعجاز واقتران السنة ببعض المعجزات والغرائب ثم ارتباط كثير من آيات القرآن وأحاديث الرسول بالحوادث والوقائع كل أولئك مما يجعل النفوس تتوثق منهما ولا تشتبه فيهما ولا تقبل التزيد والكذب عليهما انظر العامل الثامن والتاسع من عوامل الحفظ إذا جمعت هذه العوامل وأمثالها إلى العشرة المسطورة بين يديك رأيت بضعة عشر عاملا من الدواعي المتوافرة والأدلة القائمة على أمانة الصحابة وتثبتهم من الكتاب والسنة مظاهر هذا التثبت وهكذا نتصفح تاريخ الصحابة ونقتفي آثارهم فإذا هي شواهد حق على تغلغل فضيلة الصدق فيهم وشدة نفورهم ونقاء ساحتهم من الكذب وما يشبه الكذب هذا عمر رضي الله عنه يقول أحبكم إلينا ما لم نركم أحسنكم اسما فإذا رأيناكم فأحبكم إلينا أحسنكم خلقا فإذا اختبرناكم فأحبكم إلينا أصدقكم حديثا وهذا علي كرم الله وجهه يقول أعظم الخطايا عند الله عز و جل اللسان الكذوب ويقول مرة أخرى إذا حدثتكم عن رسول الله فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه وإن شئتم فاعجبوا من سعيد بن المسيب وهو أحد من رباهم الصحابة رمدت عيناه مرة حتى بلغ الرمد خارجهما والرمد وسخ أبيض من مجرى الدمع من العين فقيل له لو مسحت عينيك فقال وأين قول الطبيب لا تمس عينيك فأقول لا أفعل وتدبروا ما رواه مسلم بسنده عن مجاهد قال جاء بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول قال رسول الله فجعل ابن عباس لا يأذن له ولا ينظر إليه فقال يا بن عباس ما لي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله ولا تسمع فقال ابن عباس إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول قال رسول الله ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف

(1/229)

ومن هذا الورع البالغ والحذر الدقيق تحرج كثير من أكابر الصحابة عن الرواية والتحديث فلم يسمع منهم إلا النزر اليسير مع أن لديهم من رسول الله الغمر الكثير يحدث ابن الزبير رضي الله عنه فيقول قلت لأبي ما لي لا أسمعك تحدث عن رسول الله كما يحدث فلان وفلان فقال أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ولكني سمعته يقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار رواه البخاري وأبو داود وإذا كان هذا مظهرا من مظاهر حذرهم واحتياطهم للسنة النبوية فماذا تقدر من مظاهر حذرهم واحتياطهم لكتاب الله العزيز إني أعتقد أنك إذا رجعت إلى أدلة نزول القرآن على سبعة أحرف تشاهد العجب العاجب من روائع هذه المظاهر فهذا عمر يأخذ بخناق هشام بن حكيم ويسوقه إلى النبي وما نقم عليه إلا أنه قرأ سورة الفرقان على وجه لم يقرأه عمر ولم يكن يعرف عمر أنه هكذا نزل ولم يرسل عمر هشاما حتى انتهى به إلى رسول الله وأمره الرسول أن يرسله ثم استقرأهما عليه الصلاة و السلام وقال في قراءة كليهما هكذا أنزلت وقال إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه هذا ملخص ما كان بين عمر وهشام ومثل ذلك وقع من أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود وغيرهما مع أصحابهم مما تعرضه عليك الروايات المبسوطة هناك في هذا الموضوع أضف إلى هذا تلك الدقة البالغة التي أجملناها لك في دستور أبي بكر ودستور عثمان رضي الله عنهما في جمع القرآن بالصحف والمصاحف وهي على مقربة منك فارجع إليها إن شئت ويشبه هذين الدستورين في جمع القرآن دستور أبي بكر في حماية السنة والحيطة لها والتثبت منها إذ جمع أصحاب رسول الله وشاورهم في الأمر ثم انتهوا إلى اتباع ما يأتي أن ينظروا في خبر الواحد نظرة فاحصة يعرضونه على كتاب الله تعالى وما تواتر أو اشتهر من حديث رسول الله فإن خالف شيئا منها زيفوه وردوه وإن لم يخالف نظروا نظرة ثانية فيمن جاء به فلا يقبلون إلا ممن عرف بالعدالة والضبط والصدق والتحري وإلا طالبوه بالتزكية من طريق آخر يشهد معه ويروي ما رواه وبرغم هذا وذاك فقد التزموا التقليل من الرواية لأن الإكثار مظنة الخطأ ومثار الاشتباه نعم حداهم ورعهم وشدة خوفهم من الله أن يحصنوا حديث رسول الله بهذا الدستور الدقيق الرشيد القائم على رعاية هذه القواعد الثلاث النظر في الخبر والنظر في المخبر والإقلال من الرواية

(1/230)

ويرحم الله ابن الخطاب فقد أخذ بالأسس التي وضعها أبو بكر لحياطة الكتاب والسنة ثم بنى عليها وشمخ بها وزاد فيها حتى تشدد مع الأمناء الموثقين وضيق الخناق على الصحابة المكثرين حتى روي أنه حبس ثلاثة من مشاهير الصحابة سنة كاملة وما نقم منهم إلا أنهم أكثروا الرواية وإذا صح هذا فهو درس قاس من الفاروق لعامة الشعب في الاحتياط لأصول التشريع والتبصر والتدقيق في الرواية تحملا وأداء على حد قول الشاعر إني وقتلى سليكا ثم أعقله … كالثور يضرب لما عافت البقر ثم جاء دور عثمان وعلي فحذوا حذو أبي بكر وعمر إذ أوى الكتاب في كنفهما إلى ركن ركين وظل ظليل وبقيت السنة في عهدهما رفيعة العماد قوية السناد حتى تلقاها بنو أمية على ما تركها الخلفاء بيضاء مشرقة ليلها كنهارها ولبثت السنة في العهد الأموي معتصمة بعزتها ومنعتها حتى طلع نجم الملك العادل عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الثانية فردد صدى جده عمر بن الخطاب في ضرورة صون السنة ووعيها ولكن رأى أن يكون ذلك عن طريق الكتابة والنقش في السطور بعد أن وعيت في العهد الماضي عن طريق الحفظ في القلوب والصدور وبذلك انتقل الحديث النبوي إلى دور جديد سعيد هو دور التأليف والكتابة والتقييد مما كان له أبلغ الأثر في وصوله إلينا موزونا بأدق موازين العلم والبحث الدقيق نتيجة ذلك ولقد كان من نتيجة ذلك كله أن أحيط الكتاب والسنة بسياج من الفولاذ والحديد وأن حفظ الدين من العبث بأصول التشريع وأن أخذ خلف الأمة درسا قيما عن سلفهم الصالح في ضرورة الاستبراء للدين واليقظة في حراسة الكتاب والسنة ووجوب نقد الرواة وفحص المرويات وبهذا أيضا أخذ الطريق على الدس والدساسين وحيكت الشباك للدجالين والوضاعين وأصبح الدين الإسلامي منيع الحوزة محفوظ الذمار إلى درجة تفاخر بها شعوب العالم وأمم الأرض وأديان الدنيا مما لا يكاد يوجد مثله ولا قريب منه في تاريخ أية شريعة من الشرائع السماوية والوضعية منذ خلق الله السموات والأرض إلى يوم الناس هذا الموقف خطير ولا تحسبن أيها القارىء الكريم أني بالغت أو أسرفت وإن كنت قد أطلت وأكثرت فإن هذا البحث جليل وخطير يتصل في جلالته وخطورته بتلك الطائفة الممتازة التي اختارها

(1/231)

الله لتلقي كتابه ومعاصرة رسوله وحسن النيابة عنه في نشر هداية الإسلام والدفاع عن حمى الدين الحنيف أولئك هم حجر الزاوية في بناء هذه الأمة المسلمة عنهم قبل غيرهم تلقت الأمة كتاب الله وحذقت سنة رسول الله وعرفت تعاليم الإسلام فالغض من شأنهم والتحقير لهم بل النظر إليهم بالعين المجردة من الاعتبار لا يتفق والمركز السامي الذي تبوؤوه ولا يوائم المهمة الكبرى التي انتدبوا لها ونهضوا بها كما أن الطعن فيهم والتجريح لهم يزلزل بناء الإسلام ويقوض دعائم الشريعة ويشكك في صحة القرآن ويضيع الثقة بسنة سيد الأنام ومن أشد ما يجرح به الصحابة اتهامهم بسوء الحفظ وعدم الضبط ولمزهم بالكذب والافتراء على الله ورسوله ونبزهم بعدم التثبت والتحري في نقلهم كتاب الله وسنة رسوله إلى الأمة لذلك عني علماء الإسلام قديما وحديثا بالدفاع عن عرين الصحابة لأنه كما رأيت دفاع عن عرين الإسلام ولم يكن ذلك الدفاع نزوة هوى ولا نبوة عصبية بل كان نتيجة لدراسات تحليلية وأبحاث تاريخية وتحقيقات بارعة واسعة أحصتهم عددا ونقدتهم فردا فردا وعرضتهم على أدق موازين الرجال مما تباهي به الأمة الإسلامية كافة الأمم والأجيال وبعد هذا التحقيق والتدقيق خرج الصحابة رضي الله عنهم من بوتقة هذا البحث وإذا هم خير أمة أخرجت للناس وأسمى طائفة عرفها التاريخ وأنبل أصحاب لنبي ظهر على وجه الأرض وأوعى وأضبط جماعة لما استحفظوا عليه من كتاب الله وهدي رسول الله وقد اضطر أهل السنة والجماعة أن يعلنوا رأيهم هذا كعقيدة وقرروا أن الصحابة عدول ولم يشذ عن هذا الرأي إلا المبتدعة والزنادقة قبحهم الله قال أبو زرعة الرازي إذا رأيت الرجل ينتقص أصحاب رسول الله فاعلم أنه زنديق وذلك لأن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى ذلك إلينا كله الصحابة وهؤلاء يعني الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة ا ه شهادة عليا من الله للصحابة وفوق ما تقدم نجد الحق سبحانه وتعالى يمتدح أصحاب محمد غير مرة ونرى الرسول يطري صحابته في غير موضع اقرأ إن شئت قوله جل جلاله

(1/232)

محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم 48 الفتح 29 إلى آخر سورة الفتح ثم اقرأ إن شئت قوله عز اسمه لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقتلوا وكلا وعد الله الحسنى 57 الحديد 10 وقوله جلت حكمته للفقراء المهجرين الذين أخرجوا من ديرهم وأمولهم 59 الحشر 8 إلى قوله ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة 95 الحشر 9 في سورة الحشر وتأمل قوله عز من قائل كنتم خير أمة أخرجت للناس 3 آل عمران 110 الخ وقوله وكذلك جعلنكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا 2 البقرة 143 ولا ريب أن الصحابة هم المشافهون بهذا الخطاب فهم داخلون في مضمونة بادىء ذي بدء متحققون بمزاياه أول الأمر شهادة الرسول لأصحابه وكذلك نقرأ في صحيح السنة ما يشهد بفضل الصحابة وكمال امتيازهم على الثقلين سوى النبيين والمرسلين روى الترمذي وابن حبان في صحيحه أن رسول الله قال الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله فيوشك أن يأخذه وروى البزار في مسنده برجال كلهم موثقون أن رسول الله قال إن الله اختار أصحابي على الثقلين سوى النبيين والمرسلين وجاء في صحيح البخاري ومسلم أنه قال في شأن أصحابه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه وتواتر عنه أنه قال خير القرون قرني ثم الذين يلونهم فأنت ترى من هذه الشهادات العالية في الكتاب والسنة ما يرفع مقام الصحابة إلى الذروة وما لا يترك لطاعن فيهم دليلا ولا شبه دليل حكمة الله في اختيار الصحابة والواقع أن العقل المجرد من الهوى والتعصب يحيل على الله في حكمته ورحمته أن يختار لحمل شريعته الختامية أمة مغموزة أو طائفة ملموزة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ومن هنا كان توثيق هذه الطبقة الكريمة طبقة الصحابة يعتبر دفاعا عن الكتاب والسنة وأصول الإسلام من ناحية ويعتبر إنصافا أدبيا لمن يستحقونه من ناحية ثانية ويعتبر تقديرا لحكمة الله البالغة في اختيارهم لهذه المهمة العظمى من ناحية ثالثة كما أن توهينهم والنيل منهم يعد غمزا في هذا الاختيار الحكيم ولمزا في ذلك الاصطفاء والتكريم فوق ما فيه من هدم الكتاب والسنة والدين

(1/233)

على أن المتصفح لتاريخ الأمة العربية وطبائعها ومميزاتها يرى من سلامة عنصرها وصفاء جوهرها وسمو مميزاتها ما يجعله يحكم مطمئنا بأنها صارت خير أمة أخرجت للناس بعد أن صهرها الإسلام وطهرها القرآن ونفى خبثها سيد الأنام عليه الصلاة و السلام ولكن الإسلام قد ابتلي حديثا بمثل أو بأشد مما ابتلي به قديما فانطلقت ألسنة في هذا العصر ترجف في كتاب الله بغير علم وتخوض في السنة بغير دليل وتطعن في الصحابة دون استحياء وتنال من حفظة الشريعة بلا حجة وتتهمهم تارة بسوء الحفظ وأخرى بالتزيد وعدم التثبت وقد زودناك وسلحناك فانزل في الميدان ولا تخش عداك يأيها الذين أمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم 47 محمد 7 نصرنا الله بنصرة الإسلام وثبت منا الأقدام والأقلام والحمد لله في البدء وفي الختام وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحابته الأعلام آمين

مناهل العرفان في علوم القرآن المؤلف : محمد عبدالعظيم الزرقاني

==================

امثلة على خشية الصحابة من الخطا الزبير و انس

الزبير خشي من الإكثار أن يقع في الخطا وهو لا يشعر لأنه وأن لم ياثم بالخطا لكن قد ياثم بالإكثار إذ الإكثار مظنه الخطا والثقه إذا حدث بالخطا فحمل عنه وهو لا يشعر أنه خطا يعمل به على الدوام للوثوق بنقله فيكون سببا للعمل بما لم يقله الشارع فمن خشي من الإكثار الوقوع في الخطا لا يؤمن عليه الإثم إذا تعمد الإكثار فمن ثم توقف الزبير وغيره من الصحابة عن الإكثار من التحديث وأما من أكثر منهم فمحمول على إنهم كانوا واثقين من أنفسهم بالتثبت أو طالت أعمارهم فاحتيج إلى ما عندهم فسئلوا فلم يمكنهم الكتمان رضي الله عنهم

=== خشي أنس مما خشي منه الزبير ولهذا صرح بلفظ الإكثار لأنه مظنة ومن حام حول الحمى لا يا من وقوعه فيه فكان التقليل منهم للاحتراز ومع ذلك فأنس من المكثرين لأنه تأخرت وفاته فاحتيج إليه كما قدمناه ولم يمكنه الكتمان ويجمع بأنه لو حدث بجميع ما عنده لكان أضعاف ما حدث به ووقع في رواية عتاب بمهملة ومثناة فوقانية مولى هرمز سمعت أنسا يقول لولا إني أخشى أن أخطئ لحدثتك بأشياء قالها رسول الله صلى الله عليه و سلم الحديث أخرجه أحمد بإسناده فأشار إلى أنه لا يحدث الا ما تحققه ويترك ما يشك فيه وحمله بعضهم على أنه كان يحافظ على الرواية باللفظ فأشار إلى ذلك بقوله لولا أن أخطئ وفيه نظر والمعروف عن أنس جواز الرواية بالمعنى كما أخرجه الخطيب عنه صريحا وقد وجد في رواياته ذلك كالحديث في البسملة وفي قصة تكثير الماء عند الوضوء وفي قصة تكثير الطعام قوله كذبا هو نكرة في سياق الشرط فيعم جميع أنواع الكذب [ فتح الباري – ابن حجر ] الكتاب : فتح الباري شرح صحيح البخاري

===========

من التثبت استاذان النبي صلى الله عليه وسلم لكتابة الحديث

=====

الباب السادس عشر: استئذانهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكتبوا عنه: وإذنه لهم لما كثر، ومن دون بعدهم لما طال الإسناد.

حَدَّثَنَا مُحَمد بن يَحْيى بن سليمان، أَخْبَرنا عاصم بن علي، أَخْبَرنا إسحاق بن يَحْيى بن طلحة بن عَبد الله عن مجاهد، عن عَبد الله بن عَمْرو، قَال: كان عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أناس من أصحابه، وأنا معهم، وأنا أصغر القوم، فقال النبي صَلى الله عَليهِ وسَلَّم: «من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار»، فلما خرج القوم قلت لهم: كيف تحدثون عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد سمعتم ما قَال، وأنتم تنهمكون في الحديث عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فضحكوا وقالوا: يا ابن أخينا، إن كل ما سمعنا منه فهو عندنا في كتاب. حَدَّثَنَا أحمد بن عُمَير بن يوسف بن جَوْصَاء، هو ابن جَوْصَاء، أَخْبَرنا مُحَمد بن عَمْرو بن حنان، أَخْبَرنا بقية، أَخْبَرنا ابن ثوبان، حَدَّثني أبو مدرك، حَدَّثني عباية بن رافع بن خديج، عن أبيه رافع بن خديج، قالَ: قُلتُ: يا رسول اللهِ إنا نسمع منك أشياء، فنكتبها؟ قَال: «اكتبوها»، ولاَ حرج. حَدَّثَنَا الحسين بن أحمد بن بسطام، أَخْبَرنا عَبد الله بن جعفر البرمكي، أَخْبَرنا سُفيان، عَن عَمْرو بن دينار، عن ابن منبه، عن أخيه، عَن أبي هريرة قَال: لم يكن أحد أكثر حديثًا مني إلاَّ عَبد الله بن عَمْرو، لأنه كان يكتبه. حَدَّثَنَا علي بن سَعِيد بن بشير، أَخْبَرنا يعقوب بن حميد بن كاسب، أَخْبَرنا عَبد الله بن عَبد الله الأموي، عن الخليل بن مرة، عن يَحْيى بن أبي صالح، عَن أبي هريرة، قالَ: قُلتُ: يا رسول اللهِ، إني أسمع منك حديثًا كثيرًا فأحب أن أحفظه فأنساه، فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «استعن بيمينك». حَدَّثَنَا جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، أَخْبَرنا هشام بن عمار، حَدَّثَنا صدقة بن خالد، أَخْبَرنا عتبة بن أبي حكيم، أَخْبَرنا هبيرة بن عَبد الرحمن، عَن أَنَس بن مالك، قَال: كان أنس إذا حدث يكثر الناس عليه في الحديث، جاء بمجال له فألقاها إليهم ثم قال: هذه أحاديث سمعتها، فكتبتها من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم عرضتها عليه. حَدَّثَنَا عَبد الصمد بن عَبد الله، وَمُحمد بن بشر القزاز الدمشقيان، قالا: حَدَّثَنا هشام بن عمار، أخبرنا أبو الخطاب معروف الخياط، وكان يخضب بِحُمْرة، قَال: رأيت واثلة بن الأسقع يملي على الناس الأحاديث، وهم يكتبونها بين يديه. حَدَّثَنَا حسين بن يوسف الفربري، أَخْبَرنا أبو عيسى التِّرمِذِيّ، أَخْبَرنا ابن حميد، أَخْبَرنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، قَال: قَال لي إبراهيم النخعي: إذا حدثتني فحدثني عَن أبي زُرْعَة بن جرير، فإنه حَدَّثني مرة بحديث ثم سألته بعد ذلك بسنتين، فما أخرم منه حرفًا. حَدَّثَنَا الحسين بن يوسف، أَخْبَرنا أبو عيسى التِّرمِذِيّ، أَخْبَرنا عَمْرو بن علي، أَخْبَرنا يَحْيى بن سَعِيد، أَخْبَرنا سُفيان، عَن منصور، قالَ: قُلتُ لإبراهيم: ما لسالم بن أبي الجعد أتم حديثًا منك؟ قال: لأنه كان يكتب. حَدَّثَنَا مُحَمد بن جعفر الإمام، أَخْبَرنا إبراهيم بن سَعِيد، أَخْبَرنا أبو أحمد عن شريك، عَن أبي صخرة، قَال: رأيت حماد يكتب عند إبراهيم يقول له: لا تكذب علي. حَدَّثَنَا الحسين بن يوسف، أَخْبَرنا أبو عيسى التِّرمِذِيّ، أَخْبَرنا عَبد الجبار، عن سفيان، قَال: قَال عَبد الملك بن عُمَير: إني لأحدث بالحديث فما أدع منه حرفا. سَمِعْتُ يَحْيى بن علي بن هاشم الخفاف بحلب يقول: سَمعتُ إبراهيم بن سَعِيد يقول: سَمعتُ سفيان بن عُيَينة يقول: قال لنا مُحَمد بن عَمْرو: لا أحدثكم حتى تكتبوه، أخاف أن تكذبوا علي. حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمد الحربي، أَخْبَرنا سليمان بن معبد، حَدَّثَنا عَبد الرَّزَّاق، قَالَ: سَمِعْتُ معمرا يقول: اجتمعت أنا وشُعبة والثوري وابن جُرَيج، فقدم علينا شيخ، فأملى علينا أربعة آلاف حديث عن ظهر القلب، فما أخطأ إلاَّ في موضعين، لم يكن الخطأ منا ولاَ منه، إنما كان الخطأ من فوق، فإذا جن الليل ختمنا الكتاب فجعلناه تحت رُؤُوسنا، وكان الكاتب شُعْبَة، ونحن ننظر في الكتاب، وكان الرجل طلحة بن عَمْرو.

كتاب: الكامل في معرفة ضعفاء المحدثين وعلل الحديث / الحافظ الجرجاني

=========

ومن خشية الصحابة من رواية الحديث حتى لا يقعوا في الخطا

» المحدث الفاصل بين الرواي والواعي  » باب من كان يتهيب الرواية ويتوقاها ويكثر التشكك

رقم الحديث: 658 (حديث موقوف) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى ، يَقُولُ : كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ ، فَنَقُولُ لَهُ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : ” إِنَّا كَبُرْنَا وَنَسِينَا ، وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدٌ ” . =============

امثلة على التثبت من خلال هذه الشبهة

أمر أشكل عليّ يا اخوان في حديث الإستئذان

خالد البحريني

– حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُا

كُنَّا فِي مَجْلِسٍ عِنْدَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَأَتَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مُغْضَبًا حَتَّى وَقَفَ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ اللَّهَ هَلْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا فَارْجِعْ قَالَ أُبَيٌّ وَمَا ذَاكَ

قَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمْسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي فَرَجَعْتُ ثُمَّ جِئْتُهُ الْيَوْمَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي جِئْتُ أَمْسِ فَسَلَّمْتُ ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفْتُ قَالَ قَدْ سَمِعْنَاكَ وَنَحْنُ حِينَئِذٍ عَلَى شُغْلٍ فَلَوْ مَا اسْتَأْذَنْتَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَكَ

قَالَ اسْتَأْذَنْتُ كَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ فَوَاللَّهِ لَأُوجِعَنَّ ظَهْرَكَ وَبَطْنَكَ أَوْ لَتَأْتِيَنَّ بِمَنْ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا

فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَوَاللَّهِ لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَحْدَثُنَا سِنًّا قُمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ عُمَرَ فَقُلْتُ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا

و الأمر العجيب هنا …. لماذا لم يثق عمر بما قاله أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما؟ أليس الصحابي ثقة و عدل ولا حاجة لجرحه أو تعديله او النظر في حاله فكلهم عدول ؟ ماذا لو احتج الرافضة و قالوا انتم اليوم لا تبحثون في حال الصحابة و ها هو عمر يُروى له حديث ولا يثق في الراوي الذي هو صحابي ! فهل انتم اعلم منه ؟؟؟؟

==============

الجواب

لسلام عليكم طلب منه شاهدا لأن الاستئذان كان عملا يوميا ، فتعجب عمر من كونه يجهل أحكامه . أما لما أخبره ذلك الصحابي بحديث الطاعون قبله منه مع عترافه بجهله به ولم يطلب منه شهود لأن الطاعون نادر .

و الله أعلم

============

سؤال و انا الذي اشكل علي هو سبب طلب عمر رضي الله عنه للشاهد !!!! لماذا لم يثق في ابي موسى رضي الله عنه ؟ و يعتبره ثقة عدل لا يكذب على النبي صلى الله عليه و سلم ؟؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

أخي بارك الله فيك لا إشكال فيما ذكرت وله نظائر فمنها رد أبي بكر خبر المغيرة بن شعبة في ميراث الجدة حتى شهد له محمد بن مسلمة ورد عمر خبر المغيرة أيضا في إملاص المرأة حتى أخبره بذلك محمد بن مسلمة وردت عائشة خبر ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه ورد علي خبر ابن سنان الأشجعي في المفوضة وغيرها وهي من الأدلة التي يستدل بها من يرد خبر الآحاد أو يقول إنه يفيد الظن فلا يقبل في باب العقائد . والجواب أن طلبهم لمن يشهد معهم إنما هو من باب التثبت وتقوية الخبر ولا شك أن الخبر كلما كثرت نقلته ازدادت الطمأنينة به . قال ابن عبد البر : ( زعم قوم ان في هذا الحديث دليلا على ان مذهب عمر ان لا يقبل خبر الواحد وليس كما زعموا لأن عمر رضي الله عنه قد ثبت عنه استعمال خبر الواحد وقبوله وإيجاب الحكم به أليس هو الذي ناشد الناس بمنى من كان عنده علم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدية فليخبرنا وكان رأيه ان المراة لا ترث من دية زوجها لأنها ليست من عصبته الذين يعقلون عنه فقام ضحاك بن سفيان الكلاب فقال كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امراة أشيم الضبابي من دية زوجها وكذلك ناشد الناس في دية الجنين من عنده فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره حمل بن مالك بن النابغة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة فقضى به عمر ولا يشك ذو لب ومن له أقل منزلة في العلم ان موضع أبي موسى من الاسلام ومكانه من الفقه والدين أجل من أن يرد خبره ويقبل خبر الضحاك ابن سفيان الكلابي وحمل بن مالك الاعرابي وكلاهما لا يقاص به في حال وقد قال له عمر في حديث ربيعة هذا أما إني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل على اجتهاد كان من عمر رحمه الله في ذلك الوقت لمعنى الله أعلم به وقد يحتمل أن يكون عمر رحمه الله كان عنده في ذلك الحين من لم يصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل العراق وأهل الشام لأن الله فتح عليه أرض فارس والروم ودخل في الاسلام كثير ممن يجوز عليهم الكذب لأن الايمان لم يستحكم في قلوب جماعة منهم وليس هذه صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله قد اخبر أنهم خير أمة أخرجت للناس وأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم وأثنى عليهم في غير موضع من كتابه وإذا جاز الكذب وأمكن في الداخلين الى الاسلام فيمكن أن يكون عمر مع احتياطه في الدين يخشى ان يختلقوا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الرهبة والرغبة أو طلبا للحجة وفرارا إلى الملجأ والمخرج مما دخلوا فيه لقلة علمهم بما في ذلك عليهم فأراد عمر أن يريهم أن من فعل شيئا ينكر عليه ففزع الى الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليثبت له بذلك فعله وجب التثبت فيما جاء به إذا لم تعرف حاله حتى يصح قوله فاراهم ذلك ووافق أبا موسى وان كان عنده معروفا بالعدالة غير متهم ليكون ذلك أصلا عندهم وللحاكم ان يجتهد بما أمكنه إذا أراد به الخير ولم يخرج عما أبيح له والله أعلم بما أراد عمر بقوله ذلك لأبي موسى ) التمهيد ( 3 / 190 ) وقال الحافظ في الفتح ( 11 / 30 ) : ( واستدل به من ادعى أن خبر العدل بمفرده لا يقبل حتى ينضم إليه غيره كما في الشهادة قال بن بطال وهو خطأ من قائله وجهل بمذهب عمر فقد جاء في بعض طرقه أن عمر قال لأبي موسى أما إني لم أتهمك ولكني أردت أن لا يتجرأ الناس على الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وهذه الزيادة في الموطأ عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم أن أبا موسى فذكر القصة وفي آخره فقال عمر لأبي موسى أما إني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية عبيد بن حنين التي أشرت إليها آنفا فقال عمر لأبي موسى والله ان كنت لأمينا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أحببت أن أستثبت ونحوه في رواية أبي بردة حين قال أبي بن كعب لعمر لا تكن عذابا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سبحان الله إنما سمعت شيئا فأحببت أن أتثبت قال بن بطال فيؤخذ منه التثبت في خبر الواحد لما يجوز عليه من السهو وغيره وقد قبل عمر خبر العدل الواحد بمفرده في توريث المرأة من دية زوجها وأخذ الجزية من المجوس إلى غير ذلك لكنه كان يستثبت إذا وقع له ما يقتضي ذلك وقال بن عبد البر يحتمل أن يكون حضر عنده من قرب عهده بالإسلام فخشي أن أحدهم يختلق الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الرغبة والرهبة طلبا للمخرج مما يدخل فيه فأراد أن يعلمهم أن من فعل شيئا من ذلك ينكر عليه حتى يأتي بالمخرج وادعى بعضهم أن عمر لم يعرف أبا موسى قال بن عبد البر وهو قول خرج بغير روية من قائله ولا تدبر فإن منزلة أبي موسى عند عمر مشهورة ) وقال النووي ( شرح مسلم 14 / 132 ) : ( فليس معناه رد خبر الواحد من حيث هو خبر واحد ولكن خاف عمر مسارعة الناس إلى القول على النبى صلى الله عليه وسلم حتى يقول عليه بعض المبتدعين أو الكاذبين أو المنافقين ونحوهم ما لم يقل وأن كل من وقعت له قضية وضع فيها حديثا على النبى صلى الله عليه وسلم فأراد سد الباب خوفا من غير أبى موسى لاشكا فى رواية أبى موسى فانه عند عمر أجل من أن يظن به أن يحدث عن النبى صلى الله عليه وسلم مالم يقل بل أراد زجر غيره بطريقة فان من دون أبى موسى اذا رأى هذه القضية أو بلغته وكان فى قلبه مرض أو أراد وضع حديث خاف من مثل قضية أبى موسى فامتنع من وضع الحديث والمسارعة إلى الرواية بغير يقين ومما يدل على أن عمر لم يرد خبر أبى موسى لكونه خبر واحد أنه طلب منه اخبار رجل آخر حتى يعمل بالحديث ومعلوم أن خبر الاثنين خبر واحد وكذا مازاد حتى يبلغ التواتر فما لم يبلغ التواتر فهو خبر واحد ومما يؤيده أيضا ماذكره مسلم فى الرواية الأخيرة من قضية أبى موسى هذه أن أبيا رضى الله عنه قال يا بن الخطاب فلاتكونن عذابا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سبحان الله انما سمعت شيئا فأحببت أن أتثبت والله أعلم ) فظهر لنا من أقوال أهل العلم عدة أجوبة : الجواب الأول : أن عمر رضي الله عنه أراد زيادة التثبت من الحديث كما جاء في بعض الروايات . الجواب الثاني : يحتمل أن يكون حضر عنده من قرب عهده بالإسلام فخشي أن أحدهم يختلق الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الرغبة والرهبة طلبا للمخرج مما يدخل فيه فأراد أن يعلمهم أن من فعل شيئا من ذلك ينكر عليه حتى يأتي بالمخرج . الجواب الثالث : يحتمل أن يكون عمر لم يعرف أبا موسى وهو بعيد . وينظر : مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم ( ص474 ) الرسالة للشافعي ( ص 187 )

============= اقتباس منقول عن الضبط من موضوع عنوانه الجرح والتعديل عند المحدثين رضا أحمد صمدي اقتبس ماورد عن الضبط هذه الصفة تؤهل الراوي لأن يروي الحديث كما سمعه ، ومارد المحدثين بالضبط أن يكون الراوي متيقظا غير مغفل ،حافظا إن حدث ن حفظه ، ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه ، وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني .وتأسيسا على هذه الصفات فإنه : 1- لا يقبل حديث من عرف بقبول التلقين في الحديث ، ومعنى التلقين أن يعرض عليه الحديث الذي ليس من مروياته ، ويقال له : إنه من روايتك ، فيقبله ولا يميزه ، وذلك لأنه مغفل فاقد لشرط التيقظ ، فلا يقبل حديثه . 2- لا تقبل رواية من كثرت الشواذ ( أي المخالفات ) والمناكير ( أي التفرد الذي لا يحتمل منه ) في مروياته ، قال شعبة : ” لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ ” وعلة هذا أنه يدل على عدم حفظه . 3- لا تقبل رواية من عرف بكثرة السهو في رواياته إذا لم يحدث من أصل مكتوب صحيح ، لأن كثرة السهو تدل على سوء الحفظ أو التغفيل فلا يكون الراوي ضابطا . 4- من أصر على غلطه بعد تبيينه له وعاند فإنه تسقط روايته . 5- لا تقبل رواية من يتساهل في نسخته التي يروي منها إن كان يروي الحديث من تاب ، كمن يحدث من أصل غير صحيح أي من كتاب أو مكتوب غير مقابل على الأصول المسموعة المتلقاة عن المصنفين بالسند الصحيح . منهج المحدثين في معرفة ضبط الراوي يقول ابن الصلاح : ” يعرف كون الراوي ضابطا بأن نعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو موافقة لها في الأغلب، والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا ، وإن ودناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه” . واعتبار الروايات والموازنة بينها هو روح منهج النقد عند المحدثين والمرتكز الأساس فيه ، وسنعرض له بالتفصيل إن شاء الله عند الكلام عن مرتكزات المنهج عند المحدثين . والمقصود أن الأئمة لا يوثقون أحدا حتى يطلعوا على عدة أحاديث للراوي تكون مستقيمة وتكثر حتى يغلب على الظن أن الاستقامة كانت ملكة لذلك الراوي ، وهذا كله يدل على أن جل اعتمادهم في التوثيق والجرح إنما هو على سبر حديث الراوي . وتفصيل ذلك أن الناقد إذا أراد معرفة حال راو فإنه يعمد إلى جمع مروياته ويتتبع كل الطرق إليها ولا يكتفي بمجرد ورود مروياته من طرق معينة حتى يعرف أن تلك المرويات رويت عنه على الوجه ، ولم يحدث خطأ ممن تحته فيها، فإذا تجمعت لديه مرويات الراوي خالية من أخطاء غيره وازن بينها وبين مرويات الثقات الذين شاركوه في الرواية عن شيوخه مع اعتبار مرويات أولئك الثقات أيضا حتى لا يوازن بين مرويات الراوي الذي يبحث عن حاله مع أخطاء الثقات ، فإذا ما وجد أن مرويات ذلك الراوي تشابه روايات الثقات ولا تخالفها اعتبر ضابطا لما يرويه ، فإذا وجد بعض الخطأ النادر اغتفر له ذلك مع تنبيهه على ما أخطأ فيه ، فإذا كثر خطؤه وفحش غلطه ضعف أو ترك . فاستبان بهذا أن طريق معرفة حال الراوي تحتاج إلى اطلاع واسع على مرويات الرواة وأسانيدهم ، وسنتعرض لشرح ذلك عند الكلام عن مرتكزات منهج النقد عند المحدثين . وقد تشتبه هذه الطريقة في سبر حال الراوي بطريقة المحدثين في معرفة علة الحديث ، حيث تعتمد طريقة معرفة العلة على سبر روايات هذا الحديث بعينه عند كل الرواة الثقات وغيرهم ، والموازنة بينها ، وقد يوازن بين روايات الضعفاء مع الثقات أو روايات الثقات مع بعضهم ، بغية التوصل إلى الرواية التي اجتمع عليها الأكثر من الثقات الضابطين . وبهذا يستبين أن طريق معرفة حال الراوي تكون بسبر كل مروياته وموازنتها بمرويات الثقات من طبقته . أما طريقة معرفة العلة فتكون بسبر روايات الحديث الواحد عند كل الرواة الذين رووا هذا الحديث لمعرفة مصدر الخطأ لو وجد ومعرفة الرواية المنضبطة المحفوظة . ويأتي لذلك مزيد بيان إن شاء الله عند الكلام عن نظرية العلة . عدالة الصحابة وضبطهم انتقد طه حسين وأحمد أمين وأبو رية منهج النقد عند المحدثين بأنهم لم يتعاملوا بموضوعية مع كل رجال السند ، باعتبار أن تعديل الصحابة مساحة غير مسموح لأحد أن يتجاوزها مقررين أن بساط الصحابة قد طوي ومكانتهم جازت القنطرة ، في حين انهم بشر كغيرهم وثبت فيهم النفاق والخطأ وغير ذلك ، فما الذي يجعلهم منزهين عن النقد والجرح والتعديل . وتحريرا لمحل النزاع فإن منهج النقد عند المحدثين لا ينزه الصحابة عن أي خطأ بل الاعتقاد بعصمتهم ليس في معتقد أهل السنة أصلا ، والنقاد يستجيزون نسبة الخطأ إلى الصحابة متى قام الدليل القوي على ذلك ، وقد ثبت أن الصحابة خطأ بعضهم بعضا ، وهذه النقطة متعلقة بجواز ورود الخطأ على الصحابي ، وهذا لا ينازع فيه المحدثون . أما ما ينازع فيه المحدثون ( ولا يقوله المستشرقون ومن تبعهم ) أن تعرض مرويات الصحابة لمعرفة الحافظ منهم والساهي وكثير الخطأ ، فالمحدثون يفترضون مسبقا ضبط الصحابة وعدالتهم (أي ديانتهم ) .ولنتحدث عن القضيتين كلا على حدة .

================

ضبط الصحابة

يمكننا حصر الكلام في أبي هريرة رضي الله عنه باعتباره الصحابي الذي نال من الهجوم أكثر من غيره (أعني من المستشرقين ومن تبعهم ) . فإذا أثبتنا ضبط أبي هريرة وحفظه – وهو الذي روى خمسة آلاف حديث كما يقدر بعض المحدثين – فإن حفظ الصحابة الآخرين وضبطهم يكون أمرا مفروغا منه . وبدءا ينبغي أن نقدر الأمور قدرها ، فالأحاديث التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه ليست كلها أقوالا ، بل جزء منها أفعال وتقريرات وهذه يسوغ روايتها بالمعنى ولا تشقى الذاكرة بحفظها لأن حفظ الحدث وحكايته بأي لفظ ليس أمرا خارقا للعادة حتى نتهم به أبا هريرة رضي الله عنه. وثرثار سفيه في أي مقهى يستطيع أن يحكي عن مواقفه ومواقف أصدقائه الآلاف ويكون صادقا في جميعها ، فكيف لو كان الحاكي أبو هريرة ، والمحكي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! ثم إن حفظ أبي هريرة لهذه الآلاف من الأحاديث ليس بمستغرب أمام حفظ الصحابة لآلاف الأبيات الشعرية وروايتها ، فحفظ أبي هريرة في سياقه طبيعي وعادي بالموازنة مع قدرات أهل جيله وليس أمرا خارقا للعادة كما بينا . وأهم نقطة في هذه القضية أن الصحابة ثبت عنه اتخاذ موقفين من أبي هريرة : الأول : تخطئته في بعض الأحاديث ،كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها خطأت أبا هريرة في روايته لحديث : ” إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار ” وأن أبا هريرة سمع الحديث مبتورا فرواه على غير وجهه ، ولم تكذبه رضي الله عنها وعنه . الثاني : أن الصحابة اتهموا أبا هريرة بالإكثار من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذان الموقفان دليلا واضحان على أمور : الأول : عدالة أبي هريرة رضي الله عنه وصدقه ، إذ لو كان كاذبا لكذبوه بل لمنعوه من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . الثاني : أن ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عرفه الصحابة وأقروه عليه ، إذ لو كان يروي حديثا ما سمعه أحد منهم لكان أسهل شيء عليهم أن يقولوا له : كذبت، كلنا لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث . الثالث : على أقل تقدير يقال : إن الصحابة إذا شكوا في حديث رواه أبو هريرة لم يجرءوا على تكذيبه لتسليمهم بأنه كان منقطعا لسماع الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . الرابع : أنا أبا هريرة استمر يروي الحديث حتى مات رضي الله عنه ، وهذه السنون الطوال كافية في أن يختبر الصحابة حديثه ويعرضوه على ما يعرفون ، فلما لم يفعلوا دل على تسليمهم بذلك. والمنهج العلمي يقتضي منا القول أن أحاديث أبي هريرة على وجه الخصوص تكتسب مصداقية أكثر من أحاديث بقية الصحابة لأنها كانت محل انتقاد الصحابة في كثرتها ولكنهم عجزوا عن إقامة الدليل على كذبه – مع ثبوت تخطئته في البعض – فيكون مثل ذلك دليلا على حصول إجماع سكوتي على الأحاديث التي رواها أبو هريرة رضي الله عنه . وبهذا العرض يتبين أن ضبط الصحابة متوافق مع المنهج العلمي ، متناسق مع أصول النقد ، ومع ذلك فالمحدثون قد يشيرون إلى خطأ الصحابي إذا ثبت ذلك بالبينة والبرهان . وقد وَهَّم الدارقطني رافع بن عمرو المزني رضي الله عنه في قوله : ” رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على بغلة بمنى” ، وروى الناس كلهم خطبة النبي صلى الله عليه وسلم على ناقة أو جمل ، ثم قال الدارقطني: “أفيضعف الصحابي بذلك ؟! ” كالمستنكر . ووهمت عائشة رضي الله عنها ابن عمر في تواريخ اعتمار النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النووي : ” سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان قد اشتبه عليه أو نسي أو شك ” وقال ابن حجر : ” وفيه دليل على أنه قد يدخل الصحابي الوهم والنسيان لكونه غير معصوم” . ووهم سعيد بن المسيب عبد الله بن عباس في قوله : ” تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم ” . وهذا التوهيم مع قبول المرويات الأخرى دليل على الضبط والحفظ . وبهذا يستبين أن ضبط الصحابة مثل ضبط غيرهم ، لكن قبول الناس عنهم دليل على أنهم لم يستنكروا مما رووه ، وما ذلك إلا لأنه متفق على ما عرفوه وسمعوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا وحده كاف في ثبوت الإتقان وقبول الرواية عنهم . الخلاصة 1- حصر المحدثون صفات القبول في الراوي على أمرين : العدالة والضبط . 2- اشترط المحدثون في الضبط والعدالة شروطا على ضوئها ردوا من فقد شرطا منها . 3- عدالة الصحابة جميعا أمر يستدعيه الدور التاريخي الذي قاموا به في تبليغ الدين ، ويقتضيه المنهج العلمي في النقد بدون تأثير عقدي ، خلافا للأصوات غير الموضوعية والآراء التي ثبت تأثرها بمؤثرات عقدية في قدحها في عدالة الصحابة . 4- وجد للمحدثين منهج واضح في معرفة عدالة وضبط الرواة . قواعد في الجرح والتعديل تواطأ المحدثون على العناية بسبر أحوال الرواة والمرويات وتصدى لهذا الشأن جهابذتهم الذين عرفوا بسعة الاطلاع والتيقظ وحدة الذكاء والموسوعية ، ونشأ عن ذلك رصيد هائل من أحكام الجرح والتعديل عن الأئمة على تعاقب العصور ، فعمد نقاد الحديث إلى وضع ضوابط للتعامل مع هذا الرصيد الضخم من معلومات الجرح والتعديل فاستقرءوا أحكام الجرح والتعديل ثم استنبطوا قواعد عامة حتى يتم تناول هذا الرصيد من معلومات الجرح والتعديل على أساس علمـي . ونتعرض هنا إلى أكبر وأشهر القواعد الكلية التي يستخدمها النقاد عند تناول معلومات الجرح والتعديل . القاعدة الأولى : لا يقبل الجرح إلا مفسرا ، أي مبين السبب ، أما التعديل فلا يشترط تفسيره . قال ابن الصلاح :” التعديل مقبول من غير ذكر سببه على المذهب الصحيح المشهور لأن أسبابه كثيرة يصعب ذكرها – حصرها – فإن ذلك يحوج المعدل إلى أن يقول : لم يفعل كذا .. لم يرتكب كذا ، فعل كذا .. وكذا .. فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جدا . وأما الجرح فلا يقبل إلا مفسرا مبين السبب لأن الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح ، فيطلق أحدهم الجرح بناء على أمر اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الأمر ، فلا بد من بيان سببه ، لينظر فيه أهو جرح أو لا ، وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله ” .

=========

الجرح والتعديل عند المحدثين رضا أحمد صمدي

http://www.eltwhed.com/vb/archive/index.php/t-3777.html

الاسناد ونشأته

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=12198

مَنَاهِجُ أهل الحديثِ في مجالِ النَّقْدِ (1): تَضْعِيفُ الرَّاوِي في شَيْخٍ دونَ آخر

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3678

مَنَاهِجُ أهلِ الحديث في النَّقْدِ (2): متى لا يصلُح اعتراف الرُّوَاةِ على أنفسِهم؟!

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3604

عصمة النبي صلى الله عليه وسلم وأثرها على السنة النبوية

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=5842

السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ ضَرورَةٌ حَتْمِيَّةٌ (1): الْمُذَكِّرات التَّفْسِيرِيَّة

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4205

السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ ضَرورَةٌ حَتْمِيَّةٌ (2): اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4207

جهود العلماء في مقاومة الوضع في الحديث

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=18683

==========

ضبط الصحابة كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على ضبط حديثه مع الصحابة

مسائل في السنة

إعداد / متولي البراجيلي

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: استعرضنا في المقال السابق مسألة تدوين السنة، تلك المسألة التي ما فتأ المغرِّضون يدندنون حولها، فأوردنا أحاديث الإذن بكتابة السنة وأنها ناسخة لأحاديث النهي (مع قلتها وضعف غالبها) حسبما رأى الجمهور وحكاه عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، ورأينا أن الكتابة ليست من لوازم الحجية، وأن صيانة الحجة غير متوقفة عليها، وأن الكتابة دون الحفظ قوة، وأن العرب كانت عندهم ملكة الحفظ القوي بحيث كانوا يحفظون القصائد الطوال التي تقال في أسواقهم ومناسباتهم المختلفة. ونستكمل- إن شاء الله- موضوع تدوين السنة وما يتعلق به من بعض المسائل:

حِرْص الصحابة وتنافسهم على حفظ حديث النبي # يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم وربما نكون نحوًا من ستين إنسانًا فيحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم يقوم فنراجعه بيننا، هذا، وهذا، وهذا، فنقوم وكأنما زرع في قلوبنا. {الفقيه والمتفقه، للخطيب البغدادي}. وكان أبو هريرة رضي الله عنه يجزِّؤ الليل ثلاثًا، ويجعل فيه جزءًا لتذكر أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم . “سنن الدارمي”. وكان ابن عباس، وزيد بن أرقم رضي الله عنهما يتذاكران السنة. “مسند المسند”. وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: “إنكم إن لم تذاكروا الحديث يفلت منكم”. {سنن الدارمي}. ويقول أيضًا: إذا سمعتم منا حديثًا فتذاكروه. ويقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: تحدثوا فإن الحديث يذكِّر بعضه بعضًا. {شرف أصحاب الحديث}. ويقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “تذاكروا الحديث، فإنكم إلا تفعلوا يندرس”. {سنن الدارمي}. ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “تذكروا الحديث، فإن ذكر الحديث حياته”. {سنن الدارمي}. وكذلك كان عمر بن الخطاب، وأبو موسى رضي الله عنهما يتذاكران حتى الصبح. “الفقيه والمتفقه”. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتابع مذاكرة أصحابه الحديث، ويصحح لهم، ففي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، قال: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجات ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن متَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به”. قال- أي البراء-: فردّدتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: وبرسولك الذي أرسلت. قال: لا، وبنبيك الذي أرسلت. “متفق عليه”. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على ضبط حديثه معهم بما يناسب عظمة هذا الحديث وقدسيته التشريعية، من هنا كان قول عائشة رضي الله عنها: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يسرد الكلام كسردكم، ولكن إذا تكلم تكلم بكلام فصل يحفظه من سمعه. “متفق عليه”. فحفظ الحديث الشريف ومذاكرته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة قد لقي عناية خاصة نابعة من إيمان راسخ، فضلاً عما وهب الله- سبحانه- العرب من مقدرة عالية على الحفظ، فهم أمة حفظ وذاكرة، فكيف إذا أضيف لها صلاح العقيدة والدين وخشية رب العالمين وطلب رضاه، والحرص على دقة الحفظ لغاية الضبط، لقوله عليه الصلاة والسلام: من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار. “البخاري ومسلم في مقدمة الصحيح”. ولهذا قال أبو العالية: كنا نسمع الرواية من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في البصرة، فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم. “الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي”. لقد كان هذا حرص التابعين، وهو متصل ونابع من حرص الصحابة رضي الله عنهم جميعًا. “مقدمة موسوعة الأحاديث الضعيفة- بتصرف”. النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بالبلاغ، وضبط هذا البلاغ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بالتحديث عنه، فيقول: “ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلِّغ من هو أوعى له منه”. “مسلم”. ويقول صلى الله عليه وسلم : “نضَّر الله امرأً سمع منا حديثًا فحفظه حتى يُبلِّغهُ، فرُبَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقهٍ ليس بفقيه”. “مسند أحمد”. وقوله لوفد عبد القيس: احفظوه وأخبروا من وراءكم. “البخاري”. ومع أمره صلى الله عليه وسلم بالنقل عنه إلا أنه حذَّر تحذيرًا شديدًا من الكذب عليه، فقال صلى الله عليه وسلم : “إن كذبًا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار”. “متفق عليه”. فالنبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالتحديث عنه، وضبط هذا التحديث، ويتوعد من يكذب عليه بالوعيد الشديد، مما يؤدي ذلك إلى ضبط الصحابة لما يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم ضبطًا تامًا، وسبق أن بينا أن ضبط الصدور (الحفظ) هو الأساس الذي اعتُمد عليه في نقل القرآن والسنة، والكتابة كانت عاملاً مساعدًا، مع عدم التقليل من أهميتها. عصور تدوين السنة من المسائل المهمة في هذا المقام، مسألة التفرقة بين عصر الكتابة وعصر التدوين، لأن البعض قد خلط فيها وهم يعرضونها، حيث لم يميزوا بين عصر الكتابة وعصر التدوين ثم عصر التأليف. أولاً: عصر الكتابة: بدأت كتابة الحديث الشريف منذ عهد رسول اللَّه #- كما رأينا وكانت الكتابة فردية يقوم بها بعض الصحابة في صحفهم الخاصة بعد أن عرفوا أهمية الكتابة للسنة المطهرة. واستمر عصر كتابة الحديث منذ عهده صلى الله عليه وسلم وحتى نهاية الخلافة الراشدة، والصحابة يكتبون، ويكتب بعضهم عن صحف البعض الآخر قلة أو كثرة حسب الحاجة، واستمر الصحابة والتابعون من بعدهم على كتابة الحديث الشريف. ثانيًا: مرحلة التدوين: يقدر بدؤها في الثلث الأخير من القرن الهجري الأول، حيث كان لا يزال فيه عدد غير قليل من الصحابة رضي الله عنهم، ولقد استمرت هذه المرحلة حتى أواخر العصر الأموي، وهنا بدأت مرحلة تصنيف الحديث، وهي المرحلة التي تقوم على التبويب وترتيب الموضوعات للحديث الشريف على وجوه متعددة. ثالثًا: مرحلة التصنيف: وربما كان أولها- والله أعلم- هو “الجامع” لمعمر بن راشد المتوفى 153ه، وهو مطبوع في المجلد الأخير من مصنف عبد الرزاق الصنعاني، ثم كان الموطأ للإمام مالك وغيره، وتوالى بعد ذلك تأليف المسانيد المفردة: كمسند أبي داود الطيالسي، ومسند عبد الله بن موسى العبسي، وغيرهما. واستمر هذا التصنيف في حلقات مستمرة وصولاً إلى الذروة من مرحلة التصنيف هذه، والتي تجلت ذروتها في ظهور الصحيحين، وكتب السنن، والمسند، وغيرهم. “الموسوعة بتصرف”. وعلى ضوء هذا التقسيم لعصور تدوين السنة، نستطيع فهم ما قاله الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح، وحمله البعض على غير وجهه أن السنة لم تكتب إلا في عهد عمر بن عبد العزيز. يقول الحافظ ابن حجر: اعلم علمني الله وإياك أن آثار النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن من عصر أصحابه وكبار من تبعهم مدونة في الجوامع ولا مرتبة لأمرين: أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك- كما ثبت في صحيح مسلم- خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم. وثانيهما: لسعة حفظهم وسيلان أذهانهم، ولأن أكثرهم لا يعرفون الكتابة. ثم حدث في أواخر عصر التابعين تدوين الآثار، وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في الأمصار، وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري القدر. وأرسل عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم وغيره من العلماء يأمرهم بكتابة أحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فوقع ذلك على رأس المائة الأولى لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال الحافظ ابن حجر: إن أول من دوَّن العلم (الحديث) هو ابن شهاب الزهري. قال القاضي عياض: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم: فكرهها كثيرون منهم وأجازها أكثرهم ثم أجمع المسلمون على جوازها، وزال ذلك الخلاف. وكذلك قال ابن الصلاح، والحافظ ابن حجر. “الرد على من ينكر حجية السنة د. عبد الغني عبد الخالق، بتصرف”. قولهم أن أبا بكر وعمر- رضي الله عنهما- حرقا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ذكر الحافظ الذهبي- رحمه الله- في كتابه “تذكرة الحفاظ” قالت عائشة رضي الله عنها: جمع أبي الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلب كثيرًا، فغمَّني، فقلت: أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك؟ فلما أصبح قال: أي بنية، هلمي الأحاديث التي عندك، فجئته بها، فدعا بنار فأحرقها، فقلت: لِم أحرقتها؟ قال: خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت (فيه) ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذلك. علَّق الإمام الذهبي على هذه الرواية بقوله: فهذا لا يصح، والله أعلم. والقصة حتى إن صحَّت فلا دليل فيها على أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان لا يأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم (أو أنه ضد جمعها)، فأبو بكر رضي الله عنه تردد في ضبط الذي أملى عليه مجموعة الأحاديث فسارع احتياطًا إلى إعدامها بالحرق، حتى لا ينشر الناس أحاديث لم يتثبت كل التثبت من ضبط صدورها عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فهو قد حرقها لتردده في ضبط أحد الرواة (مع ملاحظة أن الصحابة كلهم عدول)، وليس ذلك لشكِّه أو لوقوفه ضد جمع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما تردد واغتم وتحيَّر، عمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. “الشبهات الثلاثون: د. المطفي بتصرف”. ثم إنه من الممكن أن يكون قد خشي بعد وفاته وانتشار هذه الصحف عنه، أن تكون هي المقياس لقبول ورد سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاء حديث ليس فيها لم يعمل الناس به، وإذا جاء فيها عمل الناس به. ثم لِمَ لا يقال إن أبا بكر رضي الله عنه تخوَّف من كتابة السنة كما تخوَّف من كتابة القرآن، ألم يتوقف في كتابة القرآن وجمعه في كتاب واحد، لعدم فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؟، فقد روى البخاري بسنده عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أرسل إليَّ أبو بكر رضي الله عنه مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده. قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال إن القتل استحرَّ يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. قلت لعمر: كيف تفعل شيئًا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال عمر: هذا والله خير. فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليَّ مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلون شيئًا لم يفعله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُبِ واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحدٍ غيره، لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حتى خاتمة براءة. فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر، رضي الله عنهما. “رواه البخاري”. فهذه الواقعة فضلاً عن أنها تبين تردد أبي بكر رضي الله عنه في كتابة القرآن وجمعه، فإنها توضح أن عدم التدوين ليس دليلاً على عدم الحجية. أمَّا ما ورد عن عمر وغيره- إن صحَّ- من أنهم أحرقوا، ما كتبوه، فربما يرجع ذلك إلى أسباب هي ذات الأسباب التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم من أجلها بعدم كتابة السنة- ابتداءً- والتي ذهب العلماء إلى تخصيصها بأنواع التخصيص التي ذكرناها من قبل في مسألة الجمع بين النهي والإذن بالكتابة، كأن يخشى اشتباه القرآن بالسنة إذا كتبت معه في صحيفة واحدة، أو مطلقًا، أو يخشى الاتكال على الكتابة وترك الحفظ الذي يميل إليه بطبعه، ويُرى في ذلك مضيعة للعلم وذهابًا للفقه والفهم. ثم إن امتناع بعضهم عن التدوين وإحراقهم لما دونوه، قد يرجع إضافة لما سبق إلى سببين آخرين: أولهما: شدة الورع والخوف من الله تعالى خشية أن يتمسك أحد من بعده بحديث دوَّنه يكون قد وقع فيه سهو أو بدل حرفًا مكان حرف، ولهذا أشار أبو بكر في قوله لعائشة مبينًا سبب إحراق ما دوَّنه من الأحاديث، فقال: خشية أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به، ولم يكن كما حدثني، فأكون قد تقلدت ذلك. ثانيهما: كثرة عدد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أدى إلى صعوبة أن يقف الواحد منهم على كل ما صدر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلا يوجد أحد منهم قد لازم الرسول صلى الله عليه وسلم ملازمة تامة في جميع لحظات رسالته، فربما يطلع على ما لم يطّلع عليه غيره، وربما تكلم النبي صلى الله عليه وسلم في حكمٍ ما ثم زاد عليه أو نقص منه أو رفعه (نسخه) وهو لم يعرف ولم يصل إليه نبأ ذلك، فلو اجتهد بعضهم وكتب ما وصل إليه أو ما استطاع أن يصل إليه كما في واقعة أبي بكر فظن من جاء من بعدهم أنهم بذلوا كل الجهد وأمكنهم استيعاب السنة، كما فعلوا في القرآن، وجمعوها في هذا الكتاب المدَّون (أي السنة)، فاعتقد من جاء بعدهم أن ما ليس في هذا الكتاب المدون، مما يتحدث به الرواة ليس من السنة، أو لا يعتقد ذلك لكنه يقدم ما دونوه على ما يروى مشافهة عند التعارض، وقد يكون في الواقع أن المروي مشافهة ناسخ للمدون، وفي ذلك خطر وضياع لجزءٍ كبير من الأحكام الشرعية. ولا يخفى أن هذا الاعتقاد محتمل الوقوع من المتأخرين إذا كان المدون للسنة أكابر الصحابة الذين كانوا أكثر ملازمة له صلى الله عليه وسلم من غيرهم ولا سيما أبو بكر وعمر، فيقال: لو قاله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما خفي على أبي بكر وعمر، لكنه إذا قام بالتدوين صحابي لم تعلم عنه الملازمة للرسول صلى الله عليه وسلم ( كعبد الله بن عمرو بن العاص مثلاً ) فيندفع هذا الاحتمال ويصبح بعيدًا جدًا. قال أبو زرعة الرازي في جواب من قال له: أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث، قال أبو زرعة: ومن قال هذا (قلقل الله أنيابه) هذا قول الزنادقة، ومن يحصى حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ قُبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن مائة ألفٍ وأربعة عشر ألفًا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه. فقيل له: أين كانوا وأين سمعوا، قال: أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والأعراب ومن شهد معه صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وكل من رآه وسمع منه بعرفة. وقد روى البخاري في صحيحه أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن تبوك: وأصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ ( يعني الديوان )… فما بالنا إذا جمعت السنة بعد ذلك في عهد عمر بن عبد العزيز، فلن يتوهم متوهم أن ما جمع مِن طريق مَن تولى الجمع وقتها كالزهري استطاع أن يستوعب كل سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فلا بأس بالتدوين وقتها لاندفاع الاحتمال الذي كان قائمًا من قبل إذا دونها كبار الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فإذا جاءت أحاديث ليست في مدونات هؤلاء التابعين وتابعي التابعين لم يظن ظان أو يحتج محتج أنها ليست من السنة لأنها ليست فيما دوِّن منها. أليس ذلك حفظًا من الله سبحانه وتعالى لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . لكن هل كان عدم كتابة أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة دليلاً على عدم احتجاجهم وأخذهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم . كلاً والله، بل كان أبو بكر وعمر وكل الصحابة وقافين عند حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحتجون به ويُحتج به عليهم. ألم يحتج أبو بكر في يوم السقيفة على الأنصار بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : الأئمة من قريش واقتنعوا بذلك.؟ ألم يحتج على فاطمة رضي الله عنها بحديث: “نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة”.؟ ولما جاءت الجدَّة إليه تطلب إرثًا، فقال أبو بكر: ما أجد لك في كتاب الله شيئًا، وما علمت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكر لك (أي للجدة) شيئًا، ثم سأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعطيها السدس، قال أبو بكر: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة الأنصاري بمثل ما قال المغيرة فأنفذه أبو بكر رضي الله عنه. وعمر بن الخطاب الذي كان وقافًا عند حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يحيد عنه، فلما جاءه أبو موسى الأشعري يستأذن عليه ثلاثًا، فلم يأذن له فيرجع، فيستدعيه عمر ويلومه، فيعتذر أبو موسى بأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: “إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع”. فقال عمر: لتأتيني على هذا ( الحديث ) ببينة أو لأوجعن ظهرك وأجعلك عظة، فشهد أبي بن كعب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال ذلك، فعفا عنه عمر، واقتنع بحديث الاستئذان وأخذ به. وكان يناشد الناس في مواقف شتى: من عنده علم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من كذا، وهو الكاتب إلى عماله: تعلموا السنة كما تتعلمون القرآن. وهو القائل: إياكم والرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنة، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها. وهو القائل: خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم . وهو القائل رضي الله عنه: سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنة، فإن أصحاب السنة أعلم بكتاب الله. “الشبهات الثلاثون، د. المصطفى، والرد على من ينكر حجية السنة: د. عبد الغني عبد الخالق- بتصرف”. وللحديث بقية إن شاء الله. ========== للمزيد منقول من منتدى التوحيد حتمية السنة النبوية وضمان استمرارها / د محمد حمزة بن علي الكتاني http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?14598– ========================== 10- إن القدح في الراوي يكون بعشرة أشياء: خمسة تتعلق بالعدالة وخمسة تتعلق بالضبط، اختصرها الحافظ ابن حجر في خمسة أشياء فقال: «أسباب الجرح مختلفة ومدارها على خمسة أشياء: البدعة أو المخالفة أو الغلط أو جهالة الحال أو دعوى الانقطاع في السند( ) فالحكم على ضبط الراوي مبني على مدى حفظه للسند والمتن معا، ولهذا فقد فحص العلماء مرويات كل راو وقارنوها بمرويات الرواة الثقات ليحكموا على ضبط ذلك الراوي، يقول أبو حاتم الرازي: لو لم نكتب الحديث من ستين وجها ما عقلناه( )، ويقول الإمام مسلم: وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله( ). وقد ملئت كتب الجرح والتعديل بألفاظ الجرح للراوي بسبب الخطأ في مروياته مثل قولهم: « فلان منكر الحديث »، « يروي عن المناكير »، « يروي الغرائب »، « روى حديثا باطلا »، « رواياته واهية »( ). 11- كان الهدف من نقد السند هو الوصول إلى نقد المتن وخدمته، وكما نقد المحدثون السند واهتموا به واشترطوا سلامته من وجود الوضاعين والكذابين، فكذلك وضع العلماء شروطا لقبول المتن، ووضعوا علامات تدل على الوضع فيه دون النظر إلى سنده. وفي هذا رد واضح على من زعم أن نقد الحديث كان نقدا شكليا منحصرا في السند. ومن العلامات على الوضع في المتن: مخالفة الحديث للحس أو للمقبول، أو لصريح القرآن، أو لصريح السنة الثابتة المشهورة، أو كونه ركيك الألفاظ، سمج المعاني، وما إلى ذلك( ). يقول الإمام الشافعي: لا يستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه إلا بصدق المخبر وكذبه، إلا في الخاص القليل من الحديث، ومن ذلك أن يستدل على الصدق والكذب فيه بأن يحدث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله، أو يخالفه ما هو أثبت وأكثر دلالات بالصدق منه.( ) ويعد الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه: المنار المنيف في الصحيح والضعيف أفضل من توسع في موضوع الكلام عن علامات الوضع في المتن وعن القواعد والقرائن التي تدل على الكذب في الحديث نفسه دون النظر إلى سنده، فذكر أربعا وأربعين قاعدة ومثل لها بمئتين وثلاثة وسبعين حديثا، وبيَّن وجه بطلانها من مجرد نقض المتن ولم يعرج على نقد السند في شيء. ومما قاله في هذا الصدد: وسئلت هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط غير أن ينظر في سنده؟ فهذا سؤال عظيم القدر، وإنما يعلم ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة واختلطت بلحمه ودمه.. بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحد من أصحـابه..( ) ويقول ابن الجوزي:« الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم، وينفر منه قلبه في الغالب » وقال:« ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول، أو يناقض الأصول، فاعلم أنه موضوع»، ويقول الربيع بن خثيم التابعي الجليل أحد أصحـاب ابـن مسعود:« إن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل نعرفه بها »، ومن العلامات التي وضعها العلماء للدلالة على الوضع في المتن: الحديث الذي يتكلم على مذاهب سياسية ظهرت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وكما هو معلوم فقد وضعت أحاديث كثيرة لأهداف سياسية واجتماعية. إذ وضعت أحاديث كثيرة تتكلم على الخلافة التي كانت سببا في انقسام الأمة. وقد وضع كل من دهماء السنة والشيعة أحاديث لتأييد مذاهبهم. فالشيعة وضعوا أحاديث عديدة تتكلم على فضائل علي رضي الله عنه ولذلك قال عامر الشعبي: ما كذب على أحد في هذه الأمة ما كذب على علي رضي الله عنه.( ) واخترع الشيعة أحاديث تؤيد أحقية علي في الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم.

=========

ضبط الصحابة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقد اطلعت على مشاركة الاخ الفاضل ابو مارية نفع الله به وزاده الله علما وحرصا وقد اجاد وافاد حفظه الله وقد رايت ان ازيد شبهة رددها بعض من لم يمن الله عليه بالعلم والفهم فاردت توضيجها من نقولات اهل العلم المتخصصين ولاادرى هل كان من المفترض ان اضعها مع موضوع الاخ الفاضل ام ماذا حيث ان هذه اول مشاركة لى فى هذا المنتدى الطيب المبارك وما منعنى عن الكتابة فيه الا تصغيرا وتحقيرا لشانى ولكن طمعت فى الثواب والاجر وفى عفو الاخوة الافاضل هنا اذا بدر منى اي خطا عقدي او فقهي او لغوي مع العلم انهم ان شاء الله سيكونو لى من الناصحين الامناء

الشبهة كما هوو اضح من العنوان ضبط الصحابة فمن المعروف ان المحدثين اشترطو لقبول الحديث شروط هذه الشروط منها ما يتعلق بالرواة ومنها ما يتعلق بالسند ومنها ما يتعلق بالمتن فمن الشروط التى تتعلق بالرواة العدالة والضبط وإذا طبقنا هذه الشروط على الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين فنجد أن الصحابة قد ثبتت عدالتهم بالكتاب والسنة والاجماع والعقل ولااريد الحديث هنا عن عدالة الصحابة فهو امر يطول ذكره ولعلى ان شاء الله لو اذن الاكارم هنا ان اتكلم فيه فى موضوع مستقل والكلام هنا عن الشرط الثاني وهو الادلة على ضبط الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين ويجب التنويه الى ان هناك عوامل لضبط الصحابة وادلة على ان الصحابة بالفعل قامت فيهم هذه الصفة صفة الضبط ولكنى احببت ان ادمج العوامل مع الادلة تحت تقسيم اذكره ان شاء الله

وحتى لااطيل على حضراتكم فادلة ضبط الصحابة تنقسم الى اقسام بعضها راجع الى الرسول صلى الله عليه وسلم وفكره التربوي العالى المتقدم السابق لزمانه ومكانه كيف لا وهو لايينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وبعضها راجع الى الصحابة الكرام انفسهم افضل الناس علما وادبا وخلقا وانصاتا للحديث وادبا عند سماعه وبعضها راجع الى عوامل ومؤثرات خارجيه .

فاما ما يتعلق بالنبى صلى الله عليه وسلم فهو كالاتي :

اولا:ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يكرر الحديث ولايسرده سردا مما يساعد على الحفظ والضبط والدليل على ذلك ما اخرجه الامام البخارى فى صحيحه حديث رقم 3303 حيث قال رحمه الله حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَّزَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لَأَحْصَاهُ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلَانٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ

اما عن تكرار الحديث وفعل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال الامام البخارى فى صحيحه : 93 – حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَارُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ وَإِذَا أَتَى عَلَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثًا ولو ذهبنا نسوق الامثلة من كلام سيد الخلق صلى الله عليه وسلم على تكراره الحديث اكثر من مرة او اثنين او ثلاث لما اتسع المقام والوقت ونذكر على سبيل المثال الحديث المتفق عليه من حديث ابى بكرة رضى الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ وايضا مثال على ذلك الحديث المتفق عليه ايضا من حديث عبد الله بن عمرو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ويلاحظ ان المقصود من تكرار الحديث هو التفهيم لاصحابه الكرام رضوان الله عليهم اجمعين واعانتهم على حفظ الحديث وعقله فاذا تحقق هذا المقصود من غير تكرار فلا باس بعدم التكرار

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله فى كتابه الماتع جامع بيان العلم وفضله الجزء الاول صفحة 557 ((وذلك عندهم كان ليفهم عنه كل من جالسه من قريب او بعيد وهكذا يجب ان يكرر المحدث الحديث حتى يفقهم عنه واما اذا فهم عنه فلا وجه للتكرار))

وربما دعت الحاجة الى تحفيظهم بعض النصوص المهمة فيكررها اكثر من ثلاث مرات حتى يطمئن الى حفظهم اياها كنصوص بعض الادعية والتشهد وصلاة الاستخارة ونحو ذلك ففى صحيح البخارى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ…الخ وفى صحيح البخارى ايضا عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ

واحب ان انوه هنا بمناسبة هذا الحديث عن اقتداء الصحابة رضوان الله عليهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم فى كل شئ حتى فى طريقة التعليم فهذا سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه وارضاه كان يفعل نفس الشئ مع بنيه ففى صحيح البخارى عن عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيَّ قَالَ كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ وَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ

وهذا المنهج التربوى الكريم الذي طبقه النبى الامين ووعاه اصحابه المكرمين يبعث على الاطمئنان الى دقة ما نقلو عنه وتمام ضبطهم له ان شاء الله تعالى ولله الحمد والمنة .

ثانيا :ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يتخول الصحابة بالموعظة وكان معتدلا معهم فى الحديث وكان يراعى عدم الاملال عليهم وكذالك اختيار الوقت المناسب للحديث فكان صلى الله عليه وسلم يختار اوقات النشاط الذهنى والاستعداد النفسي لدى اصحابه ومباعدته بين الموعظة واختها حتى تشتاق النفس وينشرح الصدر للتلقى مم كان لهذا كله الاثر البالغ فى حفظ الصحابة وتمام ضبطهم رضوان الله عليهم اجمعين

والادلة على ذلك كثيرة ففى صحيح البخارى عن عبد الله بن مسعود قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة فى الايام كراهة السامة علينا ولاريب ان أن مثل هذا الاسلوب يراعى طاقات المتعلمين ويطارد الملل الذي قد يصيب بعضهم وتبقى النفوس فى حالة من الشوف والترقب والاذهان فى حالة من النشاط والتحفز فتجتهد فى الحفظ والضبط والوعى قال الجاحظ((قليل الموعظة مع نشاط الموعوظ خير من كثير وافق من الاسماع نبوة ,ومن القلوب ملالة ))

ثالثا ..ضرب الامثال …فللمثل الاثر البالغ فى ايصال المعنى الى العقل والقلب ,ذلك أنه يقدم المعنوى فى صورة حسية فيربطه بالواقع ويقربه الى الذهن فضلا عن ان للمثل بنختلف صوره بلاغة تأخذ بمجامع القلوب وتستهوى العقول وبخاصة عقول البلغاء ولذلك استكثر القران من ضرب الامثال وذكر حكمة ذلك فى ايات كثيرة فقال تعالى((وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ))والنبى صلى الله عليه وسلم اكثر جدا من ضرب الامثال حتى قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه ((حفظت عن رسول الله الف مثل ))اخرجه الرامهرمزى فى الامثال وسنده ضعيف

وقد ألفت كتب كثيرة فى الامثال النبوية منها على سبيل المثال:امثال الحديث للقاضى ابى محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي المتوفى سنة 360 والاحاديث التى فيها ضرب الامثال من النبى صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا مثل حديث البخارى مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد …. وما رواه البخارى من حديث ابى موسى ان النبى قال ((مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث… وهناك نوع اخر من ضرب الامثال ويسمى المثل السائر يتداوله الحكماء فى كلامهم مثل قول الرسول ((لايلدغ المؤمن من جحر مرتين ))

رابعا :طرح المسائل فمن المعلوم أن توجيه السؤال يفتح ذهن المسؤل ويركز على اهتمامه فى الاجابة ويحدث حالة من النشاط الذهنى الكامل ,ويحدث لونا من التواصل القوى بين السائل والمسؤل وقد استخدم النبى السؤال فى صور متعددة لتعليم الصحابة رضى الله عنهم مما كان له اكبر الاثر فى حسن فهمهم وتمام حفظهم

أ_فاحيانا يوجه النبى السؤال لمجرد الاثارة والتشويق ولفت الانتباه من ذلك ما اخرجه الامام مسلم فى صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ

ب- وأحيانا يسألهم النبى صلى الله عليه وسلم عما يعلم أنهم لاعلم لهم بهوانهم سيكلون علمه الى الله ورسوله وإنما يقصد إثارة انتباههم للموضوع ولفت انظارهم إليه من ذلك الحديث المتفق عليه من حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا آخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ

ج-وأحيانا يسالهم النبى عن شئ معلوم لديهم فيجيبون بما يعلمون فيلفت النبى أنظارهم إلى معنى غريب لم ينتبهو إليه من ذلك ما اخرجه مسلم فى صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ

د-وأحيانا يسأل فيحسن أحد الصحابة الاجابة فيثنى عليه ,ويمدحه تشجيعا له وتحفيزا لغيره كما فعل مع ابى بن كعب حين استحسن إجابته وذلك فى الحديث الذي اخرجه مسلم عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ

خامسا:القاء المعاني الغريبة المثيرة للاهتمام والداعية الى الاستفسار والسؤال وهذا لون رائع من ألوان التعليم يثيرفى النفس الرغبة القوية فى السؤال ويدفعها بقوة إلى التطلع للمعرفة واستشراف الجواب ومن ثم استيعابه وحفظه لما فيه من طرافة وغرابة من ذلك الحديث المتفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ ومن ذلك وهو مثال لطيف ما اخرجه مسلم فى صحيحه من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالُوا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ فَقَالَ فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ

سادسا:::استخدام الوسائل التوضيحية فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يستخدم الوسائل التوضيحية لتقرير وتاكيد المعنى فى نفوس وعقول السامعين وشغل كل حواسهم بالموضوع وتركيز انتباههم فيه مما يساعد على تمام وعيه وحسن حفظه بكل ملابساته وهذه الوسائل كثيرة منها

أ-التعبير بحركة اليد:كتشبيكه بين اصابعه الشريفة وذلك للتعبير عن الاخوة بين المؤمنين وكانهم مثثل الاصابع التى شبكت مع بعضها البعض فى الحديث الذي اخرجه البخارى من حديث أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ ومن ذلك تمثيله للقرب بين بعثته وبين قيام الساعة بالقرب بين اصعيه السبابة والوسطى وذلك فى الحديث المتفق عليه من حديث سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ

ب_التعبيربالرسم فكان النبى يخط خطوطا على الارض توضيحية تلفت نظر الصحابة ثم يأخذ فى شرح مفردات ذلك التخطيط وبيان المقصود منه فمن ذلك ماأخرجه البخارى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ وَقَالَ هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ومن ذلك رسمه صورة توضيحية للاسلام صراط الله المستقيم بالنسبة للسبل الاخرى وذلك فى الحديث الذي اخرجه البخارى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ سُبُلٌ قَالَ يَزِيدُ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ { إِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }

ج-التعبير برفع الشئ وإظهاره موضع الحديث كما فعل عند الحديث عن لبس الحرير والذهب فعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي أخرجه ابو داوود وهو حديث صحيح

د-التعليم العملى بفعل الشئ امام الناس حتى يتعلمو من مشاهدتهم له فى فعله كما فعل عند تعليمهم طريقة الصلاة وذلك فى الحديث الذي اخرجه البخارى ومسلم وفيه عن سهل بن سعد قال ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتى

سابعا :::استعمال لطيف الخطاب ورقيق العبارات فان ذلك مما يؤلف القلوب ويستميلها الى الحق ويدفع المستمعين الى الوعى والحفظ ,كما فعل مع ربيبه عمر بن أبى سلمة حين أخذ فى تعليمه لآداب الاكل فعن عمر بن أبى سلمة رضى الله عنه قال :دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم فقال اجلس يابنى وسمى الله وكل بيمينك وكل مما يليك كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يمهد لكلامه وتوجيهه بعبارة لطيفة رقيقة وبخاصة اذا كان يعلمهم امر قد يستحيا من ذكره كما فعل مع الصحابة عند تعليمهم آداب الجلوس لقضاء الحاجةإذ قدم لذلك بانه مثل الوالدين للمؤمنين يعلمهم شفقة بهم ففى الحديث الذي اخرجه الامام ابو داود من حديث ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنا لكم بمنزلة الوالد اعلمكم فإذا اتى احدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطيب بيمينه )) وعن ابن عمر رضى الله عنهما ان عمر استاذن النبى صلى الله عليه وسلم فى العمرة فأذن له وقال لاتنسنا من دعائك يا اخي)) ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ يامعاذ والله انى لاحبك

ثامنا :التحذير من الكذب عليه صلى الله عليه وسلم وبيان العقوبة الشديدة فى ذلك مما دعا الصحابة الكرام الى الدقة فى سماع الاخبار عن سيد الاخيار بل ان هناك من الصحابة البررة من أحجم عن الحديث كلية خشية ان يقع فى وعيد الاحاديث الاتية عن رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجْ النَّارَ ))متفق عليه عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ*متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ))متفق عليه

ومما يلفت النظر ان اكثر الاحاديث طرقا هو حديث من كذب على متعمدا فالعلماء يمثلون له دائما بالحديث المتواتر لفظا وهذا يدفعك الى التامل واستنتاج حفظ هذه السنة المطهرة اذ ان العشرات من الصحابة الافاضل روو هذا الحديث والتحذير من الكذب فهل هم بعد ذلك يقعون فى الكذب عمدا او سهوا بل كما قلت ان هناك من الصحابة من امسك عن الحديث خشية الوقوع فى هذا الوعيد الا وهو الصحابى الجليل الزبير بن العوام فقد اخرج البخارى عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ إِنِّي لَا أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُحَدِّثُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ

الا فليخسأ المعتدون على جناب اسيادنا من صحابة نبينا

واخيرا وهو اهم شئ واهم دليل هو أمر النبى صلى الله عليه وسلم اصحابه بالحفظ والفهم والتبليغ ولن يستطيعو ان يبلغو الا اذا حفظو ولا نتخيل من اناس مثل اصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم مع شدة اقددائهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وحرصهم ومباردتهم الى امتثال امره أن يتخلفو عن شئ هو سجية لهم الا وهو حفظ النصوص والحديث من رسول الله والاحاديث التى امر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه بالحفظ والتبليغ كثيرة منها عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وعند البخاري من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ

هذا مايتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم .

وهناك ما يتعلق بالصحابة انفسهم رضوان الله عليهم اجمعين مثلما حرص النبى صلى الله عليه وسلم على استخدام الوسائل التربوية السامية التى سبق ذكرها حرص الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين على التزام آداب ومبادئ مهمة كان لها عظيم الاثر فى حسن الحفظ وتمام الضبط وجودة التحمل والاخذ وهاك اهم تلك الاداب :

1_الانصات التام وحسن السماع :حتى لايفوتهم شئ من حديثه صلى الله عليه وسلم ويكون الاذهان من الصفاء بحيث يسهل الحفظ ويكمل الضبط ,ومعلوم أن الانصات مقدمة الحفظ وأن حسن الاستماع أول ابواب العلم ,كما جاء عن عدد كبير من السلف

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجل فى نفوس الصحابة وأعظم من أن يلغوا إذا تحدث ,أو ينشغلو عنه إذا تكلم أو يرفعو أصواتهم بحضرته وإنما كانو يلقون إليه أسماعهم ويشهدون عقولهم وقلوبهم ويحفزون ذاكرتهم لاستقبال ما يلقيه ووعيه وحفظه ليسهل لهم العمل به والتبليغ له ولم لا وقد أدبهم بذلك الحق جلا وعلا فقال ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4 ولذلك كانو يوقرون مجلسه صلى الله عليه وسلم وينصتون بين يديه

فعن أسامة بن شريك رضى الله عنه قال:أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وإذا اصحابه كأنما على رؤسهم الطير ما يتكلم منا متكلم

واخرج البخارى رحمه الله فى صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا وَثَنَّى بِالْأُخْرَى فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا يُوحَى إِلَيْهِ وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرَ ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا أَوَخَيْرٌ هُوَ ثَلَاثًا إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ وَإِنَّهُ كُلَّمَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ كُلَّمَا أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وكان العدد ربما كثر بين يدي النبى صلى الله عليه وسلم فكان يقيم من يستنصتهم ومن يبلغ عنه حتى يصل كلامه الى اسماع جميع الحاضرين كما حدث فى يوم النحر حيث أمر جرير بن عبد الله البجلى ان يستنصت الناس وامر على بن ابى طالب ان يبلغ عنه حتى يسمع من لم يبلغه صوته صلى الله عليه وسلم فقد اخرج البخارى ومسلم من حديث جرير بن عبد الله أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ واخرج ابو داود فى سننه وصححه الالبانى عن رافع بن عمرو المزني قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء وعلي رضي الله عنه يعبر عنه والناس بين قاعد وقائم .

2- ترك التنازع وعدم مقاطعة المتحدث حتى يفرغ من حديثه وهذا من تمام الادب المفضى الى ارتياح جميع الجالسين واقبال بعضهم على بعض والمعين على سهولة الحفظ والضبط وقد مر بنا فى حديث على بن ابى طالب السابق وفيه ((ولايتنازعون عنده الحديث من تكلم عنده انصتو له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث اولهم ….الخ)) وقد شهد بذلك عروة بن مسعود الثقى وقد كان كافر حينما اتى يوم الحخديبية لمفاوضة الرسول صلى الله عليه وسلم وسفيرا لقريش فلما رجع الى اصحابه هاله ما راه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ووتعظيم اصحابه له فقال لهم(( ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْهِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ دَعُونِي آتِيهِ فَقَالُوا ائْتِهِ…

ثالثا :ان الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين كانو يراجعون النبى صلى الله عليه وسلم فيما أشكل عليهم حتى يتبين لهم فمع كمال هيبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة تعظيمهم له لم يكونو يترددون فى مراجعته صلى الله عليه وسلم لاستيضاح ما أشكل عليهم فهمه حتى يسهل حفظه بعد ذلك ولاشك ان المراجعة اعون على الضبط واحسن تهيئة لتمام الوعى والفهم وقد اخرج البخارى فى صحيحه عن ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَا تَسْمَعُ شَيْئًا لَا تَعْرِفُهُ إِلَّا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا } قَالَتْ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكِ الْعَرْضُ وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَهْلِكْ قال ابن حجر فى الفتح :وَفِي الْحَدِيث مَا كَانَ عِنْد عَائِشَة مِنْ الْحِرْص عَلَى تَفَهُّم مَعَانِي الْحَدِيث ، وَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتَضَجَّر مِنْ الْمُرَاجَعَة فِي الْعِلْم . وَفِيهِ جَوَاز الْمُنَاظَرَة ، وَمُقَابَلَة السُّنَّة بِالْكِتَابِ ، وَتَفَاوُت النَّاس فِي الْحِسَاب . وَفِيهِ أَنَّ السُّؤَال عَنْ مِثْل هَذَا لَمْ يَدْخُل فِيمَا نُهِيَ الصَّحَابَة عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى : ( لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء )

واخرج ابن ماجه فى سننه وصححه الالباني عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَرْجُو أَلَّا يَدْخُلَ النَّارَ أَحَدٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا } قَالَ أَلَمْ تَسْمَعِيهِ يَقُولُ { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا }

رابعا:عرض الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم وترديده بين يديه للتاكيد من حفظه وضبطه ولاادل على ذلك ودقته من الحديث الذي اخرجه البخارى فى صحيحه عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ

خامسا::مذاكرة الحديث فقد كان الصحابة ومن بعدهم من التابعين الى يوم الناس هذا يتدارسون الحديث ويتذاكرونه فيما بينهم ويراجعونه تأكيدا لحفظه وتقوية لاستيعابه وحفظه والادلة على ذلك كثيرة جدا

واشهرها حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه وارضاه مع صاحبه وشريكه الذين كانو يتناوبون سماع الحديث من النبى صلى الله عليه وسلم عَنْ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فَنَزَلَ صَاحِبِي الْأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ أَثَمَّ هُوَ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ اخرجه البخارى ومسلم فى صحيحهما

ومذاكرة الحديث امر معروف ومشهور تكلمت عليه كتب المصطلح وكانو يمتدحون بعضهم بالمذاكرة حتى ان بعض الصحابة فضل مذاكرة الحديث على قراءة القران كما ورد ذلك عن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه وعن أبي سعيد ، قال : « تذاكروا الحديث ، فإن مذاكرة الحديث تهيج الحديث » وعن علي بن أبي طالب قال تزاوروا وأكثروا مذاكرة الحديث فإن لم تفعلوا يندرس الحديث وقد كانت المذاكرة بابا من ابواب تحمل الصحابة للسنةفيسمع احدهم فى مجلس المذاكرة ما غاب عنه سماعه من النبى صلى الله عليه وسلم ويوضح ذلك الحديث المتفق عليه فعن شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ قُلْتُ أَنَا كَمَا قَالَهُ قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ قُلْتُ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ قَالَ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ وَلَكِنْ الْفِتْنَةُ الَّتِي تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا قَالَ أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ يُكْسَرُ قَالَ إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا قُلْنَا أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْبَابُ عُمَرُ

سادسا:ملازمة الصحابة رضوان الله عليهم وارضاهم للرسول صلى الله عليه وسلم ونذكر مثالا على ذلك وهو اكثر من وجه اليه سهام الطعن من اعداء السنة الا وهو ابو هريرة رضى الله عنه كيف كان حاله وملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج البخارى فى صحيحه عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِي حَتَّى لَا آكُلُ الْخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الْحَبِيرَ وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَلَا فُلَانَةُ وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ مِنْ الْجُوعِ وَإِنْ كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ هِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي وَكَانَ أَخْيَرَ النَّاسِ لِلْمِسْكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا واخرج البخارى ايضا عن أَبُي هُرَيْرَةَ قَالَ إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمْ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَالَ مَنْ يَبْسُطْ رِدَاءَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي ثُمَّ يَقْبِضْهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي فَبَسَطْتُ بُرْدَةً كَانَتْ عَلَيَّ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ

هذا من أقسام الادلة التى ترجع الى الصحابة انفسهم وقد ذكرت ان هناك بعض الادلة راجع الى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ذكرتها ومنها راجع الى الصحابة الكرام وسبقت.

ومنها عوامل خارجية مؤثرة في ضبط الصحابة وادلة على ظهور هذا الضبط ومنها ما يلى :

أولا:كلما ازدادت العدالة ازداد الضبط وخاصة الطبقة العليا من الصحابة الكرام لاسيما وأن من عدلهم ليس ابن معين او شعبة او سفيان بل ان من عدلهم هو الله تبارك وتعالى من فوق سبع سموات ورسوله صلى الله عليه وسلم مبلغا عن رب العزة هذا التعديل

ثانيا:أن العرب أصلا عرفو بالحفظ والضبط والاتقان فقد كان الواحد منهم يحفظ القصيدة الطويلة وسمعنا عن القصائد الالفية التى تبلغ الالف بيت بل اننا سمعنا عمن يحفظ القصائد منكوسة من اخرها الى اولها وما امر المعلقات السبع واسواق قريش التى كان يتمارى فيها الشعراء منا ببعيد

ثالثا:ثناء بعض الصحابة على بعض فهذا ابن عمر رضى الله عنه يقول كان ابو هريرة الزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظنا

وقال عنه بعض الصحابة ولاشك انه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم مالم نسمع والادلة على تعديل بعضهم بعضا وثناء بعضهم على بعض فى الحفظ والضبط كثيرة رابعا:حرصهم على عدم الزيادة او النقصان فكان احدهم ربما توقف فى الحديث ان يحدث به بالكلية خشية أن يزيد او ينقص

خامسا :وهو امر مهم جدا الا وهو إجماع الامة على تلقى حديثهم من غير كلام فى ضبطهم ولا عدالتهم ولاشك ان اجماع الامة معصوم وهو احد الادلة فى الاسلام …وإذا كان التعديل والتجريح يكون بأمرين الاول كلام العلماء والثاني الشهرة والاستفاضة فإن الصحابة الكرام جمعو بين الامرين فما جرح فيهم احد وشهرتهم سبقتهم بل ان من دونهم بكثير قبلنا حديثهم مثل الشافعى ومالك و السفيانين وشعبة وغيرهم من الائمة المشهورين افنرد من هم خير منهم واجل

سادسا:دعاء النبى صلى الله عليه وسلم لبعضهم بالحفظ والضبط بل انه جعل أحدهم محدثا ملهما لايقول من نفسه الا وهو الفاروق عمر لما قال النبى صلى الله عليه وسلم إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه وقال لابي هريرة انى ظننت انه لن يسالنى عن هذا غيرك لما علمته من حرصك على الحديث وكما ذكرنا ان اكثر من وجه اليه سهام الطعن هو ابو هريرة ويقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم انه حريص على الحديث

سابعا :وهو مهم ايضا جدا قول النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع :ليبلغ الحاضر منكم الغائب هذا أمر لاكثر من مائة ألف صحابى بالتبليغ وأمره العام هذا لكل من حضر حجة الوداع يدل على انهم كلهم أهل التبليغ فكان من الممكن أن يقول لايبلغ الا فلان وفلان لانهم اهل للتبليغ وربما لم يحضر الا الاعرابى مرة واحدة ولكن علم النبى صلى الله عليه وسلم أنه أهل للتبليغ .

ثامنا:صاحب القصة أولى بحفظها فهم الذين شاهدو أحوال وأخبار النبى صلى الله عليه وسلم كمن حضر غزوة بدر مثلا وقص علينا ماحدث فيها فالذين شاهدو التنزيل يؤدي بهم الى تمام ضبطهم .

تاسعا:انعدام الاسناد فليس بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم احد انما سمعه من الرسول مباشرة فى الاعم الاغلب بالاضافة إلى انهم انزاح عنهم علوم الحديث من الشاذ والمنكر والمعلول والكلام فى الجرح والتعديل وكل هذه الاشياء فكان الحديث عندهم سجية والله اعلم

وبهذا انتهى من الادلاء بدلوى الفارغ فى هذه الشبهة اسال الله العلى العظيم ان يكتب لى الاجر وأن يرزقنى وإياكم الصدق والاخلاص والتوفيق والسداد إنه ولى ذلك والقادر عليه

منقول من العضو كان يا مكان

ماذا عن ضبط رواة الرافضة

و من المثير للسخرية ان علماء الشيعة يعتبرون ان القرآن محرف ويسال عن كتب اهل السنة

و الشيعة ليس لديهم روايات صحيحة السند و السنة ضاعت بسبب التقية ثم يسال عن كتب اهل السنة

صحيح الجمل لا يرى حدبته

ملف اصحاب الائمة ملعون كذاب حرامي سكير

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=140226

رواة نواصب في كتب الشيعة و تم توثيقهم

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=139960

عدالة صحابة الائمة الذين يعتبرونهم حفاظ الدين الامناء

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=143619

هل للسند قيمة في كتب الحديث الشيعية ؟ الجواب

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=10500

ملف ابطال ادعاء الشيعة الاثنا عشرية انهم اتباع ال البيت

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=140103

================

القرآن و السنة هم مصدر التشريع

و الاهتمام بهم لا يقل عن الاهتمام بالقرآن

أعترف علماء الرافضة بتثبت أئمة السنة في رواية الحديث وجاء في كتاب ” السرائر “

وهو واحد من كتبهم المعتبرة

وقال عنه صاحب البحار ( كتاب الأسرار لا يخفى الوثوق عليه وعلى مؤلفه على اصحاب السرائر “ووصف مؤلف السرائر ب ـ الإمامة العلامة حبر العلماء والفقهاء وفخر الملة والحق والدين شيخ الفقهاء رئيس المذهب الفاضل الكامل عين الأعيان ونادرة الزمان” منتهى المقال ص26 البحار ج1 \ص163 ) جاء في هذا الكتاب حديثم التالي عن بعض اصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله _ يعنون جعفر الصادق _ وفيه قال أي راوي الحديث يسأل أبا عبد الله :”هؤلاء _ يعني بهم أئمة اهل السنة _يأتون بالحديث مستوياً كما يسمعونه وإنا ربما قدمنا وأخرنا وزدنا ونقصنا “(السرائر ص163)

================

القرآن في دين الرافضة المجوس محرف و السنة ضاعت بسبب التقية و ليس لديكم روايات صحيحة الي النبي محمد صلى الله عليه وسلم و العترة التي يدعون انهم يتمسكون بها اين هي و الامام غائب منذ 1124 عام فممن اين تاخذون دينكم

و ضدق امامنا الباقر حين قال ان الشيعة حمقى

الشيعة كفروا الصحابة و امهات المؤمنين كلهم الا 3

ثانيا رددنا على الموضوع

و بما ان الصحابة كفار فاتهامهم بعدم الضبط تحصيل حاصل فعند الشيعة الصحابة حرفوا القرآن

لكن لنرى

يكفيك شهادة أكبر علماء الجرح والتعديل عندكم في ضبط الصحابة ؟!!

يقول شيخك الخوئي : [واهتمام الصحابة بذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعده وفاته يورث القطع بكون القرآن محفوظاً عندهم . جمعاً أو متفرقاً , حفظاً في الصدور , أو تدويناً في قراطيس , وقد اهتموا بحفظ أشعار الجاهلة وخطبها , فكيف لا يهتمون بأمر الكتاب العزيز , الذي عرضوا أنفسهم للقتل في دعوته , وإعلان أحكامه , وهاجروا في سبيله أوطانهم , وبذلوا أموالهم , وأعرضوا عن نساءهم وأطفالهم , ووقفوا المواقف التي بيضوا بها وجه التاريخ , وهل يحتمل عاقل مع ذلك كله عدم اعتناءهم بالقرآن ؟ ] البيان في تفسير القرآن ص ( 216 ) .

أقول نلاحظ أن الخوئي أثبت ضبط الصحابة … وأستدل على ذلك بأنهم كانوا يهتمون بحفظ الأشعار وهذا عنوان لضبط.

اقول : وعندي وثيقة أيضاً من أحد علماؤكم يثبت فيها ضبط الصحابة .

هنا موضوع عن ضبط الأئمة :

http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?t=51681

=============

و كما يقال والحق ما شهدت به الاعداء

لقد أعترف علماء الرافضة بتثبت أئمة السنة في رواية الحديث وجاء في كتاب ” السرائر “

وهوواحد من كتبهم المعتبرة

وقال عنه صاحب البحار ( كتاب الأسرار لا يخفى الوثوق عليه وعلى مؤلفه على اصحاب السرائر “ووصف مؤلف السرائر ب ـ الإمامة العلامة حبر العلماء والفقهاء وفخر الملة والحق والدين شيخ الفقهاء رئيس المذهب الفاضل الكامل عين الأعيان ونادرة الزمان” منتهى المقال ص26 البحار ج1 \ص163 ) جاء في هذا الكتاب حديثم التالي عن بعض اصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله _ يعنون جعفر الصادق _ وفيه قال أي راوي الحديث يسأل أبا عبد الله :”هؤلاء _ يعني بهم أئمة اهل السنة _يأتون بالحديث مستوياً كما يسمعونه وإنا ربما قدمنا وأخرنا وزدنا ونقصنا “(السرائر ص163)

——— فلابد للاسلام ان لا يقصر في سعته وتعدد جوانبه وبعد مساحاته التشريعية عن سعة هذا الانسان . فكانت هذه البديهة الاسلامية تدفع بالمسلمين إلى أن يرجعوا إلى الاسلام في كل ما يحدث لهم من شوؤن ، أو تطرأ عليهم من مشكلات ، أو تعرضهم من قضايا ، وكان الامر سهلا حين كانوا والرسول بين اظهرهم يمدهم من تعاليم الوحي وهداياته بما يشاؤون ويحتاجون وبعد أن أجاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دعوة ربه بقيت مشكلة الحاجة إلى أحكام الاسلام سهلة الحل إلى حد ما حتى منتصف القرن الاول الهجرى وشيئا من نصفه الثاني ، حيث كانت هناك باقية من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله الذين تحملوا العلم منه صلى الله عليه وآله قدر ما وقع إليهم واستطاعوا تحمله ، فكانوا مرجعا للمسلمين ، يسألونم عن رأى الاسلام في ما تطرأ عليهم من مشكلات ، وتجد لهم من مسائل . وانما بدأت المشكلة الكبرى بعد أن غادرت هذه الوجوه مجتمع المسلمين و أسلمت إلى ربها .

مقدمة مجمع الفائدة – الأردبيلي ج 1 ص 6

============

و نبذة على تعريف الحديث الصحيح عند الشيعة للمقارنة

سبب انتفاء وجود حديث ” واحد ” صحيح عن خير البشرية صلوات ربي وسلامه عليه عند الشيعة

( في كتبهم المعتبرة وبشروطهم )

ما هو تعريف الحديث الصحيح عند الشيعة ؟

” ما اتصل سنده إلى المعصوم بنقل العدل الضابط عن مثله في جميع الطبقات “

الشهيد الثاني (الدراية ص )19 وابنه (المعالم) ص 367 – نقلا عن المسند / د. الفضلي

“ما اتصل سنده بالعدل الإمامي الضابط عن مثله حتّى يصل إلى المعصوم من غير شذوذ ولا علة”

(وصول الأخيار إلى أصول الأخبار) تحقيق: السيد عبد اللطيف الكوهكمري، ط قم : 93

وهذا يعني أن الحديث الصحيح هو المسند الذي تتامت فيه سلسلة السند من آخر راو

له حتى المعصوم الذي صدر منه الحديث، مع اشتراط أن يكون كل واحد من الرواة في جميع

أجيال الرواية إمامياً عادلاً ضابطاً في حفظة للحديث ونقله له.

المسنـد – د. عبد الهادي الفضلي

طيب .. من هو العدل أو ما هي العدالة ؟!

قال الإمام الخميني :

مسألة 28 : العدالة عبارة عن ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى مِن ترك المحرّمات وفِعل الواجبات .

تحرير الوسيلة

قال العلامة المجلسي :

” ثم اعلم أن المتأخرين من علمائنا اعتبروا في العدالة الملكة ، وهي صفة راسخة فيالنفس تبعث على ملازمة التقوى والمروة ، ولم أجدها في النصوص ، ولا في كلام من تقدم على العلامة من علمائنا ، ولا وجه لاعتبارها “

بحار الأنوار (85/32)

لاحظوا هذا التناقض والاختلاف في ” العدالة ” .. !!

والأهم من هذا وذاك أن علماء الحديث عندهم لم يعدلوا إلا القلة القليلة من رواتهم .. !!

قال المحقق المحدث الحر العاملي :

” .. لم ينصوا على عدالة أحد من الرواة، إلا نادرا، وإنما نصوا على التوثيق، وهو لا يستلزم العدالة قطعا بل بينهما عموم من وجه، كما صرح به الشهيد الثاني وغيره.”

وسائل الشيعة (30 / 260)

هل تثبت العدالة بالتوثيق ؟

قال السيد محي الدين الموسوي الغريفي :

” .. ولا شك في ان هذا التوثيق شهادة منهم بأمانة الموثق، وصدقه في الحديث فحسب، فلا تثبت به عدالته .. “

( قواعد الحديث)

قال المحقق المحدث الحر العاملي :

” ودعوى بعض المتأخرين: أن (الثقة) بمعنى (العدل، الضابط) ممنوعة، وهو مطالب بدليلها. وكيف ؟ وهم مصرحون بخلافها حيث يوثقون من يعتقدون فسقه، وكفره وفساد مذهبه ؟ ! “

وسائل الشيعة (30 / 260)

هل هذا يعني أن جميع أحاديث الشيعة غير صحيحة ؟!

قال العلامة المدقق الحر العاملي :

” فيلزم من ذلك ضعف جميع أحاديثنا لعدم العلم بعدالة أحد منهم إلا نادرا “

وسائل الشيعة (30 / 260)

وقال أيضا :

” ومن المعلوم – قطعا – أن الكتب التي أمروا عليهم السلام بها كان كثير من رواتها ضعفاء ومجاهيل وكثير منها مراسيل “

وسائل الشيعة (30 / 244)

” ومثله يأتي في رواية الثقات، الأجلاء – كأصحاب الإجماع، ونحوهم – عن الضعفاء والكذابين، والمجاهيل، حيث يعلمون حالهم ويروون عنهم ويعملون بحديثهم ويشهدون بصحته. وخصوصا مع العلم بكثرة طرقهم، وكثرة الأصول الصحيحة عندهم .. “

وسائل الشيعة (30 / 206)

لذا … ذكر العلامة الشيخ يوسف البحراني :

” والواجب إما الأخذ بهذه الأخبار، كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار، أو تحصيل دين غير هذا الدين، وشريعة أخرى غير هذه الشريعة، لنقصانها وعدم تمامها، لعدم الدليل على جملة من أحكامها “

لؤلؤة البحرين (ص 47)

وختاما ..

بعد أن علمنا أنه لا يوجد حديث “واحد” صحيح عند الشيعة في كتبهم وبشروطهم .. !!

حُقّ للمُنصف أن يتسائل :

” مِن أين تَأخذون دِينَكم .. ؟! “

فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرضِ

منقول

====

الفرق بين التدقيق عند اهل السنة و الشيعة

كان التدقيق بالأسانيد عند اهل السنة من تاريخ ( 35 ) للهجرة والتدوين الرسمي بالدفاتر عام ( 99 ) للهجرة بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز – رحمه الله تعالى – والرافضة…سكارى…حتى….القرن الرابع…وفي حالة من الخزي والعار والأغاليط….اما اهل السنة فالعكس تماما ….. نجد الاهتمام بالأسانيد بدأ من خلافة خليفة رسول الله الصديق ثم خلافة أمير المؤمنين الفاروق رضي الله عنهماقبل الفتنة بسنين عددا وبعد الفتنة…ارتفعت العناية بالأسانيد الى الدرجات القصوى والأدلة على هذا وافرة من تحري أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين للأسانيد أنهم يعرضون حديث الراوي على رواية غيره من أهل الحفظ والإتقان فحيث لم يجدوا له موافقًا على أحاديثه أو كان الأغلب على حديثه المخالفة ردوا أحاديثه أو تركوها إلى غير ذلك من الوسائل التي اتبعوها وميزوا بها الصحيح من السقيم والسليم من المدخول وهكذا لم ينقض القرن الأول إلا وقد وجدت أنواع من علوم الحديث مردها جميعا إلى نوعين : المقبول : (( وهو الذي سمي فيما بعد بالصحيح والحسن )) والمردود : (( وسمي بعد ذلك الضعيف بأقسامه الكثيرة )) فأيــــن الرافضة….من صنيع أهل السنة انظر فقط….إلى تاريخ ولادة ( بعض) الأئمة جبال الحفظ الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله- مولود سنة (164) هـ الإمام البخاري – رحمه الله – مولود سنة (194 ) هـ الإمام الترمذي – رحمه الله- مولود سنة (200) هـ الإمام أبو داود – رحمه الله- مولود سنة ( 202 )هـ الإمام مسلم – رحمه الله- مولود سنة (206 )هـ الإمام ابن ماجه – رحمه الله- مولود سنة ( 209 ) هـ الإمام النسائي – رحمه الله- مولود سنة (215 )هـ لم يكن للرافضة كتاب في أحوال الرجال حتى ألف الكشي في المائة الرابعة (( جابر الجعفي )) قال عنه الحر العاملي : ( روى سبعين ألف حديث عن الباقر عليه السلام وروى مائة وأربعين ألف حديث والظاهر أنه ما روى بطريق المشافهة عن الأئمة عليهم السلام أكثر مما روى جابر) ..! – وسائل الشيعة 20 / 151 يعني أن رواياته تقريباً اثنين وأربعين ضعفاً لجميع مرويات (أبي هريرة- رضي الله عنه -) بصحيحها وضعيفها وموضوعها ومكررها..! فلماذا لم يملأ الرافضة الدنيا نياحاً وصياحاً على( جابر الجعفي) في كيفية روايته لهذا العدد( الفلكي )من الأحاديث ..! بينما نرى هجماتهم على أبي هريرة لا تكل ولا تمل …! مع أن الكشي روى عن زرارة بن أعين قال : سألت أبا عبدالله عن أحاديث جابر ؟ فقال : ما رأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة و ما دخل علي قط – رجال الكشي ص 191 فإذا كان ( أبو هريرة رضي الله عنه) قد روى خمسة آلاف حديث في خمس سنين عاشها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أما جابر الجعفي فلا غرابة أن يروي( سبعين ألف حديث من جلسة واحدة)…! أم أن جابر كان يملك تقنية الحاسب الآلي في ذلك الوقت ..! فابتلع آلآف الأحاديث في جلسة يتيمة خاطفة…!

==============

الخوئي لايمانع ولايرد رواية {الكافر} بشكل صريح. مزعجين العالم حول عدالة الصحابة ليش!

معجم رجال الحديث للخوئي (1411 هـ) الجزء6 صفحة24

www.yasoob.com/books/htm1/m020/23/no2364.html

2941 – الحسن بن علي بن أبي عثمان: = الحسن بن علي بن عثمان سجادة. قال الشيخ (165): “الحسن بن علي بن أبي عثمان الملقب بسجادة له كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن علي بن أبي عثمان “. وأبو عثمان اسمه عبد الواحد بن حبيب. التهذيب: الجزء 2 باب كيفية الصلاة وصفتها الحديث 461. وقال النجاشي: ” الحسن بن أبي عثمان الملقب سجادة أبو محمد كوفي ضعفه أصحابنا وذكر أن أباه علي بن أبي عثمان روى عن أبي الحسن موسى ع. له كتاب نوادر أخبرناه إجازة الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن جعفر بن سفيان عن أحمد بن إدريس قال: حدثنا الحسين بن عبيد الله بن سهل – في حال استقامته عن – الحسن بن علي بن أبي عثمان سجادة “. روى عن عبد الجبار النهاوندي وروى عنه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب والحسين بن عبد الله. كامل الزيارات: الباب (26) في بكاء جميع ما خلق الله على الحسين بن علي ع الحديث (4 و 5). وقال ابن الغضائري: ” الحسن بن علي بن أبي عثمان أبو محمد الملقب بسجادة في عداد القميين ضعيف وفي مذهبه ارتفاع “. وقال الشيخ في رجاله في أصحاب الجواد ع (11): ” الحسن بن علي بن أبي عثمان السجادة غال ” وكذلك قال في أصحاب الهادي ع (12). وقال الكشي (465) حسن بن علي بن أبي عثمان سجادة: ” قال نصر بن الصباح: قال لي السجادة: الحسن بن علي بن أبي عثمان يوما: ما تقول في محمد بن أبي زينب ومحمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وآله أيهما أفضل ؟ ! قلت له: قل أنت فقال: بل: محمد بن أبي زينب ! ألا ترى أن الله عزوجل عاتب في القرآن محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله في مواضع ولم يعاتب محمد بن أبي زينب: قال: لمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) و (لئن أشركت ليحبطن عملك) وفي غيرهما ولم يعاتب محمد بن أبي زينب بشيء من ذلك. قال أبو عمرو: على السجادة لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين فلقد كان من العليائية الذين يقعون في رسول الله صلى الله عليه وآله وليس لهم في الإسلام نصيب “. أقول: الرجل وإن وثقه علي بن إبراهيم لوقوعه في إسناد تفسيره إلا أنه مع ذلك لا يمكن الاعتماد على رواياته لشهادة النجاشي بأن الأصحاب ضعفوه وكذلك ضعفه ابن الغضائري. نعم لو لم يكن في البين تضعيف لأمكننا الحكم بوثاقته مع فساد عقيدته بل مع كفره أيضا

منقول من العضو طلال الراوي

مزعجين العالم ليش ياشيعة ..صحابة وعدالة ودموع تماسيح

الخوئي يقول : نعم لو لم يكن في البين تضعيف لأمكننا الحكم بوثاقته مع فساد عقيدته بل مع كفره أيضا

والصحابة الذين اوصلوا لنا هذا الإسلام وحفظوا القرآن تتقافزون قفز المجانين وصيحة وهيصة اذا وجدتم خطأ ما فى اجتهاد ما وتبالغون فى سبهم والحط عليهم؟

ياسبحان الله عقول تمشي عكس السير الفطري السليم!

===============

اعتراف رجال الدين الشيعة ان دينهم ضاع / و مقارنة الكافي والبخاري

الامام الصادق

قال : إن ممن ينتحل هذا الأمر (أي التشيع ) ليكذب حتى إن الشيطان ليحتاج إلى كذبه !! الكافي ج 8 ص 212 . وقال كذلك : لو قام قائمنا بدأ بكذاب الشيعة فقتلهم . رجال الكشي ص 253 . وقال أيضا (جعفر الصادق) : إن الناس أولعوا بالكذب علينا ، وإني أحدثهم بالحديث فلا يخرج أحدهم من عندي حتى يتأوله على غير تأويله وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله وإنما يطلبون الدنيا . بحار الأنوار ج2 ص 246 . وهذا أحد علمائهم يشهد بهذا –محمد بن باقر البهبودي محقق كتاب الكافي وأحد علماء الشيعة – يقول : ومن الأسف أننا نجد الأحاديث الضعيفة والمكذوبة في روايات الشيعة أكثر من روايات السنة . وهذا قاله في مقدمة الكافي . فهذه شهادات الشيعة على أنفسهم ،

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=79252

شهادة عالم التاريخ النصراني أسد رستم الذي استخدم منهج علم الحديث في مجال بحثه و كما يقال والحق ما شهدت به الاعداء

لقد أعترف علماء الرافضة بتثبت أئمة السنة في رواية الحديث وجاء في كتاب ” السرائر ” وهوواحد من كتبهم المعتبرة

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=137440

ملف ابطال ادعاء الشيعة الاثنا عشرية انهم اتباع ال البيت

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?p=1542376#post1542376

صحيح الجمل لا يرى حدبته

بسبب البيئة الموبؤة بالكذب و الفساد واللواط كما راينا في فتوى المرجع مصباح يزدي الذي افتى في اللواط في الرجال واغتصاب النساء في سجون الولي الفقيه ضد الذين استنكروا تزوير انتخابات الرئاسية الايرانية

و ظهور الحركة السلوكية في الحوزات التي تبيح اللواط و الدعارة والقتل لتعجيل ظهور المهدي

و بسبب انتشار الكذب تحت ستار التقية بل ان الكذب المنتشر بين الشيعة اشتكى منه الائمة إن ممن ينتحل هذا الأمر (أي التشيع ) ليكذب حتى إن الشيطان ليحتاج إلى كذبه !

فالرافضي يريد ان يسقط امراض دين الاثناعشرية المسخ على دين الاسلام

ملف تحليل الكذب و بهت المخالف عند الشيعة الاثنى عشرية

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=139452

============

صدق امامنا الباقر عندما قال ان الشيعة حمقى انت ترى ان سيدنا علي و الحسن معصومين و نحن لا نراهم معصومين فهات دليل على ضبط سيدنا علي و الحسن و الحسين و المقداد وسلمان وأبي ذر الثلاثة الذين لم يرتدوا على أعقابهم كفارا كما تفضل الاح فتى مكة فهي نفسها ادلة ضبط الصحابة

=============

ما دليل أهل السنة على “ضبط” جميع الصحابة؟؟ سؤال مهم يبحث عن إجابة

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=51889

أسباب تفوق الصحابة في ضبط الحديث سلطان العكايلة

رابط الكتاب بصيغة PDF http://ia701202.us.archive.org/17/items/uhad9/uhad9.pdf

============

يمكن تحميل الكتب من الرابط التالي

اسباب تفوق الصحابة في ضبط الحديث سلطان العكايلة

http://archive.org/download/uhad9/uhad9.pdf

=========

ونحيل القرآء والمتابعين على بعض الموضوعات المهمة والمفيدة حول السنة النبوية المطهرة والتي نحسبها كافية شافية لمن أراد الله له الهداية إن شاء الله تعالى:

حفظ الله السنة النبوية / من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?p=1568622#post1568622

حُجّية السنة العلامة عبد الغني عبد الخالق: http://www.waqfeya.com/open.php?cat=13&book=577

السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي د.مصطفى السباعي: http://www.waqfeya.com/open.php?cat=13&book=43

السنة قبل التدوين د.محمد عجاج الخطيب: http://www.waqfeya.com/open.php?cat=31&book=583

دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين المؤلف د.محمد أبو شهبة – د.عبد الغني عبد الخالق http://www.waqfeya.com/open.php?cat=20&book=258

شبهات حول السنة للعلامة عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=82516

الاعتقاد في حفظ السنة.. من لوازم الإيمان بالرسالة المحمدية.. د.جعفر شيخ إدريس: http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4389

السنة وحي من الله: http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4717

موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة المؤلف يوسف الحاج أحمد http://www.waqfeya.com/open.php?cat=28&book=318

شبهات حول السنة:

http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4362

شبهات القرآنيين لعثمان بن معلم: http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3653

كلام نفيس .. بأسلوب سلس .. للعلامة الألباني عن حجية السنة وخبر الآحاد http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3114

مسائل في الوحي د.العبيدي: http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=5789

السنة في كتابات أعداء الإسلام د.عماد الشربيني: http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3619

السنة النبوية ضرورة حتمية. المستشار سالم عبد الهادي: http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4205 http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=4207

شبهات القرآنيين حول السنة النبوية د.محمود مزروعة رئيس قسم العقيدة بالأزهر: http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3654

الرافضة طعنوا في صحة القرآن و وقالوا عنه محرف فماذا يتوقع ممن يطعن في القرآن ويكفر كل الصحابة الا 3

[هدية للمُتشدّقين بعلوم الحديث “القشة التي ستقصم ظهر البعير”]

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=151854

الرد على الشيعي عن البخاري و ابوهريرة و روايات اهل البيت في كتب السنة

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=151981

=====

تعليقات منقولة

اقتباس:   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القسنطيني2

موضوعك مهدوم من أصله فقد بنيت على رمل …

فإن كان “شرط عدالة الصحابة ” الكرام رضي الله عنهم و أرضاهم في نظركم باطل …

فهنيئا لكم بأبي لؤلؤة المجوسيّ …

و كلّ إإناء بما فيه …

فإن كنت صاحب علم لا صاحب تقليد و نفاق …

أجبني عن سؤال عجز مركزكم للأبحاث العقائدية أن يجيبني عليه …

إن كان من تصفون من الصحابة الكرام كفّار …

فمن هم السابقون الأوّلون من المهاجرين و الأنصار و من هم أصحاب بدر عندكم …

و هل لك أن تعطينا إسم واحد من غير صحابة رسول الله رضوان الله عليهم ممن لا تظنّون فيهم ما تظنّون ؟؟؟

حماقة أخرى في سجلّكم يا روافض.

و الله المستعان.

اقتباس:   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة القسنطيني2

أبناء التقية – النفاق و الكذب – مؤكّد أنّه مختبئ في عدد المتصفّحين و يتجرّع هديته السمّ التي أراد أن يسقينها.

ذق يا خزرجي فانت السّاقي .

ألا تجيب عن من هم السابقون الأوّلون من المهاجرين و الأنصار ؟؟؟

و أهل بدر … عددهم لا يزيد عن 314 – في أحسن الروايات – أما من إسم واحد يقول صاحبه بما تقولون ؟؟؟

خسئتم يا مجوس.

و الله المستعان.

اقتباس:   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تقي الدين السني

الخزرجي – هداه الله – ما بكَ لا تتأنى في طرح ما تريدُ الحوار فيهِ ، قد رأيتُ المضطربين كُثر في علم الحديث .

ولا أرى إلا من لا حظ لهُ بهذا العلم يطرح مسائلَ علميةً بحتة لا يملكُ فيها لنفسهِ حجةً أبداً .

هذا الكلام فيه نظر حسب ما تفهم : – عليٌ بن أبي طالب من صحابة النبي ، وإثباتُ ضبط الصحابة اثباتُ ضبط علي . – عليٌ إن كانَ من الضابطين فيلزمُ ذلك كونُ الذين صاحبوا النبي عدولٌ ضابطون ، فلا يصحُ قصر مسألة الضبط على واحدٍ من الصحابة وجعل البقية في منزلة – الواهمين – عياذاً بالله وحاشاهم رضي الله عنهم أن يقعوا في الوهم ، فقد كانوا أحرص البشر على حمل السنة الصحيحة للذين من بعدهم .

بل يمكنُ القول بأن إثباتُ ضبطهِ ملزمٌ شمول ضبط الصحابة للحديث .

فهل يستقيمُ أن يقال ( أن واحداً ) صحَ حديثهُ والآخرون ( وهموا ) عياذاً بالله ؟؟ .

ضبطهم ثابتٌ بعشرات الأدلة ، كما ثبتت عدالتهم من كتبكم ومن كتب أهل الحديث . ولكن يبقى في خلدِ المؤمن سؤالاً : كيف تستطيع أن تثبت ضبط علياً فضلاً عن ضبطه للحديث يا خزرجي .

* الأدلةُ عامةُ على ضبطهم . * الأدلةُ خاصةُ لضبط كل واحدٍ منهم .

فالاثباتُ يشمل الجانبين ، وأعجبُ إلي الآن كيف لم تفهم الأدلة التي ساقها الأخوة لك .

في منطوقك عدم الظفر بالدليل الخاص ( يسقط ضبط الصحابي ) . وهذا من الغريب بمكان ، فلا نعلمُ هذه القاعدة الجديدة التي خرجت لنا بها من أين !!! .

على كُلٍ فالدليلُ ثابتٌ على ضبطهم وحفظهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم . وخيرُ دليل ( عدالتهم ) وإتفاقُ المؤمنين في القديم والحديث على أنهم معصومون عن الكذب على النبي .

نقطة مهمة نبه عليها الأخ رهين الفكر الزميل الخزرجي سئل عن أدلة ضبط الصحابة فطرحنا ما لدينا لكن أن تحاول أن تجبرنا أن نقبل بوجهة نظرك القائمة على كفر الصحابة وكذبهم ومحاولتك لإسقاطهم بحجة عدم ضبطهم فأنت كما ذكر الاخ رهين الفكر تجادل لغرض سيئ في نفسك

اقتباس:   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الخطاب

نقطة مهمة نبه عليها الأخ رهين الفكر الزميل الخزرجي سئل عن أدلة ضبط الصحابة فطرحنا ما لدينا لكن أن تحاول أن تجبرنا أن نقبل بوجهة نظرك القائمة على كفر الصحابة وكذبهم ومحاولتك لإسقاطهم بحجة عدم ضبطهم فأنت كما ذكر الاخ رهين الفكر تجادل لغرض سيئ في نفسك

على الاقل عرفنا نهجم في تناقل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه لنا ونفتخر بها على الأمم فمع أنهم كانوا على عهد قريب به صلوات ربي وسلامه عليه الا أنهم يتحرزون فيما يرونه عنه ثم لا تنسى قولك الذي يعتبر إدانة لك ففي المشاركة رقم 31 قلت التالي

أقول: عدم إثبات “ضبط الصحابة” لا يلزم منه إسقاط ضبطهم جميعاً فهذه قول مهم فلت من لسانك

وهذه السطر ينسف موضوعك من أساسه

أنت تسئل عن الصحابة رضي الله عنهم فما دخل التابعين في موضوعك وقولك أن التحرز في السماع لاعلاقة له بالضبط غير صحيح فماذا نسمى صحابي يسمع حديثاً للنبي صلى الله عليه وسلم ثم يقابل ماسمع مع صحابي آخر سمع الحديث؟

كلامك غير صحيح بل كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ينقل منهج الصحابة في كيفية التلقي لمن جاء بعدهم وقولك أن النقل الشفهي يسبب الخطأ والنسيان فمردود بقضية ضبط الصحابة الأطهار لآيات كتاب الله ونقله لمن بعدهم بدون خطأ واحد فمن باب أولى ان يكون ضبطهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال صاحبة (أوتيت جوامع الكلم) فكما لايخفي بعض الاحاديث لاتتجاوز سطر أو سطرين وكان صلى الله عليه وسلم – إذا تكلم حرص على أن يفهم كلامه، فإذا كانت الكلمة تحتاج إلى إعادة أعادها، وقد يقولها ثلاثا؛ وذلك حتى يطمئن إلى أنها قد عقلت عنه، فكم من أمور يحتاج الذهن أن تكرر له حتى يستوعبها، يدلنا على هذا ما أخرجه البخاري عن أنس – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – «أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه» فهو قد بعث في أمة اشتهرت بقوة الحافظة والمتتبع لحياة العرب في الجاهلية وصدر الإسلام يتضح له أن العرب كانوا أصحاب ذاكرة قوية، يذهبون إلى أسواق الأدب، فيلقي الشاعر قصيدته مرة واحدة فتحفظ، زد على ذلك طريقتة في تكرير الحديث على اسماع اصحابة ليكون أرسخ في أذهان

عدم كتابة الكثير من الصحابة للحديث لايعني خلو ذلك العصر من من كان يكتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم فالكثير من الصحابة كان يكتب يقول الذهبي في معرض حديثة عن الصحابي عبدالله ين عمرو بن العاص رضي الله عنهما (وكتب الكثير بإذن النبي -صلى الله عليه وسلم- وترخيصه له في الكتابة بعد كراهيته للصحابة أن يكتبوا عنه سوى القرآن وسوغ ذلك -صلى الله عليه وسلم- ثم انعقد الإجماع بعد اختلاف الصحابة -رضي الله عنهم- على الجواز والاستحباب لتقييد العلم بالكتابة .

والظاهر أن النهي كان أولا لتتوفر هممهم على القرآن وحده ، وليمتاز القرآن بالكتابة عما سواه من السنن النبوية ، فيؤمن اللبس فلما زال المحذور واللبس ، ووضح أن القرآن لا يشتبه بكلام الناس أذن في كتابة العلم ، وقال (وهو دال على أن الصحابة كتبوا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أقواله ، وهذا علي -رضي الله عنه-كتب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث في صحيفة صغيرة ، قرنها بسيفه وقال -عليه السلام- : اكتبوا لأبي شاه وكتبوا عنه كتاب الديات ، وفرائض الصدقة وغير ذلك .ابن إسحاق : عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قلت : يا رسول الله ! أكتب ما أسمع منك ؟ قال : نعم. قلت : في الرضى والغضب ؟ قال : نعم ، فإني لا أقول إلا حقا

سبحان الله تطعن في سلفنا الصالح أصحاب نبينا الاطهار نقلة القرآن ثم تتعبد بما نقلوا حقاً نسال الله العافية من دين الرافضة وبغض نقلة حفظة ( الثقل الاكبر) ماهذا التناقض!

هذا فهك المبني على سوء الظن بالصحابة الأطهار نقلة (الثقل الاكبر ) لكم فالمسئلة ليست عدم ثقة او تكذيب فالباعث على السؤال هنا هو الرغبة في التثبت من الحفظ وأن الحديث جاء على هذا المعنى احتياطا من السهو والخطأ وليس الأمر داخلا في دائرة سوء الظن كما يصور اتباع المنهج المعادي لنقلة الثقل الاكبر وهذه الرواية من البخاري تبين ما نقول مثال ذلك ما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: (كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور فقال استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال ما منعك؟ قلت استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع) فقال والله لتقيمن عليه ببينة أمنكم أحد سمعه من النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال أبي بن كعب والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ذلك). رواه البخاري/ كتاب الاستئذان/ باب الاستئذان ثلاثا/ رقم الحديث: 5776، ومسلم في كتاب الآداب/ رقم الحديث: 4010، وأبو داود في كتاب الأدب/ رقم الحديث: 4510، وأحمد في مسند الكوفيين/ رقم الحديث: 18689.

فعمر هنا – رضي الله عنه – إنما طلب البينة لا لأن أبا موسى غير مؤتمن عنده بل لأمر آخر يفصح عنه عمر نفسه، فقد جاء في رواية الإمام مالك لهذه القصة قول عمر – رضي الله عنه – (أما إني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله – صلى الله عليه وسلم ).الموطأ/ فعمر الفاروق بين سبب العلة في طلب ضم راو آخر مع من حدثه

هذه الدعوى من عندك يكفيا في ردها الرواية السابقة عمر الفاروق فلم يكن الصحابة ليكذبوا بعضهم فصدق الصحابة قضية لانقاش فيها بيننا أهل السنة فكيف نستطيع ان نكذب من شهد له الله سبحانه وتعالى لكن فائدة عرض الصحابة الأطهار الاحاديث على بعضهم دليل على ضبطهم لما سمعوا ومزيداً من الثبت

مشكلتك مصر على بتر رواية زيد ولا تريد أن تفهما فهو لما أعلم أن من في المجلس يكتب توقف وهو رضي الله عنه أفهمهم بعدم رغبته في كتابة شئ خلاف القرآن بطريقة يرفع بها الحرج عن نفسه وتوجد العذر لديهم

اقتباس:   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رهين الفكر

الأدلة على ضبط الرواة من الصحابة وغيرهم

الجيد في موضوع الخزرجي انه افصح عن هدفه بصراحة حين قال انهم سعوا فيما سبق لإسقاط عدالة الصحابة فما نجحوا في ذلك ،، كما انه بيّن ان هدفهم من إسقاط عدالة الصحابة هو لأجل إسقاط ما اسماه مذهب اهل السنة ،، ويقصد دين اهل السنة والجماعة

ولم يبين إن كانوا هم في محاولاتهم السابقة قد إعترفوا وأقروا بخطأ ما ذهبوا إليه ام انهم كانوا يكابرون رغم فشلهم

واما انا فلم ارى يوما انهم اقروا بأن الحق مع اهل السنة ولذلك اتوقع انهم ظلوا يكابرون ويدّعون عدم إقتناعهم بما نطرحه عليهم من ادلة

وارى ان نفس السيناريوا سيتكرر هنا ورغم انه سيبوء بالفشل بإذن الله إلا انه سيكابر وسيطعن في الأدلة وسيتحجج بحجج عدم الخروج عن الموضوع او لا يرد على من يسبه وهكذا ،،، كما هي عادتهم

ولكننا نطرح ما لدينا له ولغيره ولعله ان يكون في ذلك خير

الأدلة إما ان تكون نقلية او عقلية كما قرره شيخ الإسلام إبن تيمية

فهي إما من الكتاب والسنة وإما من العقل والملاحظة

وحين ننظر إلى النقل (الكتاب والسنة) فبالنسبة لي فلا ارى انه جاء ما يخبر ان الصحابة وغيرهم انهم اهل ضبط ،،، كما انه لم يأتي نقل يقول انهم ليسوا اهل ضبط (اكرر ان هذا رأيي الخاص ولست حتى في مقام طالب علم ورأيي حسب إطلاعي)

اما الأدلة العقلية والإستنتاجات والملاحظات التي تثبت ضبط نقلة الحديث فهي :

الإثبات الأول :

وحين نلاحظ في اي مجتمع فإننا نجد ان افراد الناس لديهم قدرات متفاوته ،،، فمنهم من هو قوي الضبط ومنهم من هو ضعيفه

وهذا امر ملاحظ في كل مجتمع وفي كل بلدة وفي كل قرية

ومجتمع الصحابة مثله مثل غيره من المجتمعات فملكاتهم ليست متساوية كما ان مجتمع الصحابة ومن بعدهم لا يقول عاقل انه خالٍ من اهل الضبط ،،، لأن من يقول انه خالٍ من اهل الضبط والإتقان فقد خالف امرا طبيعيا معلوما بالضرورة ،، وعلى من يقول ذلك ان يثبت بدليل ذا قوة كبيرة تتناسب ومقدار مخالفته لما هو معروف من الحقائق حتى يمكن قبول قوله

وإننا نرى ان الصحابة وغيرهم في ذلك الزمن انهم حفظوا الأشعار وحفظوا الخطب وما قيل وحفظوا القرآن وغير ذلك ،، بل إننا نرى ان العرب برعوا في حفظ الكلمات والقصائد والخطب بشكل ظاهر عليهم وربما كان فيهم اظهر من غيرهم من الأمم

فيتضح من ذلك ان من شكك في ضبط الصحابة ومن بعدهم ان عليه هو الدليل لأنه يخالف الطبيعة البشرية ويخالف القوانين الطبيعة وماهو متعارف عليه وما هو مشاهد ،، كما ان زعمه يخالف النقولات الضخمة التي جاءت عبر حفظ الحفاظ وضبطهم

نرى القصائد التي نقلها الناقلون من العصر الجاهلي انها تتفق في نسقها وترتيبها والفاظها ومعانيها إلا من شيء طفيف كإختلاف لفظ او تقديم بيت ،، علما ان هذا له ما يبرره فلربما كان بسبب ان الشاعر ذاته قال قصيدته ثم القاها في مناسبة ثم ظهر له ما هو افضل فعدل إليه فألقاها في مكان آخر بالتعديل

فما الذي يجعل بعض المشكيين يعتقدون خلو العرب من ملكة الحفظ والضبط رغم ثبوت براعة العرب في ذلك في ملكة الحفظ والضبط ؟

الإثبات الثاني :

إننا نرى ان اهل الحديث والجرح والتعديل قد ميّزوا من نقل إلينا الأحاديث إلى من له ملكة قوة الضبط ومن خف ضبطه ومن كان سيء الضبط

وهذا يدل على معرفتهم بهذا الأمر فلو كان كلهم ذوي ضبط قوي لما كان هذا التقسم ولو كانوا كلهم ذوي ضبط ضعيف لما كان هذا التمييز

وهذا من الدلالات التي تتوافق والقوانين الطبيعية في ملكات البشر وإختلافها ،، ومن ظن ان كل رواه الحديث ضعيفي الضبط فقد جاء بما يخالف طبيعة البشر ،،، ويثبت بذلك خطاه ،،، ومن ظن انهم كلهم ذوي ضبط قوي فقد خالف طبيعة البشر ويثبت بذلك خطأه ،،، واما من رأى انهم فيهم من ضبطه قوي ومن ضبطه اقل فقد إتفق وطبيعة البشر وهذا لا نطالبه بدليل ولكن نطالب الدليل بمن يقول بخلافه

الإثبات الثالث :

إننا نرى ان هناك من الأحاديث ماهو متواتر عن عدد من الرواة في كل طبقة ،، ثم إننا نجد ان هذه الأحاديث متفقة في لفظها ومعناها ،،، مما يؤكد ان رواة تلك الأحاديث ذوي ضبط قوي يشهد لهم تواترهم

وبعد ذلك نرى ان من يطلب إثبات ضبط رواة الأحاديث وإلا فإنه سيطعن في نقلهم إلا إن اثبتنا له فهذا امره مكشوف وهو كمن يطلب إثبات على النهار ،، وقديما قال الشاعر :

وليس يصح في الأذهان شيء = إذا احتاج النهار إلى دليل

اقتباس:   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كن داعيا.

شكرا للعضو المجتهد جاسمكو على قذائفه

ولي إضافة يسيرة وهي أقول لهذا الرافضي الذي يظن أنه سيشككنا في ضبط الصحابة أقول: والله يمكن أن نشك في ضبطنا نحن لكن لا يمكن أبدا أن نشك في ضبط الصحابة رضي الله عنهم ولا مثقال ذرة.

ثم إن ضبط الصحابة رضي الله عنهم وعدالتهم أمر مفروغ منه، فهم قد جازوا القنطرة وعلماء الحديث حين وضعوا هذه الضوابط لم يضعوها كي يعرفوا هل الصحابة ضباط أو لا، إنما وضعوها حين كثر الكذب ودخل الدخلاء! لذا لا تجد في كتب المصطلح: الصحابي فلان ثقة صدوق، أو يهم، أو يخلط، حتى لو لم يكن له إلا حديث واحد أو لم يروِ شيئا فكونه صحابي هذه أعظم تزكية خذ مثالا:

عمرو بن الأحوص الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة صحابي له حديث في حجة الوداع عمرو بن أمية بن خويلد بن عبد الله أبو أمية الضمري صحابي مشهور أول مشاهده بئر معونة بالنون مات في خلافة معاوية رضي الله عنه. تقريب التهذيب

ما رأيك؟؟؟؟؟؟

ثم: ما الدليل على أنك عاقل؟؟ أقسم بالله جوابك على هذا السؤال يحمل جوابا لك على مسألة ضبط الصحابة رضي الله عنهم. وإلا فنحن لسنا بحاجة لنثبت ضبطهم رضي الله عنهم وأرضاهم

الرافضة طعنوا في صحة القرآن و وقالوا عنه محرف فماذا يتوقع ممن يطعن في القرآن ويكفر كل الصحابة الا 3

أضف تعليق